“جريمة مراكش” والأخبار الملفقة .. تغريدة العثماني وتورّط السكاكي

5 نوفمبر 2017آخر تحديث :
“جريمة مراكش” والأخبار الملفقة .. تغريدة العثماني وتورّط السكاكي

نقلا عن موقع هسبريس ( بث تجريبي )

من المؤكد أن جريمة مراكش كانت مختلفة، فصوت الرصاص الحيّ ليس مما تعوّد عليه الناس في المغرب. وأنْ يرديَ هذا الرصاص شخصا ويجرح آخرين، أمام عيون العشرات، فهو أمر نادرٌ جدّا.

وبقدر ما ترك في نفوس كثيرين هلعا وخوفا، خلّف في نفوس آخرين لهفة للتسابق على نقل أخبار الجريمة وما وراءها، حتى لو كانت لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة.

وإن كانت مصالح الأمن لم تعلن عن إيقاف مشتبهٍ فيهم سوى يوم الجمعة صباحا، فإن هناك من استبق الأمر وأعلن عن إيقافهم مساء يوم وقوع الجريمة ذاته، بينما قرر صحافي هولندي أن يدخل على الخط أيضا ويعلن عن هروب المشتبه بهما خارج أرض الوطن نحو هولندا، في حين نقل آخرون تسجيلات صوتية قيل إنها لمكالمة هاتفية بين الفاعلين ومالك المقهى المستهدف بجريمة القتل والناجي منها.

آخرون قرروا أن ينقلوا مسقط رأس الراحل إلى مدينة بني ملال، ناشرين صورا تفيد بإقامة مراسيم الجنازة هناك، بينما دفن الراحل بمدينته الأم مراكش.

صورة طريفة أخرى نشرتها بعض المواقع على صفحاتها كاتبة أن الكاميرات التقطتها للمشتبه فيها قبل ارتكاب الجريمة، تظهر “الفاعلين” المفترضين وهما يقفان بكل فخر لالتقاط الصورة، التي كانت طبعا بجودة عالية.

بعض المواقع ارتأت أن تروج أن أشرف السكاكي، المحكوم عليه بـ12 سنة في سجن سلا، هو المحرض على العملية، بينما تقول المصادر الموثوقة المقربة من التحقيقات إن المحرض ينتمي إلى عصابة تنشط في الاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال، ومعظم أعضائها من هولندا وأمريكا اللاتينية، دون أن يكون لها أي علاقة بمجموعة بلجيكا التي تضم المعني بالأمر.

ولم يسلم رئيس الحكومة نفسه من دخول خط السباق في نقل الأخبار المتهافتة؛ إذ نشرت صفحته على “تويتر” خبر القبض على الفاعلين لحظات فقط بعد الجريمة، قبل أن تعود وتنفي الخبر، بينما الحقيقة أن القبض على الفاعلين المفترضين لم يتم سوى اليوم السبت صباحا.

الكاتب والإعلامي أحمد إفزارن اعتبر، في رأي أدلى به لهسبريس، أن ما حدث “يقرع من جديد ناقوس الإشاعة في بلدنا، بكل ما تجسده من مخاطر نفسية واجتماعية واقتصادية وإنسانية وغيرها، بل إن هناك حروبا كثيرة اندلعت في العالم على أساس أخبار كاذبة”.

واعتبر إفزارن أن الإشاعات الشبيهة “قد تأتي أيضا من شركات، في سياق الحرب التجارية، ومن أفراد في إطار تصفية حسابات، بل حتى من أحزاب، وبعض مؤسسات الدولة، وعندما نترجم هذه الإشاعات وغيرها إلى أرقام، نجد أن تكاليفها كبيرة، اقتصاديا وبشريا، ومن حيث سمعة البلد”.

وأضاف المتحدث: “إذا أردنا فعلا الابتعاد عن الإشاعات، وما تمثله من مخاطر على توازناتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فعلينا بتنفيذ الحق في المعلومات، ومحاسبة الدولة نفسها محاسبة قانونية إذا سربت إلى المواطنين أخبارا كاذبة”.

واعتبر صاحب الجريدة الطنجاوية الأشهر سابقا “الخضراء الجديدة” أن الحل للحد من هذا الإسفاف الإعلامي لن ينتهي سوى بإصدار قانون الحق في المعلومات، “حتى لا تكون المعلومات الرسمية سببا في إشاعة أخبار كاذبة تقود إلى تحليل كاذب واستنتاج كاذب”، مطالبا بالإكثار من الوكالات الإخبارية بالمملكة، تضم إعلاميين يفرقون بين الخبر والرأي، “كي لا تكون وكالة المغرب العربي للأنباء هي المصدر الوحيد للأخبار الرسمية”.

بدون هذه الحلول، يضيف إفزارن، “سنبقى متخبطين في ملعب توزيع التهم: الحكومة تكذب، والصحافة تؤدي الثمن، والمواطن يقع في تضليل، والبلاد كلها تؤدي الفواتير”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق