أدى تفشي وباء «كورونا» (كوفيد 19) إلى تدني الأجور في العالم في النصف الأول من العام الجاري ومن المتوقع أن يشكل «ضغطا شديدا للغاية» على مستويات الأجور على المدى القريب، وفق تقرير نشرته، اليوم الأربعاء، منظمة العمل الدولية، محذرة من أن عواقب الوباء ستستمر «على المدى البعيد».
ويشهد العالم، منذ شتنبر الماضي، موجة تفش ثانية للجائحة التي تسببت بأكثر من 1.46 مليون وفاة منذ نهاية دجنبر 2019، ما دفع دولا عدة إلى فرض إغلاق تام يلحق ضرراً باقتصاداتها.
وكشف تقرير المنظمة حول الأجور في العالم في النصف الأول من العام الجاري، عن “ضغط تنازلي على مستوى أو معدلات نمو متوسطات الأجور في ثلثي الدول” التي تتوافر بيانات حديثة بشأنها.
وأوضحت المنظمة أنه “في الدول الأخرى ارتفع متوسط الأجور بشكل مصطنع إلى حد بعيد، عاكسا التسريحات الواسعة النطاق التي طالت العمال من ذوي الأجور المتدنية”.
وتابع التقرير “من المتوقع في مستقبل قريب أن تؤدي عواقب أزمة (كوفيد ـ 19) على الاقتصاد والوظائف إلى ضغط هائل يدفع في اتجاه تدني الأجور”، داعيا إلى اعتماد سياسات مناسبة ومتوازنة على صعيد الأجور، يتم وضعها في إطار حوار اجتماعي معمق وشامل لجميع الأطراف بهدف احتواء مفاعيل الأزمة ودعم الانتعاش الاقتصادي.
وأظهر التقرير أن الأزمة لا تنعكس بشكل مماثل على الرجال والنساء، بل تطال عواقبها النساء “بشكل غير متوازن”.
ولفت التقرير استنادا إلى بيانات 28 بلدا أوروبيا إلى أنه إذا ما حذفت الإعانات لدعم الأجور، فإن مجموع الأجور الإجمالي تراجع بـ6.5 في المائة بين الفصلين الأول والثاني من 2020، تتوزع على 8.1 في المائة للنساء و5.4 في المائة للرجال، مبررا هذا الفارق بأنه «ناجم بصورة خاصة عن خفض ساعات العمل».
كذلك طالت الأزمة بشكل غير متناسب العمال ذوي الأجور المتدنية، فزادت من التباين في الأجور بحسب منظمة العمل الدولية. وفي بعض الدول الأوروبية “كان نصف العمال سيخسرون حوالى 17.3 في المائة من أجورهم لولا إعانات الأجور”، فيما تتراجع هذه النسبة إلى 6.5 في المائة بالنسبة لمجمل العمال.
لكن المنظمة لفتت إلى أن “إعانات الأجور الموقتة التي تم إقرارها أو تمديدها للحفاظ على الوظائف «أتاحت للعديد من الدول أن تعوض جزئياً تراجع مجموع الأجور وتخفف حدة انعكاسات الأزمة على التباين في الأجور”.
ورأى التقرير استنادا إلى عينة من 10 دول أوروبية تتوافر بيانات بشأنها، أن إعانات الأجور سمحت بـ “تعويض 40 في المائة من الخسائر على صعيد مجموع الأجور الإجمالي”.
كما أفادت المنظمة بأن 90 في المائة من دولها الأعضاء الـ187 تعتمد أنظمة حد أدنى للأجور بأشكال شتى، سواء كانت بحكم القانون أو نتيجة مفاوضات. لكنها أشارت إلى أن 266 مليون موظف في العالم يتقاضون أجورا أقل من الحد الأدنى المعتمد لكل ساعة عمل، إما لأنهم لا يحظون بتغطية القانون، وإما بسبب عدم احترام القوانين.
وشدد المدير العام لمنظمة العمل الدولية غير رايدر في مؤتمر صحافي عبر الفيديو على أن اعتماد حد أدنى للأجور مناسب من شأنه الحد من الفوارق والفقر والمساهمة بشكل كبير في انتعاش اقتصادي محوره الإنسان.