عرفت الندوة التي جمعت خبراء وباحثين بفضاء النسيج الجمعوي في وجدة، أول أمس الجمعة، نقاشات حيوية حول دور الرياضة كرافعة للتنمية والتطور.
أجواء اللقاء كانت مشحونة بالحيوية، حيث تبادل الحضور الآراء والخبرات حول التحديات والفرص التي تواجه القطاع الرياضي على المستويات التقنية والإعلامية والبنية التحتية. وجاء ذلك في حضور والي جهة الشرق وعامل عمالة وجدة أنجاد، محمد عطفاوي، إلى جانب صفاء خربوش نائبة رئيس مجلس الجهة، ومحمد العزاوي رئيس جماعة وجدة، ولخضر حدوش رئيس مجلس عمالة وجدة أنكاد، فضلا عن ثلة من الخبراء والفاعلين في الشأن الرياضي والإعلامي.
وفي كلمته الافتتاحية، شدد رئيس جمعية رياضة وصداقة، جمال الدين خلفاوي، على أهمية تنظيم مثل هذه اللقاءات التي تروم ترسيخ ثقافة رياضية متقدمة، واعتماد الرياضة كقاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بجهة الشرق.
وتميز النقاش حول محور الذكاء الاصطناعي، بتأكيد المتدخلين على أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبحت جزءا أساسيا من ممارسة الرياضة الحديثة، من تحليل البيانات الضخمة إلى أنظمة مراقبة الأداء اللحظي، مؤكدين على ضرورة إدماج هذه الابتكارات في برامج التكوين والممارسة الرياضية.
وقدم الوزير السابق والأستاذ الجامعي، مولاي إدريس العلوي المدغري، رؤية شمولية حول التحول الرقمي في الرياضة، مبرزا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية مساعدة، بل أصبح جزءا من صلب الممارسة الرياضية الحديثة. وأوضح أن تحليل البيانات الضخمة، والنماذج التنبؤية، وأنظمة مراقبة الأداء اللحظي باتت أدوات تعيد رسم طريقة التدريب وصناعة القرار لدى المدربين والأطر التقنية.
أما بالنسبة للإعلام الرياضي، فقد كان النقاش معمقا حول الحاجة إلى رفع مستوى المهنية والجودة، وإعادة بناء الآليات الإعلامية لمواكبة التحولات الرقمية، مع التأكيد على أهمية الإعلام التحليلي الذي يعزز فهم السياسات الرياضية بدل الاقتصار على متابعة النتائج فقط.
وبخصوص البنيات التحتية، ركز المشاركون على أهمية تطوير المنشآت الرياضية بما يتوافق مع المعايير الدولية، وخلق مشاريع جديدة عبر شراكات مبتكرة، مع الإشارة إلى دور التعاون الدولي في نقل الخبرات وتسريع نهضة القطاع. كما تناول النقاش موضوع التمويل المستدام والحكامة الجيدة كشرط أساسي لإنجاح أي مشروع رياضي طويل الأمد.
وشدد عبد المالك لهبيل على أهمية البنيات التحتية باعتبارها حجر الزاوية في أي مشروع رياضي طموح.
وأوضح أن تطوير المنشآت الحالية وملاءمتها مع المعايير الدولية، إلى جانب إحداث مشاريع رياضية جديدة عبر شراكات مبتكرة، يشكلان أساسا لجذب الاستثمارات وتنظيم التظاهرات الكبرى. كما اعتبر أن الانفتاح على التعاون الدولي ضروري لتسريع نقل الخبرات والنماذج الناجحة.
وعكست الندوة، التي أشرف على تسييرها الكاتب والإعلامي والبحث محمد برادة، روح التفاعل والجدية بين الحاضرين، الذين لم يكتفوا بعرض الأفكار، بل شاركوا في رسم معالم رؤية جهوية متكاملة للنهوض بالرياضة، تجمع بين الابتكار التقني، الإعلام المسؤول، والاستثمار المستدام، في إطار تكاملي يربط بين الجهات الرسمية والخبرات الوطنية والدولية.
وقد خلص البيان الختامي الصادر عقب انتهاء أشغالها إلى الخروج بعدة توصيات، والتي أكدت أبرزها على أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الأداء الرياضي وتحسين جودة التكوين، والدعوة إلى إنشاء منصات رقمية خاصة بالأندية والجمعيات الرياضية لتعزيز التواصل وتتبع مسار الرياضيين.
كما تضمنت “اقتراح تنظيم دورات تكوينية لفائدة المدربين والحكام في مجال التحليل الرقمي وعلوم البيانات”، و”تشجيع التعاون بين الجامعات والمؤسسات الرياضية لإنتاج مشاريع بحثية تطبيقية تقدم حلولا مبتكرة”.
وفيما يعلق بمحور “الرياضة والإعلام”، شددت التوصيات على “ضرورة الارتقاء بالممارسة الإعلامية الرياضية على مستوى المهنية، الموضوعية، وأخلاقيات المهنة”، و”دعم المبادرات الإعلامية الهادفة إلى إبراز الكفاءات الرياضية المحلية وتعزيز الثقافة الرياضية لدى الجمهور”، بالإضافة إلى “تعزيز قنوات التواصل بين الأندية والوسائط الإعلامية لتوفير المعلومة الدقيقة من مصدرها”، و”دعوة وسائل الإعلام إلى مواكبة الدينامية الرياضية ببرامج تحليلية وتغطيات معمقة”.

















