أضحى المغرب في السنوات الأخيرة رقما صعبا في مجال كرة القدم العالمية بفضل مشروع متكامل، وتخطيط استراتيجي طويل المدى، أثمر من خلال مجموعة من المحطات العالمية، لعل أحدثها إنجازات المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة في نهائيات كأس العالم ،الجارية أطوارها في الشيلي، حيث يواصل “أشبال الاطلس” تسلق سلم المجد الرياضي ببلوغهم المربع الذهبي في انجاز كان للمواهب الكروية المغربية في بلاد المهجر أثر ملموس في تحقيقه.
ويجمع المراقبون للمشهد الكروي في المملكة على أن الجالية المغربية في الخارج كانت وستظل خزانا لا ينضب من المواهب الكروية بفضل تعدادها الكبير في مختلف الدول الأوربية مما يتيح أمام الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قاعدة انتقاء واسعة من المواهب التي تلقت تكوينها في مدارس كروية رائدة مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا، لكن قلوبهم تنبض بحب المغرب، الوطن الأم.
والواقع، أن اختيار المواهب الصاعدة اللعب للمنتخب الوطني و في مختلف فئاته العمرية بدلا عن منتخبات بلدان المنشأ، هو اختيار نابع من القلب يعكس بالملموس مدى ارتباط مغاربة العالم بهويتهم الوطنية، سيما وأن ملحمة مونديال قطر 2022 أظهرت مدى التعلق القوي للشباب في ديار المهجر بهويتهم المغربية وتشبتهم بجدورهم وقيمهم الوطنية والأسرية والدينية.
يانيس بن الشاوش: على خطى ياسين بونو
اختار يانيس بن الشاوش تمثيل المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، حيث تلقى دعوة للانضمام إلى الفريق بعد تألقه مع شبان نادي موناكو، خلال موسم 2023-2024، حيث شارك في 9 مباريات، استقبل 13 هدفا، وحافظ على شباكه نظيفة في 3 مباريات، وينظر إليه كموهبة واعدة بفضل أدائه المميز، مع توقعات بمستقبل كبير إذا واصل العمل والتطور.
صاحب 17 ربيعا معروف بردود فعل سريعة، تمركز جيد، وثقة عالية في التعامل مع الكرات العالية. ويعتبر حارسا واعدا بفضل لياقته البدنية وقدرته على قراءة المباراة. يُنظر إلى يانيس كموهبة صاعدة في حراسة المرمى، مع توقعات بأن يصبح أحد النجوم في الدوريات الأوروبية إذا واصل تطوره، وقد يحصل على فرصة مع الفريق الأول لموناكو أو ينتقل إلى نادٍ آخر لكسب خبرة أكبر.
إسماعيل باعوف: صمام أمان دفاع المنتخب
نال إسماعيل باعوف (19 سنة)، الذي يلعب حاليا لفريق كامبور ليواردن في القسم الثاني بهولندا قادما من نادي أندرلخت البلجيكي العريق، إشادة كبيرة من قبل الجماهير بعد المستويات القوية التي قدمها خلال بطولة أمم أفريقيا في مصر ونهائيات كاس العالم الجارية في الشيلي، حيث برز بقدرته الهائلة على الفوز بالصراعات الثنائية بجانب إمكاناته الكبيرة في عملية بناء الهجمة من الخلف، مما جعله محل إشادة كبيرة من قبل الملاحظين.
موهبة باعوف الفدة جعلت منصة “سوفاسكور” العالمية المتخصصة في الإحصائيات الرياضية، تختاره ضمن التشكيلة المثالية لمنافسات دور ثمن نهائي بطولة كأس العالم لأقل من 20 سنة بالشيلي، في الوقت الذي لم يخف مدربه هانك دي يونغ إعجابه الكبير به قائلا “هذا الفتى مميز حقا. في نظري، هو من بين أفضل المدافعين في العالم في فئته العمرية. ونحن محظوظون بوجوده معنا”.
ياسين جسيم: صانع اللعب من طينة الكبار
برز إسم ياسين جسيم كأحد ألمع المواهب الشابة التي تجمع بين الجذور المغربية والتكوين الأوروبي. فالشاب البالغ من العمر 19 سنة، المولود في فرنسا لأبوين مغربيين، أصبح حديث الوسط الرياضي بعد تألقه الاستثنائي في كأس العالم تحت 20 سنة، حيث ساهم في بلوغ أشبال الاطلس المربع الذهبي، واختير أفضل لاعب في مباراتي إسبانيا والبرازيل.
العروض المبهرة التي قدمها جسيم، لاعب فريق دانكيرك ( القسم الثاني الفرنسي)، والذي تبلغ قيمته التسوقية حاليا قرابة 2 مليون يورو، أضحت بحسب وسائل اعلام أوربية محط اهتمام الأندية الاوربية الكبيرة في مقدمتها مارسيليا وأرسنال ودورتموند،ذلك أن قدمه اليسرى الساحرة تنمحه ميزة في المراوغة والتسديد والتمرير من زوايا ضيقة.
عثمان معما: الجناح الطائر
يُعد عثمان معما، صاحب 19 ربيعا، واحدا من أبرز المواهب المغربية الصاعدة في أوروبا، بعدما تدرج في مختلف فئات مونبلييه الفرنسي وصولا إلى الفريق الأول، وهو الآن يطمح لأن تكون تجربته الإنجليزية في نادي واتفورد بوابة نحو التألق الدولي ولفت أنظار الناخب الوطني وليد الركراكي في أفق المنافسات القارية المقبلة.
يتميز معما، المنحدر من أسرة رياضية بالخميسات، بسرعته ومهارته العالية وقدرته على استخدام كلتا القدمين في المراوغة والتسديد والتمرير. وأثبت ذلك من خلال تسجيل واحد من أجمل الأهداف في كأس العالم للشباب المقامة في تشيلي، وذلك خلال مواجهة “أشبال الأطلس” أمام البرازيل برسم الجولة الثانية من دور المجموعات، وأختير أمس الاحد رجل المباراة في المواجهة التي حسمها أشبال الاطلس أام المنتخب الأمريكي (3-1).
ويأتي تألق المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، والذي هو مزيج من خريجي أكاديمية محمد السادس والنوادي المغربية والاوروبية، كدليل على أن كرة القدم المغربية تمتلك مخزونا واعدا من اللاعبين الشباب القادرين على كتابة فصول جديدة ومتواصلة من تألق وإشعاع كرة القدم المغربية قاريا وعالميا.