يعد سد “فاصك”، الذي يتموقع على بعد 30 كلم شرق مدينة كلميم، والذي يستقبل حاليا الحمولات المائية على مستوى واد الصياد، مشروعا واعدا سيعطي دينامية قوية للقطاع الفلاحي بالمنطقة.
وتعد هذه المنشأة المائية، التي انتهت أشغال إنجازها في مارس 2024، من المشاريع الاستراتيجية الكبرى للمملكة، والتي تندرج في إطار برنامج التنمية المندمجة لجهة كلميم-وادنون، الموقع أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمدينة الداخلة سنة 2016.
كما تأتي هذه المنشأة في إطار تنزيل الرؤية المتبصرة والاستشرافية لجلالة الملك الرامية إلى مواصلة استراتيجية بناء السدود، وتعزيز التدبير الرشيد للموارد المائية بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
ويروم سد “فاصك”، الممتد على مساحة 628 هكتارا بالجماعة الترابية فاصك، والذي يعد من بين أكبر السدود على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ بطاقة استيعابية تناهز 79 مليون متر مكعب، تزويد الفرشة المائية المتواجدة سافلة السد، وسقي الأراضي الزراعية بحوض يفوق 10 آلاف هكتار، وتقوية التزود بالماء الصالح للشرب لمدينة كلميم والمراكز المجاورة، وكذا الحماية من الفيضانات وخاصة التجمعات السكانية المتواجدة بضفاف الأودية، فضلا عن تعزيز العرض المائي على مستوى حوض كلميم.
ويأتي إحداث هذه المنشأة المائية، التي بلغت كلفة إنجازها 1.5 مليار درهم، في ظل الظروف المناخية الراهنة التي يشهدها المغرب، لاسيما مع توالي سنوات الجفاف، وندرة التساقطات المطرية، والتغيرات المناخية، وكذا تزايد الطلب على الماء الصالح للشرب ومياه السقي.
وستكون لهذه المعلمة المائية الهامة انعكاسات سوسيو- اقتصادية جمة على المنطقة على اعتبار أنها ستوفر إمكانية تطوير المشاريع الصغيرة للري، وحماية المناطق المتواجدة بالسافلة من الفيضانات، وتغذية الفرشة المائية، وتمكين الفلاحين من تنويع منتوجاتهم الفلاحية عن طريق سقي أزيد من 10 آلاف هكتار من الأراضي الفلاحية، فضلا عن خلق تنوع بيئي مهم، وتوفير نقطة جذب للاستثمارات الفلاحية والسياحية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح مدير وكالة الحوض المائي لدرعة واد نون، يوسف بنحمو، أن جهة كلميم واد نون شهدت إنجاز العديد من المشاريع المائية المهمة، منها سد “فاصك” الذي يعد من أكبر السدود على مستوى الأقاليم الجنوبية، مضيفا أن هذه المعلمة المائية الضخمة التي ش ي دت على مستوى واد الصياد، ستساهم في تعزيز البنية التحتية للموارد المائية بالجهة عبر تطعيم الفرشة المائية.
وأضاف أن هذا السد ساهم، منذ الشروع في استغلاله في شتنبر 2024، بشكل كبير في تحسن مستوى المياه الجوفية، مشيرا إلى أن هذه المنشأة المائية، التي تتجاوز نسبة الملء بها حاليا 6 بالمائة؛ بما يعادل حجم مخزون بنحو 5 ملايين متر مكعب، ستساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية بالمنطقة من خلال دعم الفلاحة التسويقية.
وإلى جانب سد “فاصك”، وكذا سد “تويزكي” بإقليم أسا-الزاك، الذي يعد سدا من الحجم الكبير (78 مليون متر مكعب) أ نجز سنة 2008، تواصل وكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، بشراكة مع الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع بجهة كلميم وادنون، إنجاز مجموعة من السدود الصغرى في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027.
وتهدف هذه السدود، يضيف بنحمو، إلى تعزيز البنية التحتية المائية بالجهة، وتوفير المياه للسقي، وتوريد الماشية، وتأمين التزود بالماء الصالح للشرب، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تمكن هذه السدود التي توجد في مراحل متفاوتة من الإنجاز (بين 20 و100 بالمئة)، من تعبئة ما يفوق 42 مليون متر مكعب من المياه السطحية موزعة على مختلف أقاليم الجهة (كلميم، سيدي إفني، طانطان، أسا-الزاك).
وأبرز أنه، من المنتظر، أن تساهم هذه السدود بعد الانتهاء منها، في رفع الطاقة الاستيعابية الإجمالية على مستوى الجهة إلى ما يناهز 200 مليون متر مكعب.
وفي تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء، عبر عدد من الفلاحين عن سعادتهم بإحداث هذا المشروع الضخم بالمنطقة، بالنظر لأهميته الحيوية وما سيكون له من تأثير إيجابي على الأنشطة الفلاحية والحفاظ على الفرشة المائية الجوفية.
وقال محمد دامبا، وهو فلاح من جماعة فاصك، إن هذا السد سيعود بالنفع على المنطقة وسيساهم في تنميتها وتحسين مستوى عيش الساكنة سواء من حيث سقي الأراضي الفلاحية أو التزويد بالماء الصالح للشرب أو تقوية الفرشة المائية.
من جهته، أكد محمد مناط، وهو أيضا فلاح بالجماعة نفسها، على أهمية هذا المشروع الذي سيساهم في تغذية الفرشة المائية والتزود بالماء الشروب، وكذا خلق مشاريع فلاحية بالمنطقة.