المغرب/المملكة المتحدة.. تموقع استراتيجي جديد

21 يوليو 2025آخر تحديث :
المغرب/المملكة المتحدة.. تموقع استراتيجي جديد
عبد الغني عويفية (و.م.ع)///

شهدت العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة، هذه السنة، منعطفا استراتيجيا تجسد في دعم لندن للمخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، والذي يعد ثمرة رؤية ملكية مكنت الدبلوماسية المغربية الفاعلة من إقناع العديد من البلدان بعدالة القضية الوطنية الأولى.

وقد عبر عن هذا الدعم وزير الشؤون الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الذي أكد خلال زيارته للرباط في فاتح يونيو الماضي على أن مخطط الحكم الذاتي هو “الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية لتسوية دائمة” للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.

وللبرهنة على أن هذا الدعم لم يكن مجرد إعلان نوايا، بل تموقعا استراتيجيا جديدا يرتكز على حقيقة تتجاوز أي مزايدة وحسابات ضيقة، أكد رئيس الدبلوماسية البريطانية أن المملكة المتحدة ستواصل عملها على الصعيد الثنائي، بما في ذلك المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، قصد دعم تسوية هذا النزاع الإقليمي، وهو التزام واضح لا لبس فيه، يتماشى تماما مع عقيدة “الواقعية التقدمية”، التي يدعو إليها رئيس الدبلوماسية البريطانية.

وبعد مرور يومين فقط على زيارته إلى الرباط، جدد لامي أمام مجلس العموم، الغرفة السفلى لبرلمان ويستمنستر، تأكيد دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي المغربي، مؤكدا أنه “بفضل التزام دولي متجدد، تتاح أمامنا فرصة” للمضي قدما نحو تسوية نهائية لنزاع مصطنع يرهن منطقة شمال إفريقيا برمتها.

فالقرار البريطاني، الذي تنضم من خلاله المملكة المتحدة إلى القوى العالمية الأخرى، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، يجسد، بحسب متتبعي الشأن السياسي والمحللين، نجاعة المقاربة الملكية، التي يتم تنزيلها بحكمة، مما مكن الدبلوماسية المغربية من تحقيق اختراقات لمسارات غير معتادة للدفاع عن الحقوق المشروعة للمغرب وعن مصالحه العليا.

وفي المملكة المتحدة، حيث تعالت أصوات داخل البرلمان وفي مراكز التفكير المرموقة تدعو إلى تموقع استراتيجي جديد للموقف البريطاني، كان صدى قرار الحكومة، التي يقودها حزب العمال، لافتا.

ورحبت الطبقة السياسية، بجميع توجهاتها، بالخطوة التي قطعتها حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر، في الاتجاه الصحيح.

وفي هذا الصدد، صرح بن كولمان، المبعوث التجاري لستارمر إلى المغرب وغرب إفريقيا، لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء في لندن، بأن دعم مخطط الحكم الذاتي يمثل “خطوة في الاتجاه الصحيح”. وقال إن “ذلك سيفتح عهدا جديدا في العلاقات بين بلدينا، والتي كانت دائما وثيقة”.

ورأى العديد من النواب عن حزب العمال وحزب المحافظين، حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، في الدعم البريطاني تطورا سيضفي المزيد من العمق على علاقة التعاون المغربية – البريطانية، المتجذرة في التاريخ والمتطلعة بحزم نحو المستقبل.

واعتبر نواب، على غرار جو باول عن حزب العمال، أن هذا الموقف هو إشارة على الثقة في دور المغرب كقوة للسلام والاستقرار ومحرك للتنمية.

من جهته، أشار ليام فوكس، النائب عن حزب المحافظين الذي شغل العديد من المناصب الوزارية، إلى أن المنعطف الذي جسده القرار البريطاني يمثل، أيضا، اعترافا بالريادة الملكية التي ترسم، بحسبه، “الطريق الذي يتعين اتباعه لتحقيق اختراق حتى في أكثر البيئات السياسية صعوبة”.

ويرى توماس رايلي، السفير البريطاني السابق، من جانبه، أن دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي يشكل “لحظة مفصلية” في شراكة مغربية – بريطانية أضحت متحررة وجاهزة لاقتحام آفاق جديدة.

وهكذا، أعيد إطلاق علاقة الصداقة، التي تعود إلى أزيد من 800 عام بين مملكتين عريقتين، على أسس جديدة وسليمة ومتينة، كما تشهد على ذلك الالتزامات التي تعهدت بها الرباط ولندن في البيان المشترك، الذي أكد الدعم البريطاني لمخطط الحكم الذاتي.

وبفضل رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، فإن المغرب والمملكة المتحدة، اللذان لا تستغرق الرحلة الجوية بينهما سوى ثلاث ساعات، ويتقاسمان العديد من أوجه التقارب الحضارية والثقافية، يتطلعان نحو المستقبل، من خلال شراكة مستدامة وفق منطق رابح-رابح.

وكان أليستير بيرت، الوزير البريطاني السابق المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محقا، عندما أكد في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن البلدان، في مثل هذه الأوقات المطبوعة بعدم اليقين، تلجأ إلى الأصدقاء والشركاء الموثوقين.

وقال إن “المغرب، تحت القيادة الملكية المتبصرة، ليس مجرد شريك. إنه فاعل مؤثر وصوته مسموع، وهو في وضع جيد ليقدم أجوبة فعالة للمشاكل التي يواجهها العالم الذي نعيش فيه”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق