دعا تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، إلى ابتكار طرق وآليات مبتكرة لتسويق المنتوج السياحي، وإضفاء الطابع الاحترافي على مختلف الاستراتيجيات التسويقية السياحية.
وتضمن التقرير، الذي تمت مناقشته خلال الجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية بمجلس المستشارين، التي انعقدت اليوم الثلاثاء بحضور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، مجموعة من التوصيات التي همت الجوانب المتعلقة بتنمية السياحة الجهوية، وتطوير المنتوج، والاستثمار والتمويل، والترويج وتسويق الوجهات، والتنمية المستدامة، والرأسمال البشري، وتنافسية نسيج الفاعلين، والحكامة والإدارة.
وأوصى التقرير بالترويج بطرق مبتكرة للمؤهلات السياحية التي تختزنها المملكة مع الاعتماد أكثر على الرقمنة، وضمان استهداف أفضل للأسواق الواعدة عند الترويج لوجهة المغرب، مؤكدا أهمية استثمار “الاستثناء المغربي” بشكل أكثر مردودية، مع توظيف أكثر نجاعة لمختلف مظاهر الإبداع والتراث الثقافي المغربي ودعم المؤهلات السياحية في هذا الترويج.
كما دعا إلى استثمار المواقع الأثرية والمدن العريقة بشكل أفضل، مع إعادة تأهيلها وتوظيف الخريطة الوطنية للمآثر التاريخية والاهتمام أكثر بالمتاحف، مسجلا الحاجة إلى الالتزام بدورية تنظيم المهرجانات والمواسم الثقافية والفنية الكبرى في نفس الأوقات من السنة، وتنويع مظاهر التنشيط الترفيهي والثقافي.
وسجل التقرير أيضا، أهمية تعزيز العرض السياحي الوطني من خلال عدم التركيز على السياحة الشاطئية فقط، والاهتمام أكثر باستثمار مؤهلات أخرى كالسياحة الرياضية، والثقافية، والدينية، والجبلية، والعلاجية، وسياحة الأعمال والمؤتمرات والتظاهرات الدولية، والسياحة البحرية الترفيهية، مؤكدا أهمية تحفيز السياحة الداخلية، من خلال إجراءات وتدابير تنبني أساسا على دعم السياحة العائلية بامتيازات تفضيلية.
أما فيما يتصل بتأهيل وتعزيز العرض الفندقي والطاقة الإيوائية، فدعا التقرير إلى اعتبار خريطة الطريق 2023/2026، نموذجا متكاملا للتدبير الاستراتيجي للسياحة سواء من حيث منهجية الإعداد، أو مضمون البرامج، أو تعبئة الموارد، أو الوفاء بالالتزامات، مؤكدا ضرورة اعتماد برنامج استعجالي مندمج استعدادا لمواكبة استضافة كأس العالم 2030، بما يكفل تتبع إنجاز الوحدات الفندقية، والمؤسسات الإيوائية، والسهر على ضمان جودة هذا الإنجاز، والالتزام بمواصفات جودة العلامات.
كما حث على تشجيع الاستثمار في المجال السياحي بطرق مبتكرة سواء من خلال تعبئة العقار أو من خلال تيسير سبل التمويل بما ينطوي عليه ذلك من تعبئة مجدية للقطاع البنكي، مبرزا محورية تأهيل الموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي وتكوينها، لاسيما عبر تأهيل المرشدين السياحيين من خلال تطوير برامج من شأنها تقوية مؤهلاتهم اللغوية والمعرفية في كل المجالات المرتبطة بالهوية والحضارة المغربية، والمؤهلات الاقتصادية والسياحية، وتتبع السياسات العمومية الوطنية، وفي كافة المجالات المعرفية، للارتقاء بأدائهم لمهمة الإرشاد السياحي.
وبخصوص تحفيز الإبداع الحرفي ودعم منتوجات الصناعة التقليدية، دعت التوصيات إلى استثمار شهرة العلامات التجارية والحرفية المغربية العريقة، عبر الارتقاء بمرك بات ومعارض الصناعة التقليدية بمختلف الوجهات السياحية، وتوسيع نطاق المشاركة في المعارض الدولية وتيسيرها ودعمها، مبرزة أهمية ضمان تكوين وتأهيل الصانع التقليدي وحمايته، مع مراجعة الإطار القانوني ل”دار الصانع” بما يكفل مراجعة وظائفها وتأهيلها لدعم الترويج للإبداع الحرفي في الخارج وحماية المنتوج المغربي من السطو والتقليد.
وفي معرض تفاعلها مع مضمون التقرير، أشادت مكونات مجلس المستشارين، بالمجهودات التي تبذلها الوزارة لتطوير المنتوج السياحي، وتجويد التدخلات، مشيرة إلى أن أسباب اختيار السياحة كمحور للجلسة السنوية لتقييم السياسات العمومية يكمن في أهمية القطاع في النسيج الاقتصادي الوطني، والرهان الحكومي عليه ليصبح رافعة للتنمية، والحرص على رصد تراكمات تدبير القطاع، إضافة إلى تركيز العمل التقييمي على استعراض جوانب التقدم التي تم إحرازها، والمعيقات التي تمت مواجهتها طوال المرحلة المشمولة بالتقييم.
وتم التأكيد، في هذا السياق، على أهمية توطيد الشراكات مع شركات الخطوط الجوية، لأنها تشكل أحد أبرز المداخل الرئيسية لتطوير والرفع من مردودية القطاع السياحي، بما فيها ذات التكلفة المنخفضة، موصية بدعم وتعزيز النقل والربط الداخلي، بمختلف أشكاله بالنظر لأدواره في تطوير القطاع السياحي.
كما أهاب المستشتارون البرلمانيون في مداخلاتهم بالحكومة ابتكار سياسة ناجعة تتأسس على بلورة شراكات مؤسساتية بين القطاع الوصي والفاعلين في المنظومة السياحية، منوهوين بالنتائج المرحلية “المطمئنة” التي كشفت عنها حصيلة سنة 2023، حيث بلغ عدد الوافدين على المراكز الحدودية، 14.5 مليون سائح، أي ارتفاعا قدره زائد 34 بالمائة، مقارنة بسنة 2022، وزائد 12 بالمائة مقارنة مع سنة 2019، فيما بلغت مداخيل القطاع السياجي بالعملة الصعبة حوالي 105 ملايير درهم خلال سنة 2023، مسجلة ارتفاعا بنسبة زائد 12 بالمائة، مقارنة بسنة 2022 التي سجلت 93,6 مليار درهم، وزيادة قدرها 33 بالمائة مقارنة مع سنة 2019.
من جانبها، وفي معرض تفاعلها مع الملاحظات والتوصيات الواردة في التقرير، نوهت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بمضمون تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية، مشيرة إلى أهدافه التي تروم على المساهمة في تطوير القطاع السياحي.
واستشهدت الوزيرة في هذا الاتجاه بمجموعة من الإجراءات والتدابير والاستراتيجيات التي بلورتها الوزارة للنهوض بالمنتوج السياحي وتجويده، من قبيل إطلاق عدة مبادرات مثل البرنامج الوطني “GO سياحة”، وكذا برنامج “مقاولة سياحية” الذي يقدم الدعم المالي والتقني للشركات السياحية على مستوى الجهات، وبإطلاق البرنامج الحكومي “CAP Hospitality” الذي يقترح آلية تمويل فريدة لإعادة تأهيل الحظيرة الفندقية المغربية.
وفيما يتعلق بالإرشاد السياحي، أفادت المسؤولة الحكومية بتكوين أزيد من 1300 مرشد سياحي، في عدة جوانب تحظى بالأهمية من شأنها مساعدتهم على حسن الاضطلاع بمهامهم، من قبيل تقوية مهاراتهم اللغوية، مبرزة أن الغاية تكمن في الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، وتعزيز الطاقة الإيوائية للفنادق، وبلوغ 26 مليون سائح سنة 2030، وجعل المغرب من ضمن أفضل 15 وجهة بالعالم.