أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، اليوم الثلاثاء بالقاهرة، أن المملكة المغربية جعلت من الوقاية من الفساد ومحاربته أولوية وطنية وأساسا لتحقيق التنمية المستدامة والمدمجة، الكفيلة بالاستجابة للانتظارات المشروعة للمواطنين وصون حقوقهم، أجيالا حاضرة ومستقبلية.
وأوضح الراشدي، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أنه في إطار وضع أسس الانتقال نحو حقبة جديدة من مكافحة الفساد بالمملكة، صادق المشرع المغربي على قانون جد متقدم يوسع صلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الفساد ومحاربته، كهيئة دستورية مستقلة، تتحمل مسؤوليات وضع التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في هذا المجال بجميع أبعادها التربوية والوقائية والزجرية، وكذا الآليات والتدابير الكفيلة بتنفيذها، مع الاشراف والتنسيق وضمان تتبع تنفيدها؛ وصولا إلى تقييم الإنجازات وقياس الأثر، وتقديم الرأي وكل توصية في هذا المجال، مشيرا الى أنه من ضمن صلاحيات الهيئة تدخل معالجة الشكايات والتبليغات والتصدي التلقائي والبحث والتحري في كل فعل فساد قد يصل إلى علمها.
وفي إطار تنزيل هذه الصلاحيات، يضيف رئيس الهيئة، تم فتح عدة أوراش مهيكلة، همت على الخصوص تعميق المعرفة الموضوعية بالفساد ومنابعه وعواقبه، من خلال إنجاز دراسات منهجية وميدانية لتطوير قاعدة معطيات تفصيلية ضخمة، يتم استثمارها، إلى جانب اليقظة المعلوماتية والتكنولوجيات المتقدمة، في بلورة مؤشرات قياس تتوخى الموضوعية والدقة.
وقال، في هذا الاطار، إن الهيئة قامت أيضا بتقييم دقيق للسياسات والمخططات الحكومية المتبعة خلال العقدين الأخيرين، للوقوف على الإنجازات التي وجب تعزيزها، وتحديد مكامن الضعف والعوائق التي حالت دون تحقيق الأهداف المسطرة وترتيب الأثر المتوخى على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين.
وتابع أنه بناء على الدروس المستخلصة من ما يناهز ثلاثين ورشا، سخرت المملكة جهودها نحو تحديد توجهات استراتيجية من جيل جديد، سواء من حيث هيكلتها أو دقة مضامينها أو من حيث إطار حكامتها وتنسيق تنفيذها، الذي ينهض على مبدأ التكامل المؤسسي والارتباط المفصلي بين الأدوار والمسؤوليات.
وشدد على أنه إذا كانت هذه التوجهات الاستراتيجية تتبنى مقاربة متعددة الأبعاد باعتبارها الطريق الذي لا محيد عنه لتحقيق الأهداف المتوخاة، فإنها تأكد على الموقع المركزي للبعد الوقائي داخل هذه المقاربة، مذكرا في هذا الصدد بالندوة الدولية التي احتضنتها الرباط، لجعل الوقاية من الفساد في صلب السياسات التنموية، وبالدورة العاشرة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي شكلت فرصة لإعطاء دفعة جديدة لإعلان مراكش للوقاية من الفساد.
وسجل أن هذه الدورة من المؤتمر تنعقد في ظل سياق دولي يتسم بعدم تحقيق معظم دول العالم تقدما ملحوظا في معالجة الفساد، كما أكدت على ذلك مجموعة من الدراسات والمؤشرات الدولية، مما يدعو إلى المزيد من التعبئة لتطويق هذه الآفة، خاصة بالنظر إلى ما يطرحه تفشي الفساد على المسار التنموي للدول بمختلف تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.
وخلص رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الى أنه من هذا المنظور يعتبر تنظيم هذه الدورة “محطة مهمة تتيح لنا تبادل التجارب والخبرات وأفضل الممارسات من أجل استثمارها لتعزيز تدابير الوقاية من الفساد ومحاربته، وتقوية قدراتنا على تجاوز الإكراهات التي تواجهها بلداننا في هذا الشأن”.
ويناقش المؤتمر، الذي يعرف مشاركة الوزراء والمسؤولين المعنيين بمكافحة الفساد في الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وبحضور عدد من ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، سبل تعزيز العمل العربي في مجال مكافحة الفساد، بالإضافة إلى سرعة التعاون ومشاركة المعلومات ذات الصلة بالفساد، بما يكفل أن لا تكون الدول العربية محطات مرور أو ملاذات آمنة للفاسدين وأموالهم، بالإضافة إلى تعزيز جهود الدول العربية في تجفيف منابع الفساد، من خلال تبادل الخبرات والتجارب في تعزيز التدابير الوقائية للحد من الفساد.
كما يتطرق المؤتمر إلى متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن المؤتمر الرابع للدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، الذي ع قد بالسعودية في عام 2022، ومناقشة تقرير وتوصيات اجتماع اللجنة المكونة من الخبراء الحكوميين للدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
وتستعرض الدورة كذلك بندا حول مشروع تعديل الإطار المرجعي لآلية استعراض تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، ومشروع بروتوكول عربي مكمل للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، يتعلق بالتعاون في مجال استرجاع الأموال المتأتية من الفساد والمهربة إلى الخارج، إلى جانب مقترح لإنشاء آلية لرصد مؤشرات النزاهة في الإجراءات المعمول بها في القطاع العام من خلال تحليل المعلومات المقدمة من الدول الأطراف بالاتفاقية مقدم من دولة فلسطين.
وإلى جانب محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يمثل المغرب في هذا المؤتمر وفد يضم ياسر الشقايري مدير قطب التعاون والتنمية بالهيئة، وعبد العزيز الهواري رئيس شعبة الاتفاقيات بالهيئة، ومصطفى باحدة رئيس مصلحة دعم الأخلاقيات بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ، وعيسى كتب رئيس مصلحة الجرائم الاقتصادية والمالية بوزارة العدل، وعبد السلام الرايسي رئيس قسم القضايا الجنائية والتجارية بالوكالة القضائية للمملكة، وعبد الحميد بكاوي مفتش بالمفتشية العامة للمالية -وزارة الاقتصاد والمالية.