بعد مرور ثلاثة عشر عاما على تقديمه المبادرة التي تتعلق بالتفاوض بشأن نظام الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، لا يزال المغرب يبدي عزما قويا على إنهاء النزاع طويل الأمد حول الصحراء المغربية لصالحه، بعدما تقوى موقفه بدعم الولايات المتحدة، فضلا عن ألمانيا وإسبانيا مؤخرا، وفق مانشره موقع العرب.
ويتمسك المغرب بمقترح منح الصحراء المغربية المتنازع عليها حكما ذاتيا تحت سيادته في إطار وحدته الترابية، كحل وحيد لإنهاء النزاع القائم منذ العام 1975 مع جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم مدعومة من الجارة الجزائر.
وعرض المغرب مبادرته للتفاوض بشأن نظام الحكم الذاتي في الصحراء المغربية في الحادي عشر من أبريل 2007، استجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي الذي يتولى النظر في هذا النزاع بغرض التوصل إلى “حل سياسي نهائي” له.
وتعزز الموقف المغربي مؤخرا بإعلان إسبانيا -التي زار رئيس وزرائها بيدرو سانشيز الرباط أمس الخميس- تأييد مقترح الحكم الذاتي. وهي الخطوة التي فتحت الباب أمام عودة العلاقات بين البلدين، بعد أزمة دبلوماسية حادة دامت نحو عام.
وبعد أن التزمت الحياد على مدى عقود صارت مدريد تعتبر أن خطة الحكم الذاتي هي “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” في الصحراء المغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة.
وبذلك انضمت إسبانيا إلى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا التي تعتبر المقترح المغربي “جديا وذا مصداقية”، فضلا عن الاتحاد الأوروبي الذي تربطه بالمغرب اتفاقيات اقتصادية هامة.
لكن في المقابل كل هذه الأطراف تؤكد أن أي حل يجب أن يكون في إطار الأمم المتحدة و”مقبولا للطرفين”.
ويشير مراقبون إلى أن موقف إسبانيا، ومن قبلها ألمانيا وفرنسيا، سيعزز موقف أوروبا كلها لدعم وحدة الأراضي المغربية، وهو ما سيضفي المزيد من الزخم والدعم لسيادة المغرب على صحرائه ويدفع نحو إقرار المقترح المغربي لحل الأزمة.
والمشروع الذي يقترحه المغرب ليس نهائيا، بل يعرض التفاوض حوله مع جبهة بوليساريو الانفصالية التي ترفض المشروع، مؤكدة على المطالبة بإجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة، نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين عام 1991 برعاية الأمم المتحدة، دون أن يجد طريقه إلى التطبيق.
ويسيطر المغرب عمليا على نحو 80 في المئة من المنطقة الصحراوية الشاسعة المتنازع عليها، ويعتبر أنها تاريخيا جزء لا يتجزأ من أرضه، وأن سيادته عليها “لن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات”.
وينصّ المشروع على نقل جزء من اختصاصات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى “جهة الحكم الذاتي للصحراء”، ليدبر سكانها “شؤونهم بأنفسهم” و”بشكل ديمقراطي”، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية “في ميادين السيادة، لاسيما الدفاع والعلاقات الخارجية”.
وتمارس جهة الحكم الذاتي، حسب المشروع، اختصاصاتها التنفيذية من خلال “رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي، وينصبه الملك”. بينما يتكون البرلمان الجهوي من أعضاء “منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية”، وآخرين”منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف مجموع سكان الجهة”.
وينوه المشروع إلى أنه “يجب أن تكون القوانين التشريعية والتنظيمية والأحكام القضائية الصادرة عن هيئات جهة الحكم الذاتي للصحراء، مطابقة لنظام الحكم الذاتي في الجهة، وكذا لدستور المملكة”.
وتختص مؤسسات الجهة عموما بتدبير ميزانيتها الخاصة والجبايات المحلية، وشؤون التنمية الاقتصادية والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية. في المقابل تحتفظ الدولة المركزية بالصلاحيات السيادية، مثل الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، فضلا عن مقومات السيادة مثل العلم والنشيد الوطني والعملة.
وتؤكد الرباط أن هذا المشروع “فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف على أساس إجراءات توافقية، تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة”.
على أن تعرض الصيغة النهائية، التي تأمل المملكة أن تفرزها المفاوضات، “على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة ديمقراطية”. بينما تصدر المملكة “عفوا عاما”، بعد نزع سلاح المقاتلين في جبهة بوليساريو الانفصالية.