أكد البروفيسور عز الدين إبراهيمي مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط أن المملكة توجد، اليوم، أمام خيارين إما تبني استراتيجية “الحجر الكلي المرن” وما يترتب عنها من سلبيات اقتصادية ومجتمعية، أو الانخراط في “مقاربة الانضباط” التي تحتم التزام 90 في المائة من المغاربة بحمل الكمامة وبالطريقة السليمة، مع تقليص حركية الأفراد بما لا يقل عن 30 في المائة.
وتابع البروفيسور إبراهيمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، في سياق تفشي وباء (كوفيد-19)، أنه في غمرة اتخاذ عدة دول حاليا مثل إسبانيا وايرلندا وهولندا وفرنسا وبريطانيا لإجراءات أكثر صرامة في مواجهة هذه الموجة الجديدة التي تغمر العالم، “وجب علينا الاستعجال في وضع ونهج استراتيجية جديدة، مبنية على مقاربة علمية”.
وقال إن هذه المقاربة تتأسس على جملة من المرتكزات، تتمثل في المعرفة الدقيقة للوضع الحالي للجائحة بالمغرب (الإصابات، معدل الفتك، حالات الإنعاش، البؤر، والامتداد المجالي)، وتحديد الأهداف الخاصة والعامة المتوخاة من أي استراتيجية مغربية جديدة، وتقديم استراتيجية “الحجر الكلي المرن” كمقاربة ممكنة لتحقيق هاته الأهداف.
ولخص الوضعية الوبائية الحالية ومؤشراتها بالمملكة في أن الفيروس ينتشر بسرعة، ويتضاعف عدد الإصابات المصرح بها بين المغاربة، “على نحو لم تتوقعه أكثر السيناريوهات تشاؤما”.
وتفيد المؤشرات، أيضا، بأن حوالي 50 في المائة من المغاربة لا يلتزمون بحمل الكمامة، وبعدم الانضباط للحجر الجزئي المجالي حيث هناك حركية وطنية مرتفعة بحوالي 30 في المائة، وبأن هناك أكثر من 800 مغربي في غرف الإنعاش، “وهو أكثر مما تتحمله القدرات الاستيعابية المحلية في كثير من الأحيان، وقد نحتاج إلى 7.500 سرير إنعاش، وما مجموعه 4.500 جهاز تنفس في أفق شهر دجنبر المقبل”.
كما لاحظ البروفيسور إبراهيمي أنه، بخلاف المرحلة الأولى، أصبحت جميع الجهات المغربية موبوءة، وأنه في كثير من المستشفيات، ومن أجل الرعاية بمرضى (كوفيد-19)، “تم إلغاء برمجة جديدة لعمليات القلب أو عمليات السرطان. وهي عمليات جراحية وتدخلات طبية كانت مؤجلة أصلا عن فصل الربيع الفارط”.
وحذر من أنه في هذه المرحلة “الحساسة والخطيرة” وإن لم يتم تغيير المقاربة الحالية، “سيكون هناك ما يقرب من ألفي مريض في العناية المركزة في منتصف شهر نونبر الحالي، وهو ما يمثل تقريبًا كل الطاقة الاستيعابية للإنعاش بالمغرب”.
وذكر المتحدث بأن استراتيجية المنظومة الصحية الوطنية في مواجهة الجائحة خلال فصل الصيف كانت بهدف حماية الفئات الهشة، وهي مبنية على التعايش مع الفيروس، والعمل على التحكم في انتشاره وبالتالي إبطاء الوباء عبر الرهان على قدرة الدولة على تكثيف التحاليل المخبرية، والتتبع والعزل المصابين والمخالطين، وعلى انضباط المواطنين للإجراءات الاحترازية، متسائلا عن مدى جدوى هذه الاستراتيجية في ضوء المستجدات الوبائية، وعن مدى واقعية النتائج المنجزة في ظل هذا التعايش.
وخلص إلى أن المملكة، أمام هذا الوضع، في حاجة لحماية اقتصادها بشكل لا يتعارض مع حماية الصحة العامة. لذلك يجب السعي باستمرار إلى خلق التوازن الصحيح على المدى القريب والبعيد “والذي يمكننا من الحد من الارتفاع في عدد الإصابات اليومية، وإبطاء معدل الدخول إلى المستشفيات، ووحدات العناية المركزة بشكل مستدام، مما سيحمي اقتصادنا من الانهيار”.