أفاد المجلس الأعلى للحسابات بأن نسبة “الجمع المهني” للنفايات بالمجال الحضري بجهة الرباط-سلا-القنيطرة بلغت 97 بالمائة، فيما يتمثل الهدف المتوخى على الصعيد الوطني في تحقيق نسبة 85 بالمائة في سنة 2016 و90 بالمائة سنة 2022.
ورصد المجلس الأعلى للحسابات، في بلاغ بشأن تقرير حول مهمة “تقييم تنفيذ عقود التدبير المفوض لمرفقي جمع النفايات المنزلية وما يماثلها والتنظيف بجهة الرباط-سلا-القنيطرة” المنجزة من طرف المجلس الجهوي للحسابات، التطور الملموس لوضعية تدبير مرفقي جمع النفايات والتنظيف نتيجة اعتماد نمط التدبير المفوض، الذي مكن من تحديث وضعية تدبير مرفقي جمع النفايات والتنظيف بالجهة، من خلال تحديث عمليات الجمع والتنظيف وإضفاء الطابع المهني عليها، كما ساهم في استفادة الجماعات المعنية من مزايا من قبيل تجديد أسطول الآليات وإدخال خدمات جديدة (الغسل والكنس الميكانيكي)، وبالتالي تحسين الخدمات المقدمة للمرتفقين.
واستعرض تقرير المجلس أيضا اللجوء المتزايد لنمط التدبير المفوض بالجهة، إذ انتقل عدد العقود ذات الصلة من ستة عقود قبل انطلاق البرنامج الوطني للنفايات المنزلية سنة 2008 إلى 26 عقدا عند متم سنة 2019، كما ارتفع حجم الاستثمارات الملتزم بها من طرف الفاعلين الخواص، والتي ناهزت قيمتها الإجمالية، بالنسبة للعقود الجارية، حوالي 419 مليون درهم.
وسجل تقرير المجلس، من جهة أخرى، أن استمرار بعض الإكراهات وظهور نقائص بخصوص تدبير مرفقي جمع النفايات والتنظيف بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، سواء على مستوى عمليات التعاقد أو على مستوى تنفيذ العقود المبرمة، من شأنه أن يؤثر على تحقيق الأهداف المسطرة وعلى نجاعة التدابير المتخذة من طرف مختلف الفاعلين، مشيرا في هذا الصدد إلى تأخر ملحوظ في إعداد أربع مخططات مديرية لتدبير النفايات الخاصة بعمالات وأقاليم الجهة، ومعتبرا أن ذلك قد يفقد المجهودات المبذولة في هذا الإطار جدواها، لكون هذه المخططات تشكل الإطار المرجعي لتدبير النفايات في مختلف أبعاده.
كما لاحظ المجلس، في تقريره، أنه لم يتم تحقيق بعض أهداف البرنامج الوطني للنفايات المنزلية المسطرة على مستوى الجهة، معتبرا أن من شأن ذلك التأثير سلبا على التدابير المتخذة لتحديث منظومة تدبير النفايات الصلبة بمختلف أبعادها.
ولفت، في هذا الإطار، إلى أنه لم تتم إعادة تأهيل سوى أربعة مطارح غير مراقبة من أصل 15 مطرحا تم إحصاؤها على مستوى الجهة. كما لم يتم، إلى غاية نهاية 2019، إنجاز أي مركز لطمر النفايات وتثمينها في إطار البرنامج الوطني للنفايات المنزلية، مذكرا بأن الهدف المسطر يتمثل في إنشاء 10 مراكز بالجهة.
وتابع أن مجموعة من الجماعات، ولا سيما تلك التي تعرف تعدادا سكانيا منخفضا وإنتاجا محدودا من النفايات، تعاني من هشاشة وضعيتها المالية، مما جعل بعضها غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه الشركات المتعاقد معها، وأدى، في بعض الحالات، إلى تدهور الخدمات المقدمة للمرتفقين، لافتا إلى عدم إعمال هذه الفئة من الجماعات آليات التعاون المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
وتطرق التقرير كذلك إلى الارتفاع المتواصل لتكلفة خدمات التدبير المفوض خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقلت قيمتها الإجمالية من 279 مليون درهم في 2012 إلى 504 ملايين درهم سنة 2018، كما ارتفع مستوى حصتها من مجموع نفقات تسيير الجماعات المعنية (حوالي 20 بالمائة خلال 2018)، وإلى تأثر التوازن المالي المتوخى عند إبرام عقود التدبير المفوض بعدة عوامل، أهمها اللجوء إلى تعديل المقتضيات التعاقدية بموجب عقود ملحقة، والتنفيذ الجزئي لبرامج الاستثمار.
وارتباطا بالجوانب المالية لعقود التدبير المفوض، تم تسجيل تراكم لمتأخرات الأداء، التي بلغت حوالي 92 مليون درهم عند متم 2018، مما نتج عنه نشوء منازعات قضائية عند نهاية بعض العقود في بعض الحالات.
ورصد تقرير المجلس كذلك، مجموعة من النقائص بشأن عمليات إعداد عقود التدبير المفوض وتنفيذها، تجلت على الخصوص في عدم وفاء طرفي العقد المبرم ببعض التزاماتهما، مسجلا عدم قيام الجماعات المعنية بدراسات قبلية لتحديد الحاجيات والتكلفة العامة للاستثمار والتسيير وكذا طرق تنفيذ الخدمة، وعدم مراعاة خصوصياتها المجالية أثناء إعداد الوثائق التعاقدية، مع عدم تضمين هذه الأخيرة أي أهداف يتعين بلوغها ولا مؤشرات لقياس الأداء، إلى جانب لبس في تصنيف أموال الرجوع وأموال الاسترداد، مما يحرم الجماعات من عدد من الممتلكات المنقولة التي يمكن استخدامها في حالة العودة إلى التدبير المباشر أو لتعزيز الآليات المخصصة لتدبير مرفقي جمع النفايات والتنظيف.
وارتباطا بعملية التتبع، ولأجل تجاوز بعض مظاهر القصور المسجلة على هذا المستوى، نصت مجموعة من العقود الجارية على دعم تمويل عمليات المراقبة والتتبع عبر تخصيص نسبة لها تتراوح بين 1 و2 بالمائة من رقم المعاملات السنوي للتدبير المفوض دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة. غير أن غالبية الجماعات التي اعتمدت هذا الإجراء، وفي غياب آلية قانونية ملائمة، لم تستطع استعمال أموال المراقبة، مما قد يؤدي إلى عدم الاستفادة منها عند نهاية العقد.
وفي ما يتعلق باختيار الشركات المتعاقد معها، يضيف التقرير، وفي غياب صدور نص تنظيمي خاص بهذه العملية، فإن الجماعات تستلهم المسطرة المتبعة في هذا الإطار من مرسوم الصفقات العمومية، وهو ما لا يسمح بتقييم مندمج للعروض التقنية والعروض المالية. أما بالنسبة لتنفيذ عقود التدبير المفوض من طرف الشركات المتعاقد معها، فقد سجل عدم احترام بعض الشركات التزاماتها المتعلقة ببرامجها الاستثمارية، كما أن الجماعات التي اعتمدت التدبير المفوض لم تحترم مجموعة من التزاماتها، سواء تلك الواردة في النصوص القانونية الجاري بها العمل أو تلك المضمنة في الوثائق التعاقدية.
وخلص التقرير إلى ضرورة العمل بالتوصيات الواردة في مختلف تقارير المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط -سلا-القنيطرة، بهدف تعزيز المكتسبات المحققة وتجاوز النقائص.
يشار إلى أن مهمة تقييم تنفيذ عقود التدبير المفوض لمرفقي جمع النفايات المنزلية وما يماثلها والتنظيف بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، هدفت إلى إبراز أهم النتائج المرتبطة باعتماد نمط التدبير المفوض للمرفقين، وذلك من خلال تسليط الضوء على المعطيات الرئيسية ذات الصلة بهذا النمط وتقييم عمليات التعاقد وتنفيذ العقود المبرمة على مستوى الجهة.
وتم الاعتماد في إنجاز هذه المهمة على خلاصات المهام الرقابية المنجزة من طرف المجلس الجهوي للحسابات والبالغ عددها 21 مهمة، والتي شرع فيها منذ سنة 2016، بالإضافة إلى توجيه استبيانات إلى جميع الجماعات المعنية بهذا النمط من التدبير وإجراء مقابلات مع الأطراف المتدخلة في تدبير المرفقين.