في مثل هذا الشهر من كل سنة تعود الذاكرة بالمغاربة إلى أول حكومة تشكلت بالمملكة بعد الاستقلال وما رافقها وسبقها من أحداث.
وبإرجاع عجلة التاريخ إلى هذه الحقبة، فإن التوقف لا يكون فقط عند أحداث بعينها، بل حتى الشخصيات التي صنعتها، ومنها مبارك البكاي الهبيل.
ما يعرف عنه أنه شخصية عسكرية، لكن نجمه بدأ يسطع سياسيا، رغم عدم ارتباطه بأي مكون سياسي، بعدما جرت مكافأته على دفاع على العرش ومساندته للملك في منفاه بمدغشقر بتكليفه، في سنة 1955، بمهمة قيادة أول حكومة في تاريخ المغرب.
كان البكاي أول رجل سياسة تكنوقراط في المملكة. وساعده عدم انتمائه إلى أي تيار حزبي ووفاؤه للسلطان في أن يحظى بثقة أطراف كثيرة، كما أن إتقانه للفرنسية دعمه ليقود الكثير من المفاوضات ويطرق الكثير من الأبواب، فقد وعده السلطان في إحدى البرقيات “بأن يبقى اسم البكاي مقرونا باسم جلالة الملك”. وقد كان السلطان وفيا بوعده للبكاي الهبيل، إذ إن هذا الرجل هو من وقّع على استقلال المغرب في 2 مارس 1956 مع الفرنسيين، ومع الإسبانيين في 7 أبريل من السنة نفسها.
وإذا كان البكاي محاورا مقنعا عندما يتحدث باللغة الفرنسية التي درس بها، فإنه ليس بهذا التمكن عندما يتخاطب باللغة العربية، خاصة الفصيحة.
يحكي أحد أبنائه، في برنامج تلفزيوني بث في إحدى القنوات المغربية، أن البكاي الهبيل لم يكن يتقن العربية، وكان يخلط بين “إلا” و”إلى”؛ ذلك أنه تناول الكلمة خلال تنصيب أحد العمال وقال أمام الحضور: “كلكم أوفياء إلاّ صاحب الجلالة”، وهو يقصد “كلكم أوفياء لصاحب الجلالة”.
تشكلت الحكومة المغربية الأولى لتقود المفاوضات مع الفرنسيين في دجنبر 1955 برئاسة البكاي الهبيل، وضمت كل من محمد الزغاري وإدريس المحمدي وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد الشرقاوي وأحمد رضا اجديرة وعبد الكريم ابن جلون التويمي والحسن اليوسي وعبد القادر ابن جلون ومحمد المختار السوسي ومحمد الفاسي ومحمد الدويري وأحمد بن منصور النجاعي وأحمد اليزيدي وعبد الهادي بوطالب وعبد المالك فرج ومحمد بن بوشعيب ثم عبد الله إبراهيم وأحمد بن سودة كاتبي دولة. حسب ما جاء في الجريدة الرسمية المغربية لـ23 دجنبر 1955.
نال البكاي الهبيل ثقة محمد الخامس مجددا، ليقوم بتشكيل حكومة ثانية في 26 أكتوبر 1956، والتي ضمت عددا أقل من الوزراء عن الحكومة السابقة مع إضافة جدد وتغيير مهام آخرين؛ مثل إحداث وزارة البريد والتلغراف والتليفون التي تقلد مسؤوليتها ليون بنزاكين، وحقيبة الدفاع الوطني التي تقلدها محمد الزغاري، والشؤون الخارجية التي تقلدها أحمد بلا فريج، وغيرها من حقائب هذه الحكومة، التي استمرت إلى 16 أبريل 1958 حيث قدم البكاي استقالته.
توفي الكولونيل مبارك البكاي الهبيل في 12 أبريل 1961، وهو في عمر الـ54 سنة، غير أنه أحفاده ما زالوا يحمل مشعل خدمة الوطن العرش العلوي المجيد، كما هو الشأن بالنسبة لخطيب الهبيل، الذي وضع فيه جلالة الملك محمد السادس الثقة ليشغل منصب والي جهة بني ملال خنيفرة وعاملا على إقليم بني ملال، بعد مسار مهني حافل داخل الإدارة الترابية.
وبدأ خطيب الهبيل مساره المهني سنة 1983، بمؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء -الشرق، قبل أن يعين مندوبا إقليميا للإسكان ببني ملال- أزيلال سنة 1990.
كما شغل سنة 1992، منصب مدير مؤسسة العمران-الجنوب، ثم مدير مؤسسة العمران-تانسيفت سنة 1997، ليشغل بعد ذلك منصب مدير للشركة الجهوية العمران-مراكش والعمران تامنصورت، بتاريخ 30 أبريل 2009.