الإبراهيمي يناقش الفشل في إقناع غير الملقحين والجرعة الثالثة

4 أكتوبر 2021آخر تحديث :
الإبراهيمي يناقش الفشل في إقناع غير الملقحين والجرعة الثالثة

 

نشر عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط وعضو اللجنة العلمية المتتبعة ل (كوفيد 19) بالمغرب، تدوينة على موقع (فيسبوك)، تساءل فيها عن كيفية إقناع المغاربة بالتلقيح بالجرعة الثالثة “وقد فشلنا في إقناع الآلاف من المغاربة للتلقيح بالجرعة الأولى والثانية”.

قال الإبراهيمي إن غير الملقحين “ليسوا أبدا بجاهلين ولا أنانيين بل هم فقط مترددون في اتخاذ القرارات الطبية لأن هذه الخيارات غالبا ما تكون معقدة وتمسنا في وجودنا وكينونتنا”، مشيرا إلى أنه يؤمن إيمانا راسخا بثقافة الاختلاف وبأنها ليست بالضرورة ظاهرة غير سليمة، “ذلك لأن الإجماع ليس حتما ظاهرة صحية..والنقد في كثير من الأحيان أجدى وأنفع… يجب أن نقر أن غير الملقحين مواطنون سواسية كالملقحين في حب الله والوطن والملك.”

وأضاف أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يترددون في تلقي اللقاح “لا يلتزمون بقضية معادية للعلم وليس لديهم أجندة خفية سياسية ولا مؤامرتيه… و لكنهم ببساطة مترددين في اختيارهم لأخذ الحقنة من عدمه… وأن كورونا كانت فاجعة أتت بإكراهات لا تنتهي و زادت من تدافعاتنا السابقة بشحنة نفسية قاصمة… و بما أننا نعيش في حالة استعجالية و نفسية متدهورة… يصعب التواصل بيننا مما جعلنا، نحن ذوي الاختصاص، لا نوفق في إقناعهم بالتلقيح… فيا ترى ما أسباب هذا الإخفاق… وعلاش مقدرناش نتواصلوا معكم بسهولة..”.

وأبرز البروفيسور الإبراهيمي أن الشخص يفشل في التواصل عندما يكون الموضوع شائكا، أو المخَاطِب غير متمكن من أدوات التواصل أو يجهل هوية المخَاطَب الذي يحاول التواصل معه، متسائلا: “فما بالك إذا كانت كل هاته المعيقات مجتمعة؟”.

واعتبر الإبراهيمي أن بيداغوجية التواصل الصحي بالمغرب من أصعب البيداغوجيات الموجهة إلى الساكنة العامة؛ قائلا: “يمكنك أن تناقش و بسلاسة ميادين متعددة كالرياضة والسياسة و الفن… ويصعب هذا كلما تعلق الأمر بالأمور الصحية و الطبية لأنها تعتمد في تبيانها على كثير من المعطيات الفنية و التقنية وهنا تلعب الثقة دورا كبيرا بين المخَاطِب و المخَاطَب… لأننا نتكلم عن صحة الإنسان ووجوده كمخلوق بشري… وهذه ثقافة جديدة نؤسس لها من خلال تبسيط المعطيات وتتطلب منك كمختص التواضع بأفكارك لإيصالها للجمهور العريض وحتى يتفهمك و يهضمها المواطن العادي… وللأسف فهذا التسويق الاجتماعي التحسيسي يتطلب مهارات لا يكتسبها كل أصحاب الاختصاص و مدبري الأمر العمومي.

واعترف بأن “التواصل المؤسساتي ضعيفا”، مشيراً في تدوينته “بالفعل لا يمكن إقناع الناس إلا بفتح قنوات النقاش. واستعمال طرق تواصلية ناجعة، وليس فقط ببيانات للوزارة الوصية، لم يؤثث لها من قبل وغالبا ما تفتح الباب على مصراعيه لتأويلات متعددة ومتناقضة… ولا سيما أن البعض يرى اللقاح كإكراه… ونحن نعرف أن الفرد يكره الإكراه… ويطلب ويطالب بالشفافية والأرقام والمعطيات قبل قبول أي قرار فوقي”.

وأضاف “أتفق معكم بأن إصدار بلاغ دون مقدمات لا يمكن اعتباره تواصلا بالمرة… ولا سيما إذا لم يكن دقيقا ولم يؤسس له مسبقا… وغالبا ما يأتي بعد ذلك بلاغ لرفع اللبس … الذي غالبا ما يزيد من اللبس… فنفقد بهذا التواصل الملتبس بعضا من مصداقيتنا ومن ثقة العامة فينا… وحلها يا من وحلتيها بعد ذلك… ومما زاد الأمر عسرا، أن هذه المؤسسات غير متمكنة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.”

وتابع أن عدم التمكن من وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرتعا خصبا للتشكيك، مشيرا أنه إلى جانب الوباء، “نحن نحارب “وباءً معلوماتيا” شرسا على الأنترنيت… وبالفعل، لم يكن لكل المشككين أثر لو لم توجد منصات التواصل الاجتماعي… فقد أصبح بإمكان أي شخص أن يعطي لنفسه صفة خبير و يذهب في الاتجاه المعاكس… فيربح متعاطفين و يبني قاعدة جماهرية تعتمد دائما على نفس الوصفة… نمزج بين “بعض الحقائق و بعض من الخوف والتكهنات والشائعات”… و نطبخها على نار من “الشكوك المستمرة والفجوات المعرفية”… و نكثر من بهارات ” انعدام اليقين و الخوف من المجهول”… و النتيجة انتشار المعلومات المضللة بشكل أسرع من العدوى… فالكذبة يمكن أن تنتشر حول العالم بينما الحقيقة تلبس حذائها… وبالتالي خلق حالة من عدم الثقة والارتباك بشكل عام”.

وأضاف في تدوينته “نعم فكلنا عندما نذهب إلى منصات التواصل الاجتماعي نبحث عن الإثارة و ما هو سلبي “سونساسيونيل”… ولأنها جزء من طبيعة الإنسان… نذهب لاستراق النظر أو الاستراقية كما نفعل مع كل حادثة سير…. نوع من الاهتمام بكل ما هو غير عادي وفيه كثير من الإثارة… فالإثارة توجد فيما هو ضد التيار أو فيما يقع عند الجار… مثير أكثر من يقول أن الفيروس غير موجود… و أكثر من يقول أن اللقاح غير فعال… وأكثر من يقول أنه يقتل… هؤلاء يبحثون عن البوز و اللايك و شغلهم الشاغل أن يكثروا من زيارة مواقعهم… وهناك الكثيرون سامحهم الله ينشرون كل هذا… عن غير دراية أو عن قصد… و يجد كل غير ملقح ضالته رغم اختلاف أشرابهم”.

وأبرز أن الأشخاص غير الملقحين فئات وشتات، وليس فئة واحدة، وهذا ما يفسر صعوبة التواصل معهم، مشيرا أن خلفياتهم كثيرة، وكلما ناقشنا بعض الفئات الغير الملقحة إلا و أظهرت أخرى بأسئلة متباينة مبنية على خلفيات أخرى.

وصنف الإبراهيمي المترددين من تلقي اللقاح إلى فئات عدة حسب خلفياته، وهي:

1- “التخوف الاستباقي: و هي تمس الأشخاص اللذين يخافون من كل شيء جديد… تخيفهم كل الأمور الجديدة و الغير المفهومة أو التي يصعب استيعابها بسهولة… وهؤلاء يطرحون كثيرا من علامات الاستفهام… والتي تبصم و تؤثر على نفسيتهم… وتخلق عندهم جدلية كبيرة… وتولد عندهم بالتالي فعل المقاومة…. وخير مثال على ذلك، ما خلفه لدى جدودنا، اكتشاف “عود الريح” والسيارات بالمحركات و التلفزيون و الراديو… ما خلقه من رعب و ردة فعل متشنجة لديهم… وها نحن اليوم لا أحد يشكك في السيارة و منفعتها… وبكونها لا تشكل أي خطرعلى العامة…

2- طابع الاضطهادية: هؤلاء الناس بطبيعتهم ضد كل شيء… ضد الدولة لأنها ضدهم…ضد الادارة… ضد صناع القرار لأنهم ضدهم… بالدارجة “منويين”… لديهم مشكل ثقة مع الجميع… فهم ضد كل شيء… حتى اللقاح اللي كتقولو الدولة… وغير جاو وعطاوه فابور… و علاش زعما فابور…

3- النقص الحاد في النقد: هؤلاء الناس يستهلكون المعلومات بشراهة…أيا كانت خاطئة أم صحيحة… جميع المعلومات و كل المعلومات… وبما أن الحس النقدي متدني لديهم ف”مكيدوروهاش فراسم”… وإذا أضفنا إلى هذا النقص المتأصل، النقص المعرفي بميدان اللقاحات و النقص في تفهم المعلومة العلمية… فحتما فإنهم سيترددون

4- خلفيات إيديولوجية: و نرى هذا كثيرا مع السياسيين… و الذين ينظرون إلى المسألة بمنطق الربح السياسي… فاليمين المتطرف مثلا في الغرب تبنى جميع النظريات التشكيكية… وفي المغرب… رانتوما عارفين شكون

في الختام، أظن أن التواصل هو أهم من اللقاح و الدواء في زمن الأزمة الصحية… و رغم كل هذه التحديات، فلن نتوان ونقعد عن التواصل مع الملقحين و غير الملقحين بحول الله… لأننا محتاجون لبعضنا البعض من أجل الخروج من هذه الأزمة…فرغم اختلافنا المؤقت و إلى حين حول موضوع اللقاح … فكل شيء يوحدنا… حب الخير لهذا البلد… المصلحة العامة للوطن… العودة للحياة الطبيعية بسرعة… التقليل من الخسائر البشرية… أن الصحة الجيدة دون رغيف الخبز “ليست بصحة”… كلنا نرنو لعيش كريم كمغاربة… في مغرب أفضل”.

المصدر (آش 24):
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق