تستعد مدينة الدار البيضاء، أكبر حواضر المملكة وعاصمتها الاقتصادية، لاحتضان ثماني مباريات ضمن نهائيات كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025).
وتبرز المدينة بهوية حضرية تجمع بين الحداثة والدينامية الاقتصادية والشغف العميق بكرة القدم، كأحد الأقطاب الرئيسية لهذه النسخة التاريخية من العرس القاري.
كما تتمتع بإرث رياضي غني، إذ بصمت على حضور مميز خلال نسخة 1988 من كأس أمم إفريقيا التي احتضنها المغرب، حيث كان المركب الرياضي محمد الخامس أحد الملاعب الرئيسية للبطولة واحتضن، على الخصوص، المباراة النهائية.
وبفضل رصيدها الثقافي المتفرد، تحكي الدار البيضاء قصة متعددة الأبعاد، تتقاطع فيها التقاليد المغربية مع الموروث المعماري والطموحات الحديثة.
وتعد الدار البيضاء اليوم قطبا اقتصاديا استراتيجيا، حيث تحتضن بورصة الدار البيضاء ومقار العديد من الشركات والمقاولات الوطنية والدولية، فضلا عن شبكة نقل في طور التوسع المتواصل. هذه الحيوية تجعل من الحاضرة الاقتصادية ملتقى للابتكار والإبداع والانفتاح على العالم.
وفي صلب هذه الدينامية، يبرز المركب الرياضي محمد الخامس، المعلمة الأيقونية لكرة القدم المغربية، الذي جرى افتتاحه رسميا في 6 مارس 1955، وخضع لإعادة تأهيل شاملة استعدادا لكأس أمم إفريقيا 2025. استفادت هذه المنشأة من أشغال كبرى همت تحديث المدرجات والبوابات ومستودعات الملابس ومحيطها الخارجي.
ويندرج هذا الصرح ضمن مركب متكامل يضم قاعة مغطاة متعددة الرياضات، ومركزا للصحافة، ومرافق طبية، وبنيات رياضية تستجيب للمعايير الدولية.
وبالموازاة مع ذلك، تمت برمجة إعادة تأهيل تسعة ملاعب تاريخية بالمدينة، من بينها العربي الزاولي، والأب جيكو، ومولاي رشيد، والعربي بن مبارك، والتيسير، والوداد، والرجاء، والصخور السوداء، والولفة، وذلك في أفق كأس أمم إفريقيا 2025، بميزانية إجمالية تناهز 200 مليون درهم.
وعلاوة على المركب الرياضي محمد الخامس، استفادت الدار البيضاء من برنامج طموح لتحديث بنياتها التحتية. فعلى مستوى التنقل الحضري، تعززت المدينة بشبكة نقل متعددة الوسائط، شملت توسيع الخطين الثالث والرابع للترامواي، ليرتفع الطول الإجمالي للشبكة إلى 98 كيلومترا، أي ثلاثة أضعاف الشبكة الأولى التي انطلقت سنة 2012، إلى جانب تطوير خطي “الباصواي” الرابطين بين الدار البيضاء ودار بوعزة وأولاد عزوز، وتعزيز حافلات النقل الحضري، وتحسين الشبكة الطرقية، فضلا عن الربط السككي السريع الذي يؤمنه القطار فائق السرعة “البراق” انطلاقا من محطة الدار البيضاء – المسافرين. كما يضمن مطار محمد الخامس الدولي، أحد أكبر المطارات بالقارة الإفريقية، ربطا سلسا مع العواصم الإفريقية والعالمية.
وخلال سنة 2025، شهدت الدار البيضاء أيضا تحسينات طرقية مهمة تروم تسهيل حركة السير. فقد عزز الطريق السيار الجديد تيط مليل – برشيد، الممتد على طول 30 كيلومترا، ربط المنطقة، فيما تم توسيع المقطع الرابط بين المحمدية والدار البيضاء من أربع إلى ثماني مسارات في كل اتجاه.
كما خضع الملتقى الطرقي لسيدي معروف لإعادة تهيئة شاملة، حيث أضحى، بثلاثة مستويات، أول ملتقى طرقيا هجينا من هذا النوع بالمغرب، مما ساهم بشكل ملحوظ في تحسين الولوج إلى المدينة.
بدوره، يشكل البعد الثقافي والسياحي للدار البيضاء ميزة كبيرة لزوار كأس أمم إفريقيا، إذ توفر المدينة تجربة غنية ومتنوعة، من خلال معالم ثقافية وفنية كبيرة من قبيل مسجد الحسن الثاني، والمدينة العتيقة، والكورنيش الأطلسي، وحي الأحباس، والمتاحف، والعديد من الفضاءات التراثية .
وهكذا، تقدم الدار البيضاء نفسها كحاضرة جاهزة لاحتضان الحدث، مستندة إلى منظومة رياضية وحضرية وثقافية حديثة، وهوية نابضة، وشغف كروي متجذر.
ومن المرتقب أن تشكل المباريات الثماني التي ستحتضنها المدينة (ست مباريات عن دور المجموعات، ومباراة واحدة عن دور ثمن النهائي، ومباراة الترتيب) مناسبة للاحتفاء بالرياضة، وكرم الضيافة المغربية، وروح مدينة تفرض نفسها كأحد القلوب النابضة لكأس أمم إفريقيا 2025.















