كأس إفريقيا للأمم (المغرب-2025).. منافسة رياضية مفعمة بالعواطف

19 ديسمبر 2025آخر تحديث :
كأس إفريقيا للأمم (المغرب-2025).. منافسة رياضية مفعمة بالعواطف
(و.م.ع)///

هناك مسابقات رياضية تجري على أرض الملعب، وأخرى تعاش في قلوب الجماهير العاشقة. وليس ثمة شك في أن كأس إفريقيا للأمم تدخل ضمن الفئة الثانية. فبصرف النظر عن كونها بطولة رياضية، تبقى كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم منافسة مفعمة بالانفعالات الإنسانية الجياشة في بعض الأحيان، والنابضة بالحياة في أحيان أخرى.

ومع حلول كل دورة جديدة، يتوقف الزمن في القارة الإفريقية بأكملها. فمن دروب دكار إلى مقاهي القاهرة، مرورا بصالات لاغوس و مطاعم أبيدجان، وصولا إلى شوارع الدار البيضاء وأزقة دار السلام المكتظة، تغدو كرة القدم لغة مشتركة بين الجميع. فالاستمتاع بكأس الأمم الإفريقية لا يقتصر على مشاهدة المباريات، بل يمتد إلى التعليق عليها والانفعال معها ومناقشة أطوارها. إنه حماس جماعي يجعل مجرد مباراة في كرة القدم شأنا وطنيا، ويحول هدفا إلى نوع من الخلاص، فيما يصبح الإخفاق أشبه بتراجيديا حقيقية.

ويأتي موعد منافسات كأس الأمم الإفريقية 2025، التي ستحتضنها المملكة ابتداء من الأحد المقبل، مفعما بكثير من الوعود والضغوط. وعود جيل صاعد لم يعد يكتفي بالتميز داخل النادي، وإنما يتطلع إلى التألق على صعيد القارة بأكملها. وضغوط ترافق منافسات عرفت بمفاجآتها، حيث تختلط الأوراق ويسير المرشحون الأوفر حظا على خط رفيع. هنا تتهاوى سمعة الفرق لتحل محلها القدرة على تحقيق الفوز على أرض الميدان.

هذا هو مزاج كأس الأمم الإفريقية: منافسة عنيدة يصعب ترويضها. فهي لا تغفر إزاء الغرور وتشتت الانتباه. منافسة تتقاطع فيها مسارات المنتخبات الكبرى بـ “الأحصنة السوداء” المتعطشة لتقديم الأفضل، يدفعها حماس جماهيري يتجاوز الحدود التكتيكية والتقنية. كل لقاء هو تذكير بضرورة التحلي بالجدية والانضباط. ففي إفريقيا، تعتبر كرة القدم شأنا يرتبط بالروح أكثر من ارتباطه بالخطط التكتيكية.

وبعيدا عن ملاعب كرة القدم، تروي كأس إفريقيا للأمم 2025 قصة قارة إفريقية تتحرك. قارة تؤكد اعتزازها بنفسها، وتحكي قصص أبطالها من خلال أكثر الرياضات شعبية. وتتحول الملاعب إلى ساحات للتعبير عن الهويات الإفريقية المتنوعة مطلقة العنان لمواهبها، وأهازيجها وأغانيها، وتعبر أحيانا عن غضب الجماهير وعن آمالها وتطلعاتها في أحايين أخرى. لتؤدي كرة القدم دورها كمرآة اجتماعية.

ستجرى أطوار كأس الأمم الإفريقية في المغرب في اختيار لم يكن وليد الصدفة. وتستضيف المملكة أطوار هذه المنافسات لكونها باتت مملكة لكرة القدم الإفريقية العصرية بامتياز. تحتضن هذه البطولة بطموح جعلها واجهة حقيقية لإفريقيا، بفضل البنيات التحتية الم جددة، وملاعب الجيل الجديد، والخدمات اللوجيستية الرفيعة. تتهيأ البلاد لتقديم بطولة إفريقية ترقى إلى مستوى المعايير الدولية، دون التنكر لروحها الشعبية التي تمثل جوهر البطولة وأس ها. هنا، كرة القدم تصبح عبارة عن ثقافة ومصدر للفخر وتطلع نحو المستقبل.

وتأتي هذه الدورة من البطولة بمستوى يحطم كل الأرقام القياسية. ذلك أنه لم يسبق لأي دورة من بطولة كأس الأمم الإفريقية أن حر كت مثل هذا القدر من الانتظارات والاستثمارات والاهتمام الإعلامي. كما تأتي هذه الدورة لتتخطى كل الحدود التي بلغتها كرة القدم الإفريقية حتى الآن. إنها دورة متميزة على كافة المستويات دون أن تفتقد للروح الإفريقية المتفردة، وذلك بفضل الحضور الجماهيري التاريخي، ونسب المشاهدة التي ستكون غير مسبوقة، فضلا عن المستوى الرياضي المتطور باستمرار. إنها نسخة تطمح لأن تكون رفيعة وراقية ومحكمة التنظيم.

وفي المغرب، لن تكون كأس الأمم الإفريقية مجرد عرس لكرة القدم، بل فرصة لإبراز مستوى النضج الذي بلغته القارة وقدرتها على التنظيم والإبهار ومنافسة كبريات المنافسات الدولية.

كل المؤشرات تدل على أن كأس الأمم الإفريقية 2025 ستدخل التاريخ ليس فقط من خلال الأرقام التي ستسجلها، وإنما من رمزيتها أيضا: كقارة واثقة بنفسها وطموحة وواعية بقدراتها. لم تعد كأس الأمم الإفريقية خاضعة لمنطق المقارنات، وإنما باتت تفرضها!

ولدى إطلاق صافرة الانطلاق، لن تحتاج كأس الأمم الإفريقية لطلب الإذن، بل ستفرض إيقاعها الخاص بالمشاعر الصادقة التي ستثيرها.

ومن شأن المنافسات المحتدمة التي ستنطوي عليها أطوار هذه البطولة، أن تحرك بالتأكيد مشاعر الفرح بالفوز والحزن في حالات التعثر. وعلى نغمات الأهازيج وإيقاعات طبول المشجعين لن تكون كأس الأمم الإفريقية بالمغرب 2025 مجرد نسخة إضافية، بل ستكون متميزة، ومرآة تعكس مزاج قارة بأكملها، بفضل طابعها الإفريقي الخالص.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق