كاس إفريقيا للأمم (المغرب2025): محفز لنمو الاقتصادات المحلية

12 ديسمبر 2025آخر تحديث :
كاس إفريقيا للأمم (المغرب2025): محفز لنمو الاقتصادات المحلية
(و.م.ع)///

على بعد أيام قليلة من إنطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025)، تستعد المدن المستضيفة بالمملكة لما هو أبعد من الرهان الرياضي، حيث تحولت كرة القدم إلى رافعة اقتصادية قوية قادرة على إطلاق دينامية استهلاكية تنعش قطاعات الفنادق والمطاعم والصناعة التقليدية والنقل والخدمات.

وإذا كان “كان 2025” واجهة قارية، فإنه يمثل، قبل كل شيء، بالنسبة للمجالات الترابية التي تستضيف فعالياته، فرصة غير مسبوقة لإنتاج قيمة مضافة على المستوى المحلي وتحويل أثر الحدث إلى عوائد مستدامة.

وتعد التدفقات المنتظرة (مشجعون أفارقة ودوليون، صحافيون، رعاة، هيئات رياضية، فرق تقنية…) محركا اقتصاديا فوريا.

وتراهن التقديرات الأولية على تحقيق عائدات إضافية تناهز 12 مليار درهم، بفضل توقعات باستقبال حوالي مليون زائر فوق التراب الوطني. وتعكس هذه التوقعات إمكانات توليد القيمة داخل النسيج الاقتصادي الوطني.

في هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي إدريس العيساوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من المرتقب أن يسجل قطاعا الفندقة والمطعمة ارتفاعا ملموسا في نسب الملء وفي متوسط الإنفاق لكل زائر.

وقال، في هذا السياق، إن “الاستثمار المستدام في تجديد وتعزيز الطاقة الإيوائية يضمن قدرة المغرب على تلبية طلب مرتفع كما ونوعا”.

كما سجل العيساوي أن النقل الداخلي سيستفيد من نشاط متزايد بفعل ارتفاع وتيرة التنقل بين المدن.

ويحظى هذا الزخم بدعم استثمارات كبرى في شبكة السكة الحديدية، فضلا عن تحديث الطاقات الاستيعابية للمطارات والموانئ.

وفي معرض تطرقه للبنى التحتية، ذكر الخبير الاقتصادي بأن السلطات أطلقت، بالموازاة مع أوراش الملاعب، أكثر من 120 مشروعا مكملا للتأهيل الحضري في المدن المحتضنة، بهدف تحسين التنقل وتأهيل محيط الملاعب. وتشكل هذه التحسينات اللوجستية مؤثرا خارجيا إيجابيا على المدى البعيد.

ضرورة هيكلة المقاولات الصغرى والمتوسطة المحلية وخلق فرص الشغل. ويظهر تأثير كأس إفريقيا للأمم 2025 من خلال أثر اجتماعي مباشر وملموس، خاصة في ما يتعلق بمجال التشغيل.

وبالإضافة إلى فرص الشغل المؤقتة، يشكل هذا الحدث رافعة لإحداث فرص شغل دائمة داخل سلاسل إنتاج مهيكلة، حيث توجد المقاولات الصغرى والمتوسطة في صلب هذه الدينامية.

كما أوضح العيساوي أن التدفق الكبير للزوار يولد طلبا متسارعا ليس فقط في مجالي الإيواء والمطعمة، ولكن أيضا في خدمات موازية أساسية.

وشدد الخبير الاقتصادي على شروط النجاح بالنسبة لهذه المقاولات، معتبرا أن نجاح المقاولات الصغرى والمتوسطة يمر عبر إدماجها الفعال والمنظم في سلسلة قيمة هذا الحدث.

وأوصى، في هذا السياق، بضرورة الارتقاء بجودة الخدمات، وتسريع وتيرة الانتقال الرقمي، لاسيما عبر حلول الأداء الإلكتروني وتحسين منصات الحجز عبر الإنترنت، فضلا عن ضمان تكوين معزز للعاملين في ما يتعلق ببروتوكولات استقبال الزبناء وإتقان اللغات الأجنبية.

ويكمن الرهان الاستراتيجي الحقيقي في القدرة على تحويل هذا التدفق الاقتصادي المؤقت إلى ولاء دائم بعد الحدث.

من جهة أخرى، حذر الخبير الاقتصادي من أي ممارسات للمضاربة في الأسعار قد تضر بالجاذبية السياحية للمملكة على المدى الطويل.

ولتعظيم الانعكاسات الاقتصادية لكأس أمم إفريقيا 2025، تعمل المؤسسات العمومية، ولاسيما الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة “مغرب المقاولات”، على تنزيل آليات دعم مهيكلة.

ويمثل برنامج “استثمار مقاولة صغرى أو متوسطة”، الذي أطلقته هذه الوكالة، آلية محورية لدعم الاستثمار المنتج.

ويوفر هذا البرنامج منحة مالية مهمة قد تصل إلى 20 في المائة من المبلغ الإجمالي للاستثمار بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة (بحد أقصى يبلغ 10 ملايين درهم)، و30 في المائة بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا.

أما برنامج “GO سياحة” الذي تشرف عليه كل من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني و”مغرب المقاولات”، فيستجيب للاحتياجات الخاصة بقطاع السياحة.

وبفضل غلاف مالي يبلغ 720 مليون درهم، يهدف البرنامج إلى تعزيز تنافسية أكثر من 1700 مقاولة سياحية في أفق سنة 2026.

 

كان 2025: فرصة مواتية لإشعاع الصناعة التقليدية المغربية

 

تشكل كأس إفريقيا للأمم “كان 2025” فرصة غير مسبوقة لقطاع الصناعة التقليدية الوطنية وتجارة القرب لعرض منتجاته أمام زبناء دوليين متنوعين.

وفي هذا السياق، أوصى العيساوي باعتماد مقاربة استباقية تهدف إلى مضاعفة نقاط الاتصال مع الزوار، موضحا أن ذلك يمر، على وجه الخصوص، عبر تنظيم معارض موضوعاتية في مناطق المشجعين ومراكز الاستقبال، وإدماج نقاط البيع الحرفية ضمن المسارات السياحية الرسمية، بالإضافة إلى التثمين الفعال لعلامة “صنع في المغرب” كضمان للأصالة والجودة.

وفي ما يتعلق بالتأثير على المدى الطويل، تعتبر كأس أمم إفريقيا 2025 ناقلا قويا من شأنه المساهمة بشكل كبير في عصرنة هيكلية.

وستمكن الاستثمارات المنجزة من تعزيز جاذبية المغرب بشكل مستدام، باعتباره قطبا اقتصاديا وسياحيا إقليميا مرجعيا.

ويرافق هذا الإرث المادي بعد غير مادي أساسي، وهو تعزيز الرؤية الدولية والسمعة المؤسسية للمغرب.”

ويعد إبراز الاستقرار السياسي وقدرة المملكة على التنظيم مزايا رئيسية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وفي المجمل، تبشر كأس إفريقيا للأمم ( المغرب 2025 ) بأن تكون رافعة حاسمة للتنمية الاقتصادية المتكاملة للمدن المستضيفة ولدعم صعود المقاولات المتوسطة والصغرى المحلية. فهذا الحدث ليس مجرد موعد رياضي، بل يجسد وعدا بنمو اقتصادي مستدام وبمزيد من الإشعاع العالمي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق