أكد المشاركون في ندوة نظمت اليوم الخميس بطنجة، في إطار الدورة الـ17 للمنتدى الدولي ميدايز، أن المغرب يعد مصدر إلهام حقيقي في مجالات التعليم والابتكار وتنمية المهارات في إفريقيا.
وفي هذا السياق، أكد وزير التعليم العالي والبحث بالجيبوتي، نبيل محمد أحمد، خلال هذه الندوة المنظمة تحت عنوان “إفريقيا الصاعدة، إفريقيا الرابحة: تعزيز السيادة، تحسين الحكامة وضمان الاستقرار”، أن المملكة المغربية تعد مصدر إلهام رئيسي لجيبوتي في قطاع التعليم، مبرزا قدرة المملكة على إحداث مراكز امتياز فعالة تساهم في تكوين نخب معترف بها دوليا.
ووفق المسؤول الجيبوتي فإن هذه الدينامية مكنت المغرب من معاينة العديد من كفاءاته تلتحق بأفضل المؤسسات الدولية، الأمر الذي يجعل المملكة نموذجا يمكن لدول أخرى الاستلهام منه بشكل مفيد.
كما شدد الوزير على أهمية تبادل الكفاءات وعلى التحدي المتمثل في عودة الكفاءات أو الأدمغة، مشيرا إلى أن السؤال الحقيقي هو كيف يمكن تشجيع عودتهم؟، حتى يتسنى لهم مشاركة خبراتهم والإسهام في الإثراء الجماعي.
في هذا الإطار، ساق المسؤول مثال المغرب الذي اختار الاستثمار المستدام في المعرفة والابتكار والذي يشكل رافعة أساسية لجذب الكفاءات واحتضانها وضمان عودتها، مؤكدا أن هذا النهج يمثل مسارا مفيدا لجميع الدول الراغبة في تسريع تنميتها وتعزيز رأسمالها البشري.
من جهته، أعرب الوزير المنتدب لدى وزارة الشؤون الخارجية في غانا، جيمس غياكي كوايسون، عن تقديره للدعم الذي يقدمه المغرب لقطاع التعليم، مذكرا بأن عدد الطلبة الغانيين الذين تستقبلهم المملكة سنويا في ارتفاع مستمر.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب الندوة، أكد كوايسون أن هذه الدينامية تساهم بشكل مباشر في تمكين الشباب الغاني من ولوج العلوم والمسارات التكوينية الأكثر حداثة، موضحا أنها تفتح الباب أمام تعزيز مستمر للتعاون بين البلدين.
كما أشاد المسؤول الغاني بالتقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في عدة قطاعات استراتيجية، معتبرا أن هذا التقدم يشكل “مصدر إلهام” لغانا، خاصة في مجالات التعليم والابتكار والتنمية المهيكلة.
من جهتها، أكدت السفيرة المتجولة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، السيدة أسيا بن صالح العلوي، أن إفريقيا يجب أن تنتقل “من الاقلاع إلى الانتصار” من خلال تبني سيادة ذكية وتحويل إمكاناتها إلى أعمال ملموسة، مشيرة إلى أن طموح القارة هو رسم مستقبلها بنفسها.
وأبرزت أن أولوية القارة تتمثل في تعزيز الشراكات المتوازنة، وتقوية السيادة الاقتصادية، وتطوير القدرة على خلق القيمة، مع التحكم في الخيارات الاستراتيجية، تماشيا مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل إفريقيا “سيدة نفسها وواثقة بقدراتها”.
وأضافت السيدة بن صالح أن السيادة تتحقق عبر التصنيع الأخضر، والاندماج الاقتصادي، والتطور الطاقي، مؤكدة أن على إفريقيا أن تستفيد بالكامل من التحول العالمي نحو إزالة الكربون.
وفي هذا السياق، أبرزت الدور المركزي لمنطقة التبادل الحر القارية الإفريقية (ZLECAF)، التي وصفتها بـ”محرك السيادة الاقتصادية”، داعية إلى الانتقال من مرحلة المصادقة إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، وتطوير سلاسل القيمة الإقليمية، وتعزيز البنيات التحتية والربط اللوجستي.
واستعرض متدخلون آخرون واقع التحديات التي تواجهها القارة، مؤكدين أن إفريقيا توجد عند منعطف استراتيجي يسمح لها بتعزيز سيادتها السياسية والاقتصادية، وتقوية حكامتها العمومية، وضمان استقرارها المؤسساتي.
وشدد المشاركون على أهمية منطقة ZLECAF والاندماج الإقليمي، والانتقال الصناعي، وسلاسل القيمة القارية في الحد من الاعتماد المفرط على الأسواق الخارجية.
كما أكدوا على ضرورة إعادة النظر في نماذج الحكامة من أجل تقوية الصمود المؤسساتي، وضمان الشمولية والشفافية، في سياق يتسم بانتقالات سياسية، ومخاطر أمنية متزايدة، وتوترات جيو-اقتصادية.
وينظم منتدى ميدايز تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من معهد أماديوس، ويعد أحد أبرز الملتقيات على مستوى القارة الإفريقية، حيث يجمع سنويا رؤساء دول وحكومات ووزراء، ومسؤولين سياسيين، وخبراء، وفاعلين دوليين.
وتقترح دورة هذا العام، التي تنعقد من 26 إلى 29 نونبر تحت شعار “الانقسامات والاستقطابات: إعادة ابتكار المعادلة العالمية”، حوالي خمسين جلسة تغطي مجموعة واسعة من القضايا الجيو – استراتيجية الرئيسية، مع تركيز خاص على التحديات والرهانات والفرص التي تواجهها إفريقيا ودول الجنوب.















