مشروع قانون المالية لـ2026.. دينامية جديدة للاستثمار

8 نوفمبر 2025آخر تحديث :
مشروع قانون المالية لـ2026.. دينامية جديدة للاستثمار
(آش 24)///

بمجهود استثماري غير مسبوق يقدر بـ 380 مليار درهم، وهو ما يمثل أكثر من 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يرسخ مشروع قانون المالية 2026 مركزية الاستثمار العمومي كمحرك لإنعاش التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني.

ويؤكد هذا الخيار الاستراتيجي دور الدولة كمستثمر في تعزيز التنافسية والتماسك الترابي والتنمية المستدامة. فبين تحديث البنية التحتية وتحفيز الرأسمال الخاص، ترسم ميزانية 2026 مسارا لنمو منتج ومرن وعادل، يركز على مشاريع كبرى للسيادة الاقتصادية والاندماج الترابي.

وبحسب مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لعام 2026، فإن هذا الغلاف المالي يتوزع على المؤسسات والمقاولات العمومية (179.7 مليار درهم)، والميزانية العامة والحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة (132.8 مليار درهم)، وصندوق محمد السادس للاستثمار (45 مليار درهم)، والجماعات الترابية (22,5 مليار درهم).

وفي هذا الإطار، يرى إدريس أفينا، الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن هذا المستوى من الالتزام يشكل رافعة حاسمة لنمو الاقتصاد الوطني. وأوضح السيد أفينا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجهود الاستثماري العمومي المتوقع لسنة 2026، يعكس التزاما بالحفاظ على طلب عمومي مدعوم في سياق ما يزال فيه الاستثمار الخاص يكافح لاستعادة وتيرة قوية.

ويضطلع هذا المجهود، وفق الخبير الاقتصادي، بدور ثلاثي الأبعاد في الاقتصاد الوطني يتمثل في مواجهة التقلبات الدورية، من خلال التخفيف من الصدمات الخارجية وعدم اليقين الجيوسياسي، والهيكلة عبر تحديث البنية التحتية في قطاعات النقل والمياه والطاقة والقطاع الرقمي، وإعادة التوزيع عبر استهداف الأولويات الاجتماعية والمجالية.

وأبرز أفينا أن حجم هذا المجهود “يضع المغرب ضمن أكثر الدول الناشئة طموحا من حيث الاستثمار العمومي نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما يعزز مرونته وقدرته التنافسية على المدى المتوسط”.

صندوق محمد السادس للاستثمار: مكانة بارزة في مشروع قانون المالية 2026 يمنح مشروع قانون المالية 2026، أيضا، مكانة بارزة لصندوق محمد السادس للاستثمار، الذي ي وصف بأنه “الذراع المالي الاستراتيجي للدولة” لإنعاش الاستثمار الإنتاجي.

بغلاف مالي يقدر بـ45 مليار درهم، تتركز مهمة الصندوق في تحفيز الرأسمال الخاص الوطني والدولي من خلال الرافعة المالية.

ففي سنة 2025، أطلق الصندوق أول دفعة من الصناديق المواضيعية في قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، بالشراكة مع 14 شركة إدارة، مخصصا حوالي 19 مليار درهم، منها 14.5 مليار درهم من رأس المال الخاص.

هكذا، ي جس د الصندوق منطقا جديدا للعمل العمومي، إذ يركز على دور الدولة كمستثمر ومحفز استراتيجي، بدلا من كونها فاعلا مباشرا.

وفي هذا السياق، أشار أفينا إلى أن مساهمة الصندوق تتجاوز التمويل، “إنه يختار المشاريع بناء على معايير الربحية والاستدامة والتأثير الترابي. وسيكون تكثيفه سنة 2026 وما بعدها حاسما لإطلاق مشاريع ذات قيمة مضافة عالية في قطاعات استراتيجية مثل الهيدروجين الأخضر والتكنولوجيا الرقمية وسلاسل القيمة الصناعية.” مضيفا أن تطوير النسيج الإنتاجي الوطني لا يمكن أن يعتمد على الطلب العمومي فقط.

وأوضح الأستاذ في هذا السياق، أن إنعاش الاستثمار الخاص يرتكز على ثلاثة شروط رئيسية تتمثل في وضوح الرؤية والثقة؛ من خلال مؤشرات ماكرو-اقتصادية واضحة ومستقرة، وإطارتحفيزي عملي يقوم على ميثاق الاستثمار الجديد، وآليات الضمان، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، ثم تحسين الولوج إلى العقار والرأسمال المرن من خلال إصلاح العقارات العمومية وإنشاء آليات تمويل مبتكرة.

وخلص إلى أنه “يجب على الدولة أن تعيد تموضعها كميسر للمنظومة الاقتصادية، وليس كموفر للنفقات فقط”. ما يزال الاستثمار في البنية التحتية أولوية في قانون المالية لعام 2026، إذ يدخل المغرب عقدا هاما يتميز بمحطات بارزة مثل كأس العالم 2030، والتحول الطاقي، والتكيف مع تغير المناخ، والتنافسية اللوجستية. وهكذا، أصبحت برامج الاستثمار في النقل (السكك الحديدية فائقة السرعة، والموانئ، والمطارات)، والمياه (تحلية المياه، والبرامج الوطنية)، والطاقة (الهيدروجين الأخضر، والربط الشبكي)، والرقمنة (G5) روافع مصممة لتهيئة الظروف لتحقيق دورة نمو جديدة والحد من التفاوتات الإقليمية.

ودعا السيد أفينا إلى اقتران هذه السياسة الاستثمارية الطموحة بتنفيذ صارم وتقييم منتظم لأثرها الاجتماعي والاقتصادي، مشددا على أهمية الإدارة المحكمة للتكاليف والمتابعة الدقيقة للآثار الفعلية لكل مشروع على النمو والتشغيل والتماسك الترابي.

مع مشروع قانون المالية لعام 2026، أصبح الاستثمار أكثر لأهمية من أي وقت مضى، باعتباره قاطرة لحكامة اقتصادية جديدة. يتوقف نجاحه على مدى القدرة على تحويل كل مشروع إلى قيمة حقيقية للمواطنين والمقاولات والوطن أكثر من حجم المبالغ المرصودة له.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق