في مواجهة التحديات المرتبطة بندرة المياه وآثار التغير المناخي، تبرز جهة العيون-الساقية الحمراء كنموذج مرجعي وطني في مجال التدبير المندمج والمستدام للموارد المائية.
وبفضل رؤية منسقة للفاعلين المؤسساتيين والترابيين والتقنيين، ترتكز هذه الاستراتيجية على الابتكار والتخطيط بعيد المدى وتعبئة مصادر جديدة للتزود بالمياه، وذلك تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية في مجال الاستدامة.
وتهدف هذه الدينامية الجهوية، باعتبارها ثمرة مقاربة متشاور بشأنها، إلى تأمين الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وتحديث البنيات التحتية، والحفاظ على الرأسمال المائي، وضمان تنمية متوازنة في خدمة السكان في الوسطين الحضري والقروي.
وتتجسد هذه الاستراتيجية المندمجة من خلال سياسة طموحة للتهيئة المائية، تتمثل في بناء سدود كبرى، وتطوير المنشآت المحلية، وتعبئة موارد جديدة، من أجل تعزيز الأمن المائي ودعم قدرة الجهة على التكيف مع التقلبات المناخية.
– سد استراتيجي من أجل ضمان الأمن المائي بالجهة
يشكل سد الساقية الحمراء الكبير مشروعا مهيكلا يروم حماية مدينة العيون من الفيضانات وتعزيز الفرشات المائية في المناطق المجاورة. وبحسب محمد الرحيمي، رئيس مصلحة تهيئة السد، فقد بلغت نسبة تقدم أشغال إعادة البناء حوالي 89 في المائة.
ومن المرتقب أن يتم ربط هذه المنشأة، التي تشرف عليها وزارة التجهيز والماء وتبلغ سعتها التخزينية 113 مليون متر مكعب، بقناة اصطناعية لنقل المياه إلى الفرشة المائية لفم الواد.
ويشمل هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 652 مليون درهم، دراسات التنفيذ، وأشغال الهندسة المدنية للسد، والمنشآت الملحقة (مفرغ الفيضان، ومفرغ القعر ومآخذ المياه)، والتجهيزات الهيدروميكانيكية، بالإضافة إلى نظام للمراقبة يتيح تتبع السد خلال مرحلة الاستغلال.
– 17 سدا صغيرا والعديد من السدود التلية لتعزيز المرونة المحلية
موازاة مع ذلك، تتوفر الجهة على 17 سدا صغيرا وسدا تليا، يتركز جزء كبير منها بإقليم السمارة. وتندرج هذه المنشآت، وفقا لمدير وكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب، سيدي المختار الكنتي، في إطار الاستراتيجية الوطنية للماء، والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، والمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للحوض المائي.
وتتيح هذه المنشآت تعبئة وتخزين مياه الأمطار لدعم الفلاحة التضامنية والرعوية، وإرواء الماشية، وتغذية الفرشات المائية، والوقاية من الفيضانات.
وقد بات أثرها الاجتماعي واضحا، إذ تساهم في تحسين الولوج إلى الماء في المناطق المعزولة، والمحافظة على الأنشطة القروية، والحد من الهجرة نحو المراكز الحضرية.
– المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فاعل رئيسي في السياسة المائية
يضطلع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، منذ سنة 1975، بدور أساسي في إنتاج وتوزيع الماء الصالح للشرب، وكذا في التطهير السائل للمياه العادمة بجهة العيون-الساقية الحمراء.
ووفقا للمدير الجهوي للمكتب، محمد بوبكري، يبلغ الحجم الإجمالي للاستثمارات المنجزة حوالي 5,4 مليار درهم، منها مليار درهم مخصصة لمشاريع قيد الإنجاز من أجل تقوية وتأمين تزويد الجهة بالماء الشروب . وقد مكنت هذه المشاريع من بلوغ نسبة تغطية بالماء الصالح للشرب تناهز 100 في المائة بالوسط الحضري وأكثر من 97 في المائة بالوسط القروي.
ولمواكبة التنمية الحضرية والنمو الديمغرافي، وبالنظر للإجهاد المائي الذي تعرفه الجهة، يرتكز تدخل المكتب على أربعة محاور رئيسية، وهي تأمين إنتاج الماء الصالح للشرب، وتعزيز منشآت تخزين وتوزيع الماء الشروب، وتحسين مردودية شبكات التوزيع، بالإضافة إلى توسيع وإعادة تأهيل شبكات المياه العادمة وإنجاز محطات التصفية.
وفي ما يتعلق بتعزيز وتأمين إنتاج الماء الصالح للشرب، تتوفر الجهة حاليا على ثماني محطات لتحلية مياه البحر (اثنتان بالعيون، واثنتان ببوجدور، وأربع بطرفاية)، بطاقة إجمالية تبلغ 66.010 متر مكعب يوميا. وينضاف إلى ذلك، إزالة الأملاح من المياه قليلة الملوحة عبر سبع محطات بطاقة 14.420 متر مكعب يوميا.
وبخصوص تعزيز منشآت تخزين وتوزيع الماء الصالح للشرب، قام المكتب بإنجاز خزانات لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب وتوسيع شبكة التوزيع لتحسين التغطية.
وفي ما يخص تحسين مردودية شبكات التوزيع، فقد تم العمل على إعادة تأهيل الشبكات المتقادمة وكذا البحث عن التسربات وإصلاحها.
ويوجد حاليا مشروع، في طور التحضير، لإعادة تأهيل الشبكة المتقادمة لمدينة العيون أنجز المكتب دراساته، وهو في مرحلة إطلاق طلبات العروض من قبل الشركة الجهوية متعددة الخدمات للعيون-الساقية الحمراء، التي ستتولى الإشراف على المشروع، وذلك بغلاف مالي يقدر بـ 300 مليون درهم.
وتعتمد سياسة تدبير الموارد المائية، التي تقع في صلب ورش الجهوية المتقدمة، على المشاركة الفعالة للجماعات الترابية والمجتمع المدني، من أجل بلورة حلول محلية ملائمة لتحديات الإجهاد المائي والتغير المناخي.














