العقار.. سوق بصدد إعادة التشكل

27 أكتوبر 2025آخر تحديث :
العقار.. سوق بصدد إعادة التشكل
سارة رحال (و.م.ع)///

يمر سوق العقار بالمغرب، خلال سنة 2025، بمرحلة مفصلية تتسم بتراجع المعاملات واستقرار الأسعار، وكذا بتحولات هيكلية عميقة تعيد رسم توازناته.

وإذا كانت المؤشرات تعكس حالة من التباطؤ، فإن المهنيين يرون أن الأمر لا يتعلق بأزمة، بقدر ما هو إعادة تشكل للسوق.

فبرأيهم، هذه الفترة انتقالية، حيث يبدو أن القطاع بصدد إعادة النظر في أسسه من أجل التكيف مع المستجدات الاقتصادية الراهنة، في ظل تطور أساليب التمويل والتنامي الكبير للاحتياجات الاجتماعية.

ووفقا للخبير في قطاع العقار ومؤلف دليل “ريبونس-إيمو” (Répons’IMMO)، أمين المرنيسي، فإن 2025 سنة يغلب عليها عدم اليقين على مستوى الظرفية، إلا أنها ساهمت بشكل من الأشكال في حالة الصمود التي عرفها قطاع العقار، مستشهدا بمؤشر أسعار الأصول العقارية، الذي أظهر تراجع المعاملات بنسبة 30 في المائة خلال الفصل الأول، وبنسبة 21.2 في المئة خلال الفصل الثاني من 2025، بالإضافة إلى ركود في الأسعار.

وأكد الخبير، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا التباين بين الحجم والأسعار يعكس “صمود الفاعلين في القطاع، بل وصلابتهم، وكذا ثقتهم في مستقبل أفضل على المدى المتوسط”.

 

ديناميات متباينة حسب القطاعات

 

لا تؤثر إعادة تشكل سوق العقار على جميع الفروع وبنفس الكيفية. والواقع أن السكن الفاخر يظل سوقا “متخصصا”، بفضل قاعدة زبناء مخلصين وقادرين على الوفاء بالتزاماتهم.

وحسب المرنيسي، فإن “العقار الفاخر يعتبر سوقا متخصصا، زبناؤه جاهزون، إما للسكن أو للاستثمار في الإيجار. فالطلب موجود، والأسعار في ارتفاع مستمر، لا سيما في المدن الكبرى التي تعتبر خيارات استثمارية آمنة”.

أما العقار من الفئة المتوسطة، فيغذي سوق العقارات المستعملة بشكل رئيسي، نظرا لعدم كفاية المعروض الجديد في المراكز الحضرية. من جهته، يشهد قطاع السكن الاقتصادي انتعاشا بفضل برنامج “دعم السكن”، الذي أطلق في يناير 2024.

وأوضح الخبير أن “الدعم المباشر المقدم للمشترين لأول مرة (100.000 درهم للسكن الذي يقل سعره عن 300.000 درهم، و70.000 درهم للسكن الذي تتراوح أسعاره ما بين 300.000 و700.000 درهم) منح دفعة قوية” للقطاع.

وفي معرض تحليله للعلاقة بين العرض والطلب، أكد المرنيسي أنه لا يوجد سوق عقاري واحد في المغرب، لافتا إلى أن “لكل مدينة مسارها ووضعها الاقتصادي الخاص. لذلك لا ينصح بالتعميم، لأن ذلك قد يؤثر سلبا على التحليل”.

وعلاوة على ذلك، توقف الخبير عند الصعوبات التي يواجهها مهنيو القطاع؛ مشيرا إلى أن المنعشين والوكالات العقارية والموثقين يشكلون حلقات أساسية في سوق العقار ويعملون في إطار ترابط شبه دائري.

فبالنسبة للمنعشين العقاريين، شدد المرنيسي بالخصوص على ندرة الأراضي القابلة للاستغلال وبأسعار معقولة، والمساطر الإدارية المطولة.

وفي ما يتعلق بمهنيي الوكالات العقارية، فيشتكون أساسا من غياب إطار قانوني ينظم مهنتهم، مما يفتح الباب أمام ممارسة غير مهيكلة من الصعب احتواؤها.

أما بالنسبة للموثقين، فقد شكلت الرقمنة الإدارية فرصة وعاملا لا غنى عنه للتقدم، لكن هذا التحديث لا يخلو من نواقص، حيث تتسبب بعض المنصات في حدوث تأخيرات.

وفي ظل هذه الظروف، يترقب الملاحظون أرقام مؤشر أسعار الأصول العقارية برسم الفصل الثالث من عام 2025، والتي سينشرها قريبا بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.

وستكون هذه البيانات حاسمة في تقييم المسار الحقيقي للقطاع وتحديد ما إذا كان الاتجاه التنازلي المسجل في طور الانحسار أو الاستقرار أو -على العكس من ذلك- سيبقى لمدة أطول.

من جانبهم، يأمل الفاعلون في حدوث انتعاش طفيف، مدفوع بالتخفيف التدريجي لشروط التمويل، واستمرار الثقة في قطاع العقار، والآثار الآجلة لبرنامج “دعم السكن”.

ومع ذلك، يبقى الحذر واجبا، إذ سيتعين على القطاع التعامل مع طلب لا يزال هشا ومناخ دولي تسوده حالة عدم اليقين. لكن غالبية المحللين يتفقون على أن قطاع العقار في المغرب لا يزال يتمتع بالمرونة ويظل مقياسا ذا مصداقية للثقة الاقتصادية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق