تعتزم الحكومة جعل مشروع قانون المالية لسنة 2026 منعطفا حاسما في مسار توطيد التوجهات الميزانياتية على المدى المتوسط، وفق ما جاء في المذكرة التقديمية لهذا المشروع.
وبحسب المذكرة المنشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة الاقتصاد والمالية، فإن هذا التوجه يهدف إلى تعزيز مصداقية السياسة الميزانياتية وضمان التحكم الصارم في العجز والمديونية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على قدرة الدولة على تعبئة الموارد اللازمة لتمويل الأولويات الاجتماعية والاقتصادية.
وأضافت المذكرة أن هذه التدابير المزمع اتخاذها تندرج ضمن دينامية إعادة التوازن التدريجي للمالية العمومية، عبر ترشيد النفقات، وتوسيع الوعاء الضريبي، والتحكم في وتيرة اللجوء إلى المديونية.
وتعتبر هذه التوجهات التي حظيت بإشادة المؤسسات المالية الدولية، دليلا على صمود الاقتصاد الوطني ومصداقية سياسته الميزانياتية. كما تعكس الثقة المتجددة للشركاء الخارجيين في متانة الإطار الماكرو-اقتصادي الوطني، فضلا عن وجاهة الاختيارات الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب في المجالين الميزانياتي والاقتصادي عموما.
وفي هذا السياق، أبان توازن المالية العمومية عن قدرة ملحوظة على الصمود أمام توالي الأزمات الأخيرة، التي فرضت الالتزام بعدد من النفقات الاستعجالية والضرورية.
ويتعلق الأمر، على وجه الخصوص، باللجوء إلى فتح اعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة بمبلغ 13 مليار درهم، بموجب المرسوم المرسوم رقم 2.25.368 الصادر بتاريخ 28 أبريل 2025 عن رئيس الحكومة، وذلك بغرض دعم الوضعية المالية لعدد من المؤسسات العمومية، والمساهمة في تمويل مشاريعها الاستراتيجية، وتغطية النفقات الإضافية الناجمة عن الحوار الاجتماعي لفائدة بعض فئات الموظفين.
وأسفرت الجهود المبذولة عن تقليص تدريجي للعجز الميزانياتي، الذي يرتقب أن يبلغ 3,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2025، وفق التوقعات الأولية لقانون المالية، ليسجل بذلك تحسنا بنحو 0,3 نقطة مقارنة مع سنة 2024 التي بلغ فيها 3,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وقد مكن هذا التحسن الملموس في المالية العمومية للمملكة من تعزيز مصداقيتها المالية ومكانتها في الأسواق الدولية. فبعد تراجع تنقيطها سنة 2020 بسبب تداعيات الجائحة، ققد راجعت تدريجيا مختلف وكالات التنقيط، فيتش، وستاندرد آند بورز، آفاقها، مثمنة الإنجازات التي حققتها المملكة في ما يخص مجال الحكامة والانضباط الميزانياتي.
وتوج هذا المسار خلال شهر شتنبر 2025 عبر قرار وكالة ستاندرد آند بورز التي رفعت التنقيط السيادي للمغرب من BB/B إلى 3-BBB-/A الذي حسن آفاق تطوره من مستقر إلى إيجابي، ليمكن بذلك المملكة من استعادة وضع “درجة الاستثمار” (Investment Grade).
وفي السياق نفسه، أكدت وكالة Fitch Ratings نقطة (BB+)، لتؤكد بذلك صلابة الأسس الماكرو اقتصادية، ونجاعة الإصلاحات الهيكلية التي تم اعتمادها والمجهودات المتواصلة لتنويع الاقتصاد المغربي.