أكد وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، اليوم الأربعاء بفاس، أن المغرب شهد، خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة في مجال النقل، خاصة على مستوى الربط بين المدن وتنقل الأشخاص والبضائع.
وأوضح قيوح، في كلمة خلال افتتاح أشغال الندوة الدولية حول “الولوجية والتنقل في المجالات الحضرية وشبه الحضرية: التحديات والفرص أمام مدن الغد”، بحضور، على الخصوص، وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن هذه التحولات تندرج في إطار رؤية استراتيجية شاملة تروم بناء نظام نقل عصري مستدام ومندمج، في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الوطني.
وأضاف أن المملكة تواصل، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مسارا طموحا لتحويل نموذجها التنموي نحو مزيد من الاندماج الترابي والاستدامة البيئية، وفعالية السياسات العمومية، مبرزا أن قطاع النقل والتنقل يعد من بين الرافعات الأساسية لهذا التحول.
وتوقف الوزير عند المشاريع الكبرى المنجزة أو قيد الإنجاز في القطاع السككي، ولاسيما مشروع القطار فائق السرعة، مشيرا إلى أن جلالة الملك أشرف مؤخرا على إطلاق محور القنيطرة-مراكش، الذي يمتد على مسافة 430 كلم، بما يعزز الربط بين شمال المملكة ووسطها وجنوبها، إلى جانب مشروع الشبكة السريعة بجهة الدار البيضاء، كحل مبتكر للتنقل الحضري وشبه الحضري.
كما أبرز الدينامية المتواصلة التي يشهدها قطاع النقل الجوي، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز فعاليته وتنافسيته إقليميا ودوليا، موضحا أنه تم اعتماد استراتيجية طموحة لرفع القدرة الاستيعابية للمطارات الوطنية إلى 80 مليون مسافر سنويا في أفق 2030، مع جعل مطار محمد الخامس بالدار البيضاء منصة محورية تربط إفريقيا بباقي أنحاء العالم.
وأشار الوزير أيضا إلى أن هذه الرؤية تشمل تطوير النقل الجوي عبر توسيع أسطول الخطوط الملكية المغربية، بما يسهم في تحسين الربط بين مختلف جهات المملكة وتعزيز جاذبيتها السياحية والاقتصادية.
وفيما يتعلق بالنقل الحضري للبضائع بالمدن الكبرى، ومنها فاس، شدد قيوح على أهمية عقلنة وتحديث أساليب التوزيع، من خلال إحداث مناطق لوجستية محيطية، على غرار مشروع المنطقة اللوجستية بـ”راس الماء” الممتدة على 32 هكتارا، والتي ستسهم في تجميع وتوزيع البضائع خارج المدار الحضري، مما سيمكن من تقليص الضغط على وسط المدينة وتحسين انسيابية نقل السلع نحو الأسواق والمراكز التجارية.
كما أبرز أن الوزارة تعمل، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، على إنجاز دراسة استراتيجية لإعداد ميثاق وطني للتنقل المستدام والشامل في أفق 2035، سيكون بمثابة إطار مرجعي لتنسيق جهود جميع الفاعلين قصد بلوغ أهداف التنقل المستدام.
وخلص إلى أن المغرب يقترب من مرحلة حاسمة في مساره التنموي، استعدادا لمواعيد دولية كبرى، وفي مقدمتها كأس العالم 2030، مبرزا أن المملكة تستعد لإبراز قدرتها على بناء نظام تنقل مندمج وآمن وشامل.
من جهته، أبرز الأمين العام للجمعية العالمية للطرق، باتريك ماليجاك، في مداخلة عبر تقنية التناظر المرئي، أن تنظيم هذه الندوة بفاس يشكل “دليلا إضافيا على الدينامية التي يشهدها المغرب وعلى تميز علاقات التعاون القائمة”، مذكرا بأن المغرب يعد من بين الدول المؤسسة للجمعية.
وأشار إلى أن المملكة ستحتضن سنة 2027 أول مؤتمر دولي للجمعية حول الجسور، مبرزا دور هذه المنظمة في نشر الممارسات الفضلى وتطوير أدوات فعالة لدعم القرار في مجال الطرق والنقل الطرقي.
أما رئيس الجامعة الخاصة لفاس، محمد عزيز لحلو، فأكد أن هذه الندوة تندرج في إطار دينامية وطنية قوية يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتهدف إلى تقليص الفوارق المجالية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، ودعم تنمية متوازنة وشاملة بمختلف جهات المملكة.
وشدد على أن التنقل والولوجية لم يعودا مجرد قضايا مرتبطة بالبنية التحتية، بل أضحيا رهانا للعدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي والاستدامة البيئية، مبرزا الدور الذي تضطلع به الجامعة، إلى جانب مهامها التعليمية، كفاعل في التنمية الترابية، وفضاء للتفكير والابتكار، وشريك في التحول الحضري والاجتماعي.
وتتواصل أشغال هذه الندوة الدولية على مدى ثلاثة أيام، بمبادرة من الجمعية المغربية الدائمة لمؤتمرات الطرق، بشراكة مع الجمعية العالمية للطرق والجامعة الخاصة لفاس، وتحت إشراف وزارة التجهيز والماء.