أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية .. أستاذان يابانيان مرموقان يدافعان عن مقاربة عقلانية وسلمية لقضية الصحراء

12 أكتوبر 2025آخر تحديث :
أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية .. أستاذان يابانيان مرموقان يدافعان عن مقاربة عقلانية وسلمية لقضية الصحراء
(آش 24)///

ترافع صوتان يابانيان بارزان، هما الأستاذة كي ناكاغاوا والأستاذ شوجي ماتسوموتو، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل دعوة المنتظم الدولي إلى بلورة مقاربة واضحة وموضوعية بشأن قضية الصحراء.

وحملت مداخلتاهما رسالة واحدة: حان الوقت لإحداث قطيعة مع الخطابات الإيديولوجية والإجراءات الروتينية المؤسساتية، من أجل الاعتراف بالشرعية الديمقراطية للساكنة الصحراوية المشاركة في المؤسسات المغربية، وإدراج القضية ضمن إطارها الصحيح، المتمثل في مجلس الأمن، الهيئة الوحيدة المخولة بضمان تتبعها.

 

الشرعية الانتخابية في مقابل الدغمائية الإيديولوجية

 

تستند كي ناكاغاوا، أستاذة علم الاجتماع ورئيسة جامعة “هاغورومو” في اليابان، إلى تجربتها كمراقبة دولية خلال الانتخابات التشريعية بالمغرب، للتذكير بأمر بديهي يتم غالبا تغييبه، وهو أن التمثيل السياسي الحقيقي للساكنة الصحراوية يتم قياسه من خلال صناديق الاقتراع، وليس بالشعارات.

وأبرزت أن المغرب قام بتوطيد أسس عملية انتخابية حرة ومنتظمة حظيت باعتراف المجتمع الدولي، في حين أن خيار الاستفتاء، الذي تم طرحه في السابق، تم تجاوزه بسبب غياب إحصاء شفاف وموثوق.

وشددت على أن الصحراويين يشاركون بشكل مكثف في الانتخابات، لاسيما في الداخلة، كما أن النساء يضطلعن بدور متزايد سواء كمرشحات أو كمنتخبات. هذه المؤشرات على الدينامية الديمقراطية تدحض الادعاءات بشأن احتكار للتمثيلية من قبل “البوليساريو”، لا سيما وأن عددا من مؤسسيها اختاروا العودة إلى المغرب والانخراط في مسار الوحدة والتنمية.

وحسب ناكاغاوا، فإن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تعد التجسيد الأكثر واقعية للحق في تقرير المصير، إذ تشكل حلا ديمقراطيا، وسلميا، وشاملا.

 

الإطار القانوني والتهديد الأمني

 

من جانبه، يتبنى شوجي ماتسوموتو، الخبير في القانون الدولي ورئيس المركز الدولي لدراسة الانفصالية في طوكيو، مقاربة مؤسساتية واستراتيجية، معتبرا أن الإبقاء على إدراج قضية الصحراء ضمن جدول أعمال اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة أضحى متجاوزا ويشكل مفارقة تاريخية.

فعلى الصعيد القانوني، يذكر الأستاذ، أنهى انسحاب إسبانيا سنة 1975 الوجود الاستعماري، وبذلك، “فإن المغرب ليس قوة استعمارية، بل دولة ما بعد فترة الاستعمار تستعيد سيادتها التدريجية على أرضها انطلاقا من أسس تاريخية”.

وعلى الصعيد السياسي، استنكر إبقاء هذا الملف مفتوحا بالتوازي داخل كل من اللجنة الرابعة ومجلس الأمن، مما يؤدي إلى الازدواجية، والتناقض، وهدر الموارد.

غير أن الأستاذ ماتسوموتو يركز على إشكال أكثر إلحاحا، يتعلق بالبعد الأمني.

فاستنادا إلى تقارير استعلاماتية يابانية (في سنوات 2011 و2013 و2014)، والتحقيقات المرتبطة بأحداث “عين أمناس” في الجزائر، تطرق الخبير الياباني إلى الارتباطات القائمة بين بعض عناصر “البوليساريو” والشبكات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل. واعتبر أن هذا الوضع يحول نزاعا قديما لتصفية الاستعمار إلى تحد أمني عالمي يهدد الاستقرار في المنطقة المغاربية والساحل وخارجهما.

ومن ثم، يخلص الأستاذ إلى أن النقاش لم يعد مجرد مسألة تصفية استعمار موروث، بل أصبح تحديا أمنيا جماعيا، داعيا إلى إعادة تركيز النقاش داخل مجلس الأمن من أجل تفادي التسييس وتشجيع حل واقعي ودائم وينسجم مع السلام الإقليمي.

 

نحو قراءة جديدة لقضية الصحراء

 

ترسم المداخلتان المشتركتان للأستاذين ناكاغاوا وماتسوموتو ملامح منظور ديبلوماسي جديد، لم يعد يقارب الصحراء باعتبارها رمزا إيديولوجيا، بل فضاء إنسانيا ومؤسساتيا وجيوسياسيا.

وتجسد مقاربتهما موقف اليابان، المتسم بالحزم والدقة القانونية والانشغال بالاستقرار الدولي.

ومن خلال المناداة بتجاوز منطق المواجهة والإقرار بالواقع الديمقراطي في الميدان، فإن هذين الباحثين يحثان منظمة الأمم المتحدة على تغليب خيار العقل: تسوية سياسية متجذرة في الشرعية الانتخابية، والأمن الإقليمي والتماسك المؤسساتي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق