الفلاحة والمناخ: حوض المتوسط يتعبأ من مكناس من أجل انتقال مرن

9 أكتوبر 2025آخر تحديث :
الفلاحة والمناخ: حوض المتوسط يتعبأ من مكناس من أجل انتقال مرن
(آش 24)///

التأم باحثون وخبراء وفلاحون، اليوم الخميس بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، للتباحث حول سبل تأقلم الفلاحة مع التغيرات المناخية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، المنظم في إطار مشروع “AACC-Med” (التأقلم الفلاحي مع التغير المناخي في المتوسط)، أكد مدير المدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، سعيد عميري، أن التغير المناخي يشكل اليوم أحد أكبر التحديات التي تواجه الفلاحة العالمية.

وأبرز أن هذه الظاهرة العالمية تهدد الأمن الغذائي والموارد الطبيعية وكذا استقرار المجتمعات القروية.

وشدد عميري على أن المدرسة الوطنية للفلاحة مقتنعة بأن التأقلم والانتقال لا يمكن أن يتحققا إلا عبر “تعاون وثيق” بين مؤسسات البحث والتكوين والفاعلين الميدانيين وصناع القرار.

واعتبر أن هذا المؤتمر يجسد روح “التقاسم والبناء المشترك”، من خلال جمعه فلاحين وباحثين وفاعلين عموميين وخواص من عدة بلدان متوسطية، بهدف تحديد روافع للعمل الجماعي وآليات تمويل تدعم فلاحة أكثر “إنصافا وقدرة على الصمود”.

كما أبرز عميري الدور المحوري للمدرسة في مجال “البناء المشترك، والتجريب، ونقل الابتكار” داخل المجالات القروية، مشيرا إلى أنها تعتمد “مقاربة مندمجة ومتعددة التخصصات” لمواجهة التحديات المعقدة المرتبطة بالاستدامة.

وفي هذا السياق، أطلقت المدرسة منذ ثلاث سنوات شعبة في الهندسة الزراعية الإيكولوجية، تروم مواكبة تحول النظم الفلاحية، وإعداد جيل جديد من المهندسين القادرين على إدماج مبادئ الزراعات الإيكولوجية في تصميم وتدبير وتثمين الأنظمة الزراعية، بما يعزز “قدرة الفلاحين على الصمود” في مواجهة التغير المناخي.

ومن جهتها، استعرضت مريم العلوي، المشرفة بالنيابة على المركز الوطني للمناخ (المديرية العامة للأرصاد الجوية)، الوضعية المناخية الراهنة في منطقة المتوسط والمغرب.

وسجلت الارتفاع المتسارع في درجات الحرارة، والانخفاض الملحوظ في التساقطات، إلى جانب توقعات مقلقة وآثار مباشرة على الفلاحة، خاصة من خلال ندرة المياه، وتراجع المردودية، وارتفاع هشاشة المناطق القروية.

وسلطت السيدة العلوي الضوء على التدابير الوطنية المتخذة للتخفيف من آثار الاختلالات المناخية، مشيرة بالخصوص إلى نظام “CGMS-Maroc” المخصص للدعم في اتخاذ القرار الفلاحي-المناخي، والذي يعتمد على دمج المعطيات المناخية والفضائية والإحصائية من أجل مراقبة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية والتنبؤ بها.

وأكدت أن تعزيز الخدمات المناخية يتطلب إلى جانب الابتكارات التقنية، شراكات شاملة، وجهودا في التكوين والمواكبة والتحسيس، فضلا عن تمويل مستدام.

وعقب الجلسة الافتتاحية، جرى الاستماع لشهادات فلاحين قدموا من عدة دول، منها فرنسا وتونس، حول تجربتهم المباشرة مع تداعيات التغير المناخي.

ويندرج هذا اللقاء ضمن سلسلة “التبادلات بين ضفتي المتوسط”، التي أطلقتها مؤسسة الفلاحة والتنمية القروية عبر العالم وشركاؤها، من أجل تعزيز الحوار بين الفاعلين الفلاحيين في المنطقة المتوسطية وصناع القرار العموميين والباحثين والممولين والمقاولات ومكونات المجتمع المدني.

ويتضمن برنامج الندوة تنظيم مائدتين مستديرتين حول مواضيع “التنظيم من أجل التكيف: رافعة العمل الجماعي”، و”تمويل التكيف: تحليل العراقيل وتقاسم الرافعات”.

وقد أطلق مشروع “AACC-Med” سنة 2024 لمدة ثلاث سنوات، بهدف إحداث شبكة متوسطية متعددة الفاعلين، وتحفيز الأطراف المعنية بالقطاع الفلاحي، وصياغة توصيات موجهة لصناع القرار العموميين والخواص.

وعلى الصعيد الوطني، شملت التحضيرات تنظيم زيارات ميدانية لمزارع نموذجية في منطقتي تازة ومكناس. ففي تازة، باشر الفلاحون عملية تحويل الأراضي المخصصة للحبوب إلى غراسة اللوز، بدعم من شركاء محليين من قبيل “Fert” و”Fert Maroc”، بما يمكن من تعزيز المداخيل والقدرة على الصمود أمام الجفاف وتعرية التربة.

ويشكل مؤتمر مكناس أول محطة ضمن برنامج “التبادلات بين ضفتي المتوسط”، الذي ستتواصل فعالياته في نونبر المقبل بمدينة مونبلييه الفرنسية، ثم بمدينة الأقصر المصرية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق