الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب: تحسن متواصل يعكس جاذبية الاقتصاد الوطني

18 يوليو 2025آخر تحديث :
الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب: تحسن متواصل يعكس جاذبية الاقتصاد الوطني
يسرى بوكربة (و.م.ع)///

يتواصل تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب، في أعقاب الانتعاش الذي بدأ سنة 2024، مما يعكس جاذبية اقتصادية تتعزز بشكل متزايد.

وبحسب مكتب الصرف، فإن هذه الدينامية تجسدت من خلال صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الذي بلغ 14,12 مليار درهم إلى غاية متم ماي 2025، بارتفاع نسبته 41,7 في المائة على أساس سنوي، مما يعكس الثقة المتجددة للمستثمرين في الاقتصاد الوطني، والإرادة الواضحة لانفتاحه على الصعيد الدولي.

وفي هذا الصدد، أبرز الخبير الاقتصادي والمتخصص في السياسات العمومية، عبد الغني يومني، أنه بعد الانتعاش الملحوظ لسنة 2024، يؤكد المغرب مكانته كثاني وجهة إفريقية في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مدعوما باقتصاد التكتل القائم على بنية تحتية حديثة، وموردين متخصصين، وكفاءات مؤهلة، وسلاسل لوجستيكية متكاملة.

وأوضح يومني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب يراهن على جودة تجهيزاته الهيكلية التنافسية والتخصص التكنولوجي، على خلاف بلدان أخرى بالمنطقة تعتمد على مزايا أكثر تقليدية، من قبيل وفرة اليد العاملة منخفضة التكلفة أو انخفاض قيمة العملة.

ويتيح موقع المغرب ميزة تنافسية ملموسة، مما يمكن من جذب المستثمرين الراغبين في الاستفادة من منظومات صناعية مندمجة وناجعة. تموقع معزز، لكن التحديات لا تزال قائمة

ويشكل الاستقرار الماكرو- اقتصادي والسياسي، فضلا عن اعتماد رؤية استراتيجية واضحة، وتطوير ممرات لوجستيكية متعددة الوسائط -بحرية، جوية وبرية – مدعومة بسياسة عمومية استباقية، أحد أبرز العوامل التي تدعم هذه الدينامية الإيجابية وتعزز جاذبية المملكة.

ومن بين الركائز الأساسية لهذا النمو، يبرز الميثاق الجديد للاستثمار الذي يعزز اهتمام المستثمرين بالمغرب ويكرس موقعه على خارطة الاستثمارات الدولية.

في المقابل، يبرز يومني أن رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة يظل منخفضا نسبيا، إذ يبلغ 61,5 مليار دولار، وهو ما يعكس جاذبية لا تزال بحاجة إلى التحسين، لا سيما بالنظر إلى التأثير المرتقب للاستثمارات الأجنبية المباشرة على التشغيل والتصنيع والنمو.

وفي هذا الإطار، أوضح أن المغرب يواجه تحديات تحول دون ترسيخ الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل دائم وتعرقل استثمار إمكاناته بشكل أفضل، ومن ضمنها محدودية الولوج إلى الأسواق الدولية.

وتابع أن هذه الإكراهات تغذيها بيئة جيوسياسية غير مستقرة، وركود اقتصادي لدى الشركاء الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي.

 

التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية

 

في هذا السياق، اعتبر يومني أن تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الطاقات المتجددة، وصناعة السيارات، والرقمنة، والصناعات الغذائية، والصيدلة، والتكنولوجيا الحيوية، يشكل محركا استراتيجيا.

ومع اقتراب التحول الديمغرافي المرتقب سنة 2050، أبرز الخبير أن المغرب مدعو إلى تعزيز تموقعه من خلال الارتقاء بكفاءة رأسماله البشري، وإرساء استراتيجيات قطاعية محددة الأهداف بهدف استقطاب استثمارات ضخمة، مستدامة ومولدة للقيمة.

 

تعزيز تضافر الجهود إقليميا لضمان استدامة الدينامية

 

يكمن ضمان استدامة تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب في الاندماج الإقليمي، الذي يعتبر مسارا استراتيجيا من شأنه تقوية مكانة المملكة واستقطاب المزيد من الاستثمارات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية. وعلى عكس ما يعتقد، يوضح السيد يومني أن غياب منافسة إقليمية قوية يمكن أن يعيق بروز منظومات صناعية مترابطة، تعد ضرورية للابتكار والجاذبية، كما تبرهن على ذلك عدة نماذج في آسيا وأوروبا الوسطى.

وأكد أن هذه المقاربة، القائمة على نظرية التجمعات الصناعية لبورتر ونظرية سلاسل القيمة العالمية لبلدوين، تفضل الروابط المتخصصة ضمن شبكات إنتاجية متكاملة، مشيرا إلى نموذج “مصنع آسيا” الذي يبين كيف يمكن لدول متوسطة أن تستقطب الاستثمارات من خلال الاضطلاع بدور محوري في مجالي التجميع واللوجستيك.

بفضل أسس اقتصادية متينة وتموقع قطاعي يعرف تطورا مستمرا، يمكن للمغرب أن ينتقل إلى مرحلة جديدة في استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة مستدامة ومولدة للثروة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق