تقف جهة بني ملال-خنيفرة عند منعطق حاسم في مسار تعميم الكهربة القروية، انطلاقا من استراتيجية طموحة تضع الولوج إلى الكهرباء في صلب أولوياتها التنموية.
ويتعلق الأمر بإنجاز متجسد على أرض الواقع يشهد عليه لحسن الحاج المالكي القاطن بقرية إرشكيكن التابعة لجماعة مريرت، وهي قرية من بين دواوير عدة استفادت من برنامج الكهربة القروية الشاملة على مستوى إقليم خنيفرة.
يقول الماكي بنبرة يطبعها الامتنان إن “وصول الكهرباء غير حياتنا اليومية؛ مكن الأطفال من الدراسة في ظروف جيدة، وعزز أمننا، وخاصة ليلا”.
وعبر عن فخره برؤية قريته وقد خرجت من عزلتها لتنعم بالخدمات الأساسية والبنيات التحتية اللازمة لحياة كريمة.
بالنسبة لهذا الرجل، لا يمثل الولوج إلى الكهرباء ترفا، بل رافعة حيوية للاستقرار والأمل للأجيال الصاعدة، مسجلا أن هذا التغيير أصبح ممكنا بفضل التعليمات الملكية السامية الداعية إلى إيلاء اهتمام أكبر لساكنة المناطق القروية والنائية.
وبالفعل، تقترب جهة بني ملال-خنيفرة من بلوغ هدف كهربة 99.95 في المائة من القرى، في خطوة كبرى تندرج في إطار تنفيذ برنامج الكهربة القروية الشاملة.
وانطلاقا من حرصها الدائم على تحسين الظروف المعيشية لساكنة المناطق القروية والجبلية، نجحت الجهة، حتى الآن، في كهربة 3595 قرية، تضم أكثر من 189 ألف أسرة، مواصلة بذلك جهودها لترسيخ المساواة في الولوج إلى الخدمات الأساسية والتمدرس، وتمكين المرأة، والولوج إلى الرعاية الصحية، مع تعزيز أمن وحيوية الفضاءات القروية من خلال توسيع الإنارة العمومية.
واستمرارا لهذه الجهود، تتجه الجهة تدريجيا نحو تعميم الكهرباء في العالم القروي، بتنفيذ البرنامج المذكور بوتيرة متحكم فيها، حيث تخطط حاليا لتزويد 130 قرية جديدة تضم 2675 أسرة.
ويشكل برنامج الكهربة القروية الشاملة الذي أُطلق عام 1996، وينفذه المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ووزارة الداحلية من خلال المديرية العامة للجماعات الترابية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمجالس المنتخبة، ورشا هيكليا مكن المملكة من التموقع كنموذج في مجال الكهربة القروية على المستويين القاري والدولي.
وعبأ هذا البرنامج الطموح مجموعة متنوعة من الحلول التقنية الرامية إلى تعميم الولوج إلى الكهرباء، لاسيما الربط بالشبكة الوطنية بتوصيلات فردية، وكذا أنظمة لامركزية مثل لوحات شمسية ومحطات طاقية صعيرة.
وعلى مستوى جهة بني ملال-خنيفرة، استفادت 119 جماعة قروية من أصل 135 من هذا البرنامج، من خلال الربط بالشبكة الكهرباية، أو تركيب لوحات شمسية؛ إذ منذ إطلاق برنامج الكهربة القروية الشاملة، عرفت آلاف الأسر في هذه المناطق تحولا عميقا في حياتها اليومية بفضل الولوج إلى الكهرباء.
وباعتباره مفتاحا للتنمية، مكن الكهرباء من تقليص نفقات الأسر على أنواع أخرى من الطاقة، وشجع على ظهور أنشطة مدرة للدخل باستخدام الموارد المحلية. وكان لهذا البرنامج أيضا تأثير كبير على تطوير حرف يدوية تتطلب معدات كهربائية، وعلى نمو الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المناطق القروية.
ومن جهة أخرى، ساهمت كهربة القرية في مكافحة الهدر المدرسي والحد من الهجرة القروية من خلال تحسين الظروف المعيشية وتعزيز جاذبية العالم القروي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أبرز المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في بني ملال-خنيفرة، حسن صادق، التقدم الكبير المحرز في مجال الكهربة القروية بالجهة، مؤكدا أن هذا التقدم يمثل مكسبا كبيرا يساعد على مواصلة التنمية السوسيوـاقتصادية في الوسط القروي.
وأوضح صادق أن جهة بني ملال-خنيفرة، المعروفة بتضاريسها الجبلية والوعرة، استفادت من برمجة حوالي 3695 قرية موزعة على كامل تراب الجهة، مذكرا بأن تنفيذ برنامج الكهربة القروية الشاملة تطلب غلافا ماليا فاق 5 مليارات درهم.
وسجل أن هذا البرنامج ساهم بشكل كبير في تنشيط دينامية التنمية المحلية من خلال دعم الأنشطة الفلاحية وتربية الماشية، مع تحفيز خلق فرص الشغل في الوسط القروي.
وإذا كان لبرنامج الكهربة القروية الشاملة أثر كبير في تحسين الظروف المعيشية في قرى جهة بني ملال-خنيفرة من خلال إرساء أسس التنمية المستدامة والشاملة، فإنه أعطى أيضا دفعة قوية لمشاريع هيكلية أخرى تنفذ بالتوازي في مجالي المياه والصحة، وساهم بشكل كبير في تمدرس الأطفال وتعزيز جاذبية المناطق النائية.