منذ تسلمه مهامه كوالي جهة مراكش- آسفي وعامل عمالة مراكش بالنيابة، لم يحتج رشيد بنشيخي لأكثر من شهر ليترك بصمة واضحة ويحدث رجة قوية في دينامية تسيير الشأن المحلي، واضعا قضايا نظافة المدينة، الإنارة، وتتبع أوراش التهيئة الكبرى استعدادا لاحتضان المدينة تظاهرات قارية ودولية على رأس أولوياته. وهي أولويات لا تنبع فقط من ضرورات التسيير، بل من وعي عميق بخصوصية مراكش كمدينة تاريخية ذات إشعاع وطني ودولي.
وفي أيامه الأولى بمنصبه الجديد، أعطى الوالي بنشيخي تعليماته الصارمة لإزالة مخلفات البناء وأشغال التهيئة التي شوهت جمالية شوارع العاصمة السياحية للمملكة، مؤكدا على التنسيق الميداني بين مختلف الفاعلين، وعلى ضرورة التتبع اليومي والرقابة الفعالة لتفادي التراخي أو التسويف.
هذه الدينامية الجديدة لم تمر مرور الكرام، بل وجدت صداها سريعا في الشارع المراكشي، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحولت الصفحات إلى فضاء للتفاعل الشعبي مع تحركات الوالي الجديد، في مشهد قلما يرى في الحياة الإدارية المغربية.
وهكذا، وفي زمن تصنع فيه الانطباعات في العالم الافتراضي قبل الواقع، جاء تفاعل سكان المدينة على (فيسبوك) ليتوج هذه الجهود ويمنح الوالي شرعية شعبية مبكرة، حيث امتلأت منصات التواصل بتعليقات إيجابية تشيد بالنهج الجديد والحزم الذي أبان عنه بنشيخي.
ففي أحد التعليقات الغاضبة من محاولات التشويش على الدينامية الجديدة التي تشهدها مراكش، كتب أحد المواطنين “رشيد بنشيخي المسؤول الأول لي بين حنت يدو فتدبير ملف زلزال الحوز وشيء طبيعي بغيتو تبداو تحاربوه يا عش الضبابير لي مجموعين فمراكش بمختلف القطاعات”، ليزيد موضحا “الوالي كيمثل سيدنا ومن هيبة الدولة والإلتزام بتطبيق القانون أنه خاصو يطير لي خارج على القانون وداير السيبة حتلتو الأرض كاملة بقات ليكم غير السما لي بعيدا”.
وفي تعليق آخر لا يخلو من سخرية وواقعية كتب أحد أبناء المدينة “أنا من ساكنة مراكش. الوالي الجديد خدام مزيان اسحن من لي مشاو”، قبل أن يضيف “كنتمنى الوالي يدوز من جيليز يحيد لينا شي كم.. الويل. عاش سيدنا”.
هذا التفاعل الشعبي، وإن كان تلقائيا، فهو يحمل في طياته رسائل واضحة وعميقة. وهي أن مراكش كانت في حاجة ماسة إلى مسؤول ميداني، يقطع مع زمن التراخي الإداري، ويعيد للمدينة هيبتها وجمالها، خصوصا في مرحلة ما بعد زلزال الحوز، حيث برز اسم بنشيخي كواحد من أبرز الأطر التي تعاملت بفعالية ومسؤولية مع الأزمة.
ويأتي هذا الدعم الشعبي كرد واضح وصريح على الحملة الممنهجة التي تقودها لوبيات العقار النافذة، المتضررة من عودة سلطة القانون. فئة اعتادت على الاستيلاء غير المشروع على أراضي الدولة، وعرقلة الاستثمارات الجادة عبر فبركة مشاريع صورية لا وجود لها على أرض الواقع. هذه الجهات، التي كانت من أبرز أسباب تعطيل عجلة الاستثمار في المدينة، سارعت إلى إطلاق هذه الحملة ضد الوالي بنشيخي، بعدما بدأت تشعر بجدي السلطات في التصدي للفوضى العقارية وتفكيك منظومة “أباطرة الإسمنت”. اللافت أن هذه الحملة تأتي في لحظة مفصلية، بينما تستعد مراكش لاحتضان كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030، وكأن الهدف الخفي هو التشويش على جهود الدولة وعرقلة مسار الإصلاح في الوقت الخطأ.
ما يقوم به بنشيخي لا يبنى على الشعارات، بل على خطوات محسوبة ومنهجية واضحة، تؤسس لتخليق حقيقي للمرفق العمومي، وتحرير مراكش من بعض الممارسات الريعية التي استفحلت في الإدارات والمجالس لعقود. فتحركاته لا تروج لها عدسات الكاميرات بقدر ما ترصدها عين المواطن البسيط، الذي لمس تغيرات ميدانية حقيقية في ظرف وجيز. فهو لا يشتغل بمنطق الاستعراض أو التهدئة، بل بمنطق الإصلاح الهادئ ولكن الحازم، وذلك ما جعله يربك حسابات المنتفعين من الفوضى، ويستعيد تدريجيا ثقة الشارع في الإدارة.
إن مراكش اليوم أمام لحظة تحول، والساكنة تترقب، تراقب، وتدعم… وعيونها على رجل اختار أن يبدأ بـ “الخدمة” بعيدا عن المكاتب المكيفة، وقريبا من نبض الشارع وهموم الناس.