أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الاثنين بمجلس النواب، أن الحكومة حرصت على ضمان التوازن المالي المستدام لصناديق التغطية الصحية، عبر السعي نحو تبني سياسة دوائية فعالة، أخذا بعين الاعتبار أثر تكلفتها على المواطنين.
وأبرز أخنوش، في عرض خلال جلسة الأسئلة الشفوية الشهرية حول السياسة العامة التي خصصت لموضوع “المنظومة الصحية الوطنية بين المنجزات الراهنة والتطلعات المستقبلية”، أنه جرى إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، التي تشكل رافعة محورية لضمان السيادة الدوائية الوطنية، مبرزا أنها ستتولى مسؤولية ضمان وفرة الأدوية والمنتجات الصحية، مع الحرص على سلامتها وجودتها.
وفي هذا السياق، لفت أخنوش إلى أنه تم الإشراف مطلع هذه السنة على الاجتماع الأول لمجلس إدارة هذه الوكالة، إذ تم الوقوف على القضايا الاستراتيجية المرتبطة بتفعيلها، والمصادقة على برنامج عملها السنوي.
وتابع أخنوش أنه “مواصلة للجهود الحثيثة التي نبذلها لتكريس عدالة صحية حقيقية، كان لزاما علينا أن نجعل من تخفيض أسعار الأدوية أحد أولويات سياستنا الدوائية، إدراكا منا بأن الدواء ليس مجرد سلعة، بل هو حق أساسي من حقوق المواطن في الصحة وسعيا لضمان استدامة منظومة التغطية الصحية الشاملة”.
وذكر رئيس الحكومة بأنه “تم إطلاق سياسة طموحة لمراجعة وتخفيض أثمنة الأدوية، عبر إقرار إجراءات جريئة، كان أبرزها الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، سواء عند الاستيراد أو على المستوى الداخلي، وهو ما أدى إلى خفض أسعار أكثر من 4.500 دواء جنيس”.
وأضاف أنه “إيمانا منا بأن الطريق إلى الإنصاف الصحي لا يتوقف عند محطة واحدة، فإننا مستمرون في نهج هذا الإصلاح، عبر مراجعة منظومة الأسعار لنضمن ألا يكون الدواء عبئا على المواطن، بل وسيلة للشفاء وأملا في الحياة”.
وفي سياق تعزيز استقلالية المنظومة الدوائية وتقليل تبعيتها للخارج، أبرز أخنوش أن الحكومة وضعت خارطة طريق طموحة في هذا المجال، مبرزا أن التحفيزات الممنوحة للمستثمرين ساهمت من إحداث 53 وحدة صناعية متخصصة، مكنت من تغطية أكثر من 70 في المائة من الحاجيات الوطنية من الأدوية، إلى جانب تطوير صناعة الأدوية الجنيسة، التي ارتفع استعمالها إلى 40 في المائة من الاستهلاك الوطني، مما يتيح للمواطنين علاجات فعالة بأسعار مناسبة.
وانسجاما مع هذه الدينامية، التي تتماشى مع الإرادة الملكية السامية، يقول أخنوش، تم إطلاق مشروع بناء مصنع لإنتاج اللقاحات بإقليم بن سليمان، مسجلا أنه “مشروع طموح سيمكن بلادنا من تلبية نسب مهمة من الاحتياجات الوطنية واحتياجات القارة الإفريقية”.
وأبرز أنه “تم تكريس هذا الطموح من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم مابين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ومصنع اللقاحات (MARBIO)، جرى تأكيدها من خلال ثلاثة اتفاقيات توريد للاستجابة للحاجيات الوطنية المبرمجة في الجدول الوطني للتلقيح”، مسجلا أنه “من المتوقع إنتاج حوالي 5 ملايين ونصف من الجرعات خلال سنتي 2025 و2026″.
واعتبر أن هذه الاتفاقيات تجسد مرحلة أولى من الإنتاج، ستتم مواصلتها لتمكين مصنع اللقاحات من تفعيل أكبر لقدرته الانتاجية”.
من جهة أخرى، أكد أخنوش أن “كل التجارب الإصلاحية العميقة في المنظومات الصحية أظهرت أن تحولات انتقالية بهذا الحجم لا يمكن أن تقاس بنتائج ظرفية أو لحظية، بل هو مسار تظهر ثماره على مدى عقد من الزمن”.
ومع ذلك، يؤكد أخنوش أن التخطيط المحكم، والتفعيل الجاد، يمكن أن ينتجا تحولات ملموسة في غضون خمس سنوات، مؤكدا أنه “الأفق الذي نعمل عليه اليوم، بإجراءات مدروسة وإصلاحات مؤسساتية قائمة على رؤية متكاملة”.
ومن هذا المنطلق، نوه أخنوش إلى أن الإصلاحات الكبرى التي تم إطلاقها، سواء في الرفع من عدد الأطباء، أو تعميم المستشفيات الجامعية، أو إرساء المجموعات الصحية الترابية، ستبدأ في إعطاء نتائجها تدريجيا، معتبرا أن هذه الرؤية “تشكل جزءا من مشروع تنموي متكامل، نعمل اليوم على تنزيله بإصلاحات تشريعية ومؤسساتية واضحة”.
وخلص رئيس الحكومة إلى التأكيد على أن “خارطة الطريق التنموية التي نسير وفقها، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تتقاطع بشكل وثيق مع جميع المشاريع الكبرى التي أطلقناها منذ الآن في إطار الاستعداد للتظاهرات الدولية التي ستعرفها بلادنا (..) والتي نراها محفزا إضافيا لتسريع عجلة التنمية، ورافعة استراتيجية لتطوير البنيات التحتية، وتعزيز الخدمات العمومية”.