في ظل سياق دولي يتسم بتفاقم التقلبات، أضحى تأمين القرض عند التصدير رافعة إستراتيجية لتعزيز تنافسية المقاولات المغربية في الأسواق الخارجية ومواكبتها في الولوج إلى أسواق جديدة.
وباعتباره ركيزة أساسية في خارطة طريق التجارة الخارجية 2025-2027، فإن تأمين القرض عند التصدير يشكل آلية مالية أساسية تتيح تأمين المعاملات التجارية الدولية، وتيسير الولوج إلى الأسواق الأجنبية، وفتح آفاق جديدة.
ويهدف التأمين العمومي التكميلي، البالغ غلافه المالي الأولي قيمة 100 مليون درهم، والذي يغطي ما يصل إلى 7,5 ملايير درهم من الصادرات سنويا، إلى تغطية المخاطر التجارية والسياسية المرتبطة بالمشترين العموميين والخواص المتحدرين من 15 من البلدان التي تعد إستراتيجية على الصعيد الإفريقي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، اعتبر الخبير الاقتصادي، خالد قباج، أن فعالية تأمين القرض عند التصدير مرتبطة بصورة كبيرة بجودة المواكبة المقدمة للمقاولات، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تشكل دعامة النسيج الاقتصادي الوطني.
وأضاف: “لا يزال معدل انتشار تأمين القرض عند التصدير ضعيفا جدا بالمغرب، ما يعكس مفارقة اقتصادية مقلقة: فعلى الرغم من أن المقاولات الصغرى والمتوسطة تمثل ما يفوق 95 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي، إلا أن لجوءها إلى آليات تأمين القرض عند التصدير يبقى هامشيا”.
وعزا الخبير ضعف اعتماد ائتمان القرض عند التصدير، بالأساس، إلى الاختلالات التنظيمية للمقاولات الصغرى والمتوسطة المغربية، فضلا عن غياب مساطر مهيكلة، وضعف تكوين الأطر، إلى جانب نقص أدوات التدبير الحديثة.
وأكد أن الرقمنة، رغم كونها تحديا، إلا أنها تمثل فرصة هامة للمقاولات المغربية في بيئة دولية أضحت فيها المعاملات الإلكترونية وتجريد المساطر من طابعها المادي قاعدة أساسية.
وأكد قباج أن “مواكبة الأبناك يشكل حلقة أساسية في دمقرطة آلية تأمين القرض عند التصدير”، مبرزا الدور الاستباقي الذي يتعين على المؤسسات البنكية الاضطلاع به من خلال تسهيل الولوج إلى خطوط الخزينة، من خلال دعم تحديث آليات تدبير المقاولات الصغرى والمتوسطة.
وبحسبه، فإن هذه المقاربة تتطلب إعادة صياغة العلاقة الرابطة بين الأبناك والمقاولات، لتنتقل من منطق قائم على المعاملات فقط إلى مقاربة مواكبة إستراتيجية.
وأوصى الخبير باعتماد بديل مبتكر يتمثل في الاستلهام من نموذج البنوك الإسلامية، التي تنخرط بنشاط في نجاح زبنائها عبر الشراكة في مشاريعهم، مع التأكيد على أن هذه المواكبة ينبغي أن تكون مخصصة ومبنية على معرفة دقيقة بحاجيات كل قطاع على حدة.
ونبه إلى أن المواكبة يتعين ألا تستهدف المراقبة وفرض العقوبات، بل مساعدة المقاولات على تحسين إنتاجيتها وربحيتها وتموقعها في الأسواق الدولية.
وبعدما أشار إلى أن تنمية الصادرات المغربية تعتمد بشكل جوهري على جودة الرأسمال البشري، اعتبر السيد قباج أن الاستثمار في التكوين المستمر عامل حاسم في التنافسية الدولية، داعيا إلى إرساء برامج تكوين دورية تتكيف مع متطلبات كل قطاع تصديري.
وأوضح أن “التكوين المستمر من شأنه تعزيز تنافسية النسيج المقاولاتي المغربي ومرونته في مواجهة تحديات الأسواق الدولية”.
وعلاوة على ذلك، شدد الخبير الاقتصادي على أن نجاح آلية تأمين القرض عند التصدير رهين بتعاون ناجع بين القطاعين العام والخاص، ما يستلزم إحداث آليات تحفيزية وهياكل مواكبة ومنظومات تكوين تمكن المقاولات من تطوير قدراتها التصديرية بشكل مستقل.