توجت الجهود المتواصلة لمواجهة الضغط المتنامي على الموارد المائية بجهة كلميم- واد نون بإقامة مشاريع مائية مهيكلة هامة ستساهم إلى حد كبير في تأمين حاجيات هذه الجهة من الماء الصالح للشرب، ومتابعة تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب والسقي 2020-2027، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لتأمين التزود بالماء الشروب بجميع جهات المملكة.
وتأتي هذه الجهود الدؤوبة للوزارة الوصية على قطاع الماء، إلى جانب مختلف المتدخلين على صعيد هذه الجهة، لاسيما المديرية الجهوية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء) بكلميم- وادنون، في ظل الضغط المتزايد على الموارد المائية جراء توالي سنوات الجفاف التي شهدتها الجهة، والمغرب عامة منذ ست سنوات، والذي نتج عنه تراجع في منسوب جريان الأودية، وانخفاض كبير في الفرشات المائية.
وهكذا، انخرط المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء) بجهة كلميم- وادنون، في إنجاز مجموعة من المشاريع المهيكلة بمختلف أقاليم الجهة، في مقدمتها محطة لتحلية مياه البحر لسيدي إفني، وإعداد دراسات تتعلق بتأمين تزويد إقليم كلميم بالماء الشروب انطلاقا من تحلية مياه البحر على مستوى الشاطئ الأبيض، إضافة إلى إعداد دراسات من طرف مصالح وزارة الفلاحة تتعلق بإنجاز محطة لتحلية مياه البحر على مستوى واد الشبيكة بإقليم طانطان.
وعلاوة على هذه المشاريع المهيكلة، تشهد جهة كلميم- واد نون مشاريع أخرى، من بينها توسعة محطة إزالة الأملاح المدنية “سهب الحرشة” لتحلية مياه البحر، التي تتواجد بالوطية بإقليم طانطان، وإنجاز محطة لإزالة الأملاح المعدنية بمدينة الزاك إقليم أسا-الزاك.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح المدير الجهوي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء) بكلميم- وادنون، مصطفى سعدني، أنه في ظل الظروف المناخية التي يعرفها المغرب منذ سنوات، والتي أثرت على المخزون المائي وجريان الأودية، لجأ المكتب في إطار سياسة محكمة لتنويع مصادره وذلك باللجوء إلى المياه غير الاعتيادية، وأهمها تحلية مياه البحر.
ولمعالجة إشكالية الماء بالجهة، أشار سعدني إلى أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قام ببناء محطات لتحلية مياه البحر وأخرى لإزالة الأملاح المعدنية، مبرزا أن التكلفة الإجمالية لهذه المشاريع تناهز 4 مليارات درهم.
وأشار في هذا السياق، إلى مشروع محطة تحلية مياه البحر الخاصة بإقليم سيدي إفني التي تم الشروع في استغلالها في أبريل الماضي، مضيفا أن هذه المحطة التي بلغت تكلفتها الإجمالية 300 مليون درهم بما فيها قنوات الربط، وبصبيب 100 لتر في الثانية، ستمكن من تزويد الساكنة الحضرية والقروية بالماء الشروب بصفة منتظمة، وكذا تخفيف الضغط على المياه السطحية التي كانت تزود المنطقة انطلاقا من سد يوسف بن تاشفين بإقليم تزنيت.
وأضاف أنه في إطار مواكبة تزايد الحاجيات من الماء الصالح للشرب لمدن ومراكز الجهة، فإن المكتب شرع أيضا في إنجاز عدة دراسات تهم، بالخصوص، الرفع من صبيب محطة تحلية مياه البحر الخاصة بإقليم سيدي إفني ليصل إلى 200 لتر في الثانية مستقبلا، وكذا تأمين تزويد إقليم كلميم بالماء الشروب انطلاقا من تحلية مياه البحر على مستوى الشاطئ الأبيض وذلك بإنجاز محطة وقنوات الربط (50 مليون متر مكعب سنويا، منها 35 مليون متر مكعب لمياه السقي)، والذي سيمكن مستقبلا من تزويد ساكنة إقليم أسا-الزاك بالماء الشروب على المدى المتوسط.
كما تشمل هذه الدراسات، يضيف المسؤول، إنجاز محطة لتحلية مياه البحر على مستوى واد الشبيكة بطانطان (2 مليار درهم) بصبيب سنوي إجمالي ب 50 مليون متر مكعب موجهة للماء الصالح للشرب وإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومياه السقي.
وأكد أنه في انتظار خروج هذه المشاريع المهيكلة إلى حيز الوجود، انخرطت جهة كلميم- وادنون في إنجاز مشاريع أخرى، منها توسعة محطة إزالة الأملاح المدنية بمحطة “سهب الحرشة” بالوطية إقليم طانطان لتحلية مياه البحر (103.4 مليون درهم) بصبيب 150 لتر في الثانية، وإنجاز محطة لإزالة الأملاح المعدنية بمدينة الزاك إقليم أسا-الزاك (25 مليون درهم).
كما أن المكتب شرع حاليا، بمعية مجلس جهة كلميم- وادنون ومختلف الشركاء، في إنجاز مشاريع لتزويد ساكنة العالم القروي بإقليمي كلميم، وسيدي إفني بالماء الشروب (شطر أول) بغلاف مالي يفوق 400 مليون درهم، والتي تندرج في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي2020-2027).
وعاين فريق وكالة المغرب العربي للأنباء محطة تحلية مياه البحر الخاصة بإقليم سيدي إفني، التي تمتد على مساحة ألفي هكتار، وتزود الإقليم وبعض المراكز التابعة لإقليم تزنيت، على 5 أثقاب بحرية بصبيب إجمالي 230 لتر في الثانية، وذلك باستخدام تقنية التناضح العكسي (OSMOS INVERSE) مع استغلال أحدث التقنيات في هذا المجال.
وتتوفر المحطة على عدة تجهيزات منها صهريج للمياه الخام بسعة 1500 متر مكعب، وآخر للمياه المعالجة بسعة 1000 متر مكعب، وكذا مراشيح رملية لإزالة المواد العالقة من المياه، ومختبر لمراقبة جودة المياه ومراقبة عملية تصفيتها ومعالجتها.
وهكذا، قافلة المشاريع تتقدم والوعي بأهمية الرهانات قائم لدى مختلف الفاعلين في المجال الجهوي لكلميم- وادنون، بضرورة مواصلة هذا الجهد بنفس طويل في أفق رفع التحديات الحيوية المرتبطة بالإشكال المائي في سياقات مناخية متقلبة.