أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأنه لوحظ اتجاه عام نحو الانخفاض في معدل الفقر متعدد الأبعاد على الصعيد الجماعي، بين سنتي 2014 و2024، وذلك بفضل سياسات الاستهداف المجالية.
وأبرزت المندوبية، في دراسة أصدرتها مؤخرا بعنوان “خريطة الفقر متعدد الأبعاد: المشهد الترابي والديناميكية”، أن هذا التحسن يهم 93.8 في المائة من الجماعات بالمملكة، مع ديناميكية أكثر وضوحا في الوسط القروي (95.5 في المائة من الجماعات) مقارنة بالوسط الحضري (88.4 في المائة).
وقد تم تسجيل أكبر الانخفاضات على مستوى الوحدات الترابية (الجماعات القروية والمقاطعات والبلديات والمراكز الحضرية) التي عرفت معدلات أعلى للفقر سنة 2014.
وفي المتوسط، انخفض معدل الفقر متعدد الأبعاد بما يقرب من 45 في المائة في الجماعات القروية التي تجاوز فيها المعدل 30.0 في المائة في 2014؛ و41 في المائة في تلك التي كان لديها معدل بين 20.0 في المائة و30.0 في المائة؛ و40 في المائة في الوحدات الترابية التي تراوح فيها المعدل بين 10,0 في المائة و20,0 في المائة؛ و32 في المائة في تلك التي تراوح المعدل فيها بين 5.0 في المائة و10.0 في المائة؛ و23 في المائة في تلك التي كان معدل الفقر فيها أقل من 5.0 في المائة.
وفي سنة 2024، سجلت 50.5 في المائة من الوحدات الترابية معدلات فقر أقل من 10 في المائة. لكن بالمقابل 16,3 في المائة من الوحدات سجلت معدلات أعلى من 20 في المائة. ففي المناطق الحضرية (المقاطعات والبلديات والمراكز الحضرية)، سجلت 72.4 في المائة من الوحدات الترابية، وعددها 304 وحدة، معدلات فقر أقل من 5,0 في المائة؛ بينما سجلت 26.0 في المائة، وعددها 109 وحدة، معدلات تتراوح بين 5.0 في المائة و10.0 في المائة؛ وتراوحت معدلات الفقر في 1.6 في المائة، أي 3 بلديات و4 مراكز حضرية، بين 10,0 في المائة و20,0 في المائة.
أما في المناطق القروية، فقد سجلت 34.9 في المائة من الجماعات، وعددها 447 جماعة، معدلات فقر أقل من 10 في المائة؛ بينما سجلت 43.5 في المائة من الجماعات (558 جماعة) معدلات تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة؛ وعرفت 13.5 في المائة من الجماعات (173 جماعة) معدلات تتراوح بين 20.0 في المائة و30.0 في المائة؛ في حين سجلت 8.1 في المائة من الجماعات (104 جماعة) معدلات فقر أعلى من 30.0 في المائة.
ورغم أن هذا التقدم يتسم بفوارق مجالية، إلا أنه ينخرط في إطار ديناميكية وطنية لتراجع الفقر، موجهة بالسياسات العمومية للتنمية البشرية التي تم تنفيذها طيلة العقد الماضي.
وقد لعبت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دورا محوريا في هذا الصدد، حيث انتقل معدل الفقر متعدد الأبعاد في 702 جماعة قروية مستهدفة في المرحلتين الأوليتين من المبادرة من 27.8 في المائة سنة 2014 إلى 15.5 في المائة سنة 2024، أي بانخفاض قدره 12.3 نقطة مئوية، مقابل انخفاض قدره 8.4 نقطة في الجماعات التي لم تشملها المبادرة، حيث تراجع فيها المعدل من 19.0 في المائة إلى 10.6 في المائة خلال نفس الفترة.
وتهدف خريطة الفقر متعدد الأبعاد، التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط، إلى فهم أدق لأوجه الحرمان المرتبطة بالعجز الاجتماعي في مجالات التعليم، والصحة، والسكن، والولوج إلى البنيات التحتية الأساسية.
وتوفر هذه الخريطة قراءة مندمجة لمظاهر الهشاشة البنيوية والفوارق الاجتماعية على المستويات الجهوية والإقليمية والجماعية.
وفي سياق الجهوية المتقدمة، فإن هذه الخريطة تشكل أداة عملية لتوجيه السياسات المعتمدة الملائمة لخصوصيات كل مجال ترابي، وذلك بغية تحسين ظروف عيش السكان.
