من هو سي البكاي؟”..نعيمة لهبيل التاجموعتي تحكي من باريس عن والدها، أول رئيس حكومة في المغرب بعد الاستقلال

12 أبريل 2025آخر تحديث :
من هو سي البكاي؟”..نعيمة لهبيل التاجموعتي تحكي من باريس عن والدها، أول رئيس حكومة في المغرب بعد الاستقلال
(آش24)///

قدمت الكاتبة والأكاديمية، نعيمة لهبيل التاجموعتي، مساء أمس الجمعة في باريس، كتابها الأخير “من هو سي البكاي؟” (منشورات مرسم)، وهو سرد تاريخي لحياة والدها، أول رئيس حكومة مغربي بعد الاستقلال، امبارك البكاي الهبيل.

وبعد جلسة توقيع أولى في جناح المغرب، ضيف شرف مهرجان باريس للكتاب، واصلت الكاتبة نقاشاتها حول هذه الشخصية الواقعية، التي تشبه حياة بطل الرواية، خارج أسوار القصر الكبير في العاصمة الفرنسية، حيث يقام هذا الحدث الأدبي الكبير إلى غاية يوم الأحد، خلال لقاء نظمته مؤسسة دار المغرب في إطار فعالياتها الثقافية.

وفي مداخلتها خلال هذا اللقاء الذي أداره الأكاديمي محمد مريزيقة، استعرضت نعيمة لحبيب التاجموعتي المحطات الرئيسية التي طبعت المسار الحافل لوالدها، الذي رأى النور في بركان عام 1907 ليتولى عام 1955 رئاسة مجلس أول حكومة في المغرب بعد الاستقلال، حيث وقع، بهذه الصفة، في عام 1956 على معاهدتي تحرير البلاد من الاحتلال الفرنسي والإسباني.

وترى الكاتبة أن المغرب اختار هذا الرجل “الوطني” المعروف بخطابه “المتوازن” و”المنفتح”، ليمثله في التوقيع على معاهدتي الاستقلال في باريس يوم 2 مارس 1956، وفي مدريد في 7 أبريل.

ومن باريس، حيث كرس نفسه بالكامل في خمسينيات القرن الماضي للكفاح من أجل استقلال المغرب، أثبت الرجل نفسه باعتباره “محاورا رئيسيا”، مع “قائمة عناوين استثنائية تضم اتصالات في مجال المال والسياسة والاتصالات…”، كما ذكرت المتحدثة، استنادا إلى شهادات توثق هذه الحقبة.

وأوضحت قائلة: “لقد عرف س ي البكاي فرنسا من الداخل، ومن هنا تأتي أهمية تعل م اللغات والاندماج في ثقافات الآخرين”، في إشارة إلى تكوينه في المدرسة الفرنسية على وجه الخصوص.

وبالإضافة إلى إتقانه للغة موليير، أشارت أيضا إلى المساهمة القيمة التي قدمتها تجربته كجندي سابق في الجيش الفرنسي، مما عزز هذا الاختيار، في حين أكد س ي البكاي “علنا وبلا كلل” على “أخوته” مع فرنسا وولائه للمغرب.

وتلقى تكوينه في المسيد حتى سن الثالثة عشرة، وتابع تعليمه في “مدرسة الأعيان” في بركان ابتداء من عام 1920، ثم في المدرسة العسكرية بمكناس (الدار البيضاء) بين عامي 1926 و1928. وتخرج برتبة ملازم ثان.

وحارب سي البكاي، حين أصبح ضابطا في سلاح الفرسان، إلى جانب الفرنسيين والمغاربة لصد النازيين عام 1940. وأ سر وس جن من قبل الألمان، وب ترت ساقه قبل أن يتحول إلى الحياة المدنية ويصبح قائدا لبني درار (1942-1944)، ثم باشا صفرو (1944-1953).

وفي خمسينيات القرن العشرين، انخرط في معركة أخرى ضد الاستعمار ومن أجل عودة السلطان المنفي.

هذا الرجل اعترف في ذلك الوقت أنه لم يبك عندما سجنه الألمان أو عندما ب ترت ساقه، لكنه انهار باكيا عندما سمع في 20 غشت 1953 خبر النفي القسري للسلطان محمد بن يوسف “أبو الأمة” حسب ابنته. وفي هذا السياق، ترسم الكاتبة مقارنة مؤثرة بين هذه اللحظة ومأساة عاشها س ي البكاي في طفولته، حين وقف عاجزا في السابعة من عمره يشاهد والده، شيخ قبيلة بني يزناسن الذي كان يكافح ضد الاستعمار الفرنسي، يخت ط ف أمام عينيه ليختفي إلى الأبد، دون أن يتمكن من إنقاذه.

ومن خلال كتابها، الذي صاغته بلغة بسيطة ومنهج تعليمي واضح، تسعى الكاتبة إلى أن يصبح إرث والدها وإسهاماته في تاريخ القرن العشرين جسرا للحوار بين الأجيال، يتشاركه الشباب مع الجيل الأكبر سنا.

وأضافت أن “هذا الكتاب أنجز لتعريف الأجيال بتاريخ المغرب، من خلال شخصيات رئيسية كان س ي البكاي أحد أبرزها”، مشيرة إلى أن هذا الإصدار سيتلوه مجلدات أخرى ت عرف بـ”أبطال إيجابيين آخرين في تاريخنا لتقديمهم للشباب بطريقة ممتعة وسلسة”.

ولفتت، في هذا الصدد، إلى أن جمعية الشباب المغاربة المتخصصة في الروايات المصورة والرسوم المتحركة “أنجزت عملا رائعا عبر استلهام الكتاب لإنتاج عمل فني مصو ر”، مردفة “لقد عملت معهم على الملخص وسيتم إصدار القصة المصورة خلال أسبوعين”.

وأعقب تقديم الكتاب جلسة توقيع ونقاش مع الحضور حول مختلف جوانب مسيرة س ي البكاي بما في ذلك الأبعاد الروائية والرمزية وحياته الخاصة، وإن كانت ابنته قد تطرقت إليها بشكل مقتضب في هذا العمل، إذ فض لت الكاتبة الحفاظ على”مسافة” منها.

وأوضحت الكاتبة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه “باستثناء فقرة واحدة ذكرت فيها أنني ابنته، حرصت على الحفاظ على مسافة، لأنني أردت التطرق إلى حياته الخاصة بشكل محدود جدا، وذلك فقط عندما تكون مرتبطة بمساره النضالي وانشطته السياسية”.

وأضافت: “لقد حرصت حقا على جعل هذا العمل سردا تاريخيا، لأنه موج ه للشباب وكذلك للأجيال الأكبر سنا. من المهم للمغاربة أن يعرفوا أن استقلال المغرب تحقق بفضل جهود العديد من الفاعلين، كانت مواقفهم أحيانا غير تقليدية بعض الشيء، كما هو الحال مع س ي البكاي”.

وعن مشاركتها في مهرجان باريس للكتاب الذي يحتفي بالمغرب هذا العام، ترى الكاتبة أن عملها “يحظى بمكانته في المهرجان لأن س ي البكاي كان يهتم حقا بالصداقة المغربية-الفرنسية”.

وفي هذا الصدد، أعربت عن امتنانها للمعهد الفرنسي الذي أسهم في نشر النسخة الفرنسية، ووزارة الثقافة المغربية على دعمها لإصدار النسخة العربية.

وخلصت إلى القول إن “العمل صدر في البداية بالفرنسية، وسرعان ما تمت ترجمته إلى اللغة العربية، وآمل أن تتم ترجمته قريبا إلى الأمازيغية، لأن س ي البكاي كان أمازيغيا”.

وشغلت نعيمة لهبيل التاجموعتي، التي تعمل على البعد الاقتصادي والاجتماعي للثقافة والتراث، أستاذة الاقتصاد بجامعة فاس من 1980 إلى 2006، ثم مديرة مؤسسة “روح فاس” ومهرجان الموسيقى العالمية العريقة من 2006 إلى 2007.

وهي عضو في مجلس إدارة الصندوق الدولي للنهوض بالثقافة في اليونسكو منذ عام 2018، وترأس الجمعية الثقافية الأمريكية منذ عام 2016.

وأصدرت التاجموعتي العديد من المقالات والروايات، أبرزها “Un homme debout (2017)”، و”القائمة” (2013) و”حوار في المدينة” (2001)، الصادرة عن دار “الفنك”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق