في إطار الاحتفال بالذكرى الثانية والعشرين للمبادرة الملكية لتنمية منطقة الشرق التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه التاريخي ليوم 18 مارس 2003 بمدينة وجدة، نظمت ولاية جهة الشرق ومجلس جهة الشرق بالتعاون مع المركز الجهوي للاستثمار و شركة MEDZ ملتقا اقتصاديا هاما حول جاذبية الاستثمار بجهة الشرق وذلك يوم الثلاثاء 18 مارس 2025 بمركب المعرفة بمدينة وجدة.
اللقاء الذي ترأسه السيد والي جهة الشرق والسيد رئيس مجلس جهة الشرق، شهد حضور السيد يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والسيد كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقارب وتقييم السياسات العامة، والسيد عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، كما حضر اللقاء ممثلون عن مختلف المؤسسات الاقتصادية الوطنية والجهوية، بما في ذلك السادة العمال، السادة رؤساء الغرف المهنية، السادة المديرون العامون للمؤسسات العمومية، بالإضافة إلى أعضاء الاتحاد العام لمقاولات المغرب لجهة الشرق.
في صبيحة هذا اليوم تم تدشين المقر الجديد للمركز الجهوي للاستثمار بجهة الشرق والذي يمثل خطوة استراتيجية تعكس رؤية طموحة لمستقبل اقتصادي أكثر ديناميكية وتنافسية في الجهة، بالإضافة إلى افتتاح شركة SII SHORE والتي تمثل إضافة نوعية إلى البنية التحتية التكنولوجية بجهة الشرق، كما تعكس رؤية طموحة لتحديث النسيج الاقتصادي المحلي وإدماج المنطقة في الاقتصاد الرقمي العالمي.
وفي مستهل اللقاء المنظم بمركب المعرفة، ألقى السيد والي الجهة كلمته، حيث أكد أن جهة الشرق شهدت طفرة تنموية كبيرة نتيجة المبادرة الملكية السامية، مبرزا المزايا التنافسية التي تتمتع بها منطقة الشرق، مثل موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين المغرب العربي وأوروبا وإفريقيا، مما يجعلها نقطة وصل رئيسية للتجارة الدولية، و يساهم في تعزيز مكانتها على الصعيدين الوطني والدولي، ويجعل منها وجهة للمشاريع الاستثمارية الكبرى والمهيكلة، وأضاف السيد الوالي أن الاستثمارات العمومية في المنطقة فاقت 150 مليار درهم، و كان لها أثر إيجابي في تحسين جاذبية الجهة وتقوية وظائفها بشكل عام. كما تطرق إلى المشاريع التنموية التي تم إنجازها في مجالات البنية التحتية، الصحة، التعليم، الصناعة، الطاقة والسياحة، مشيرًا إلى المشروع الكبير لميناء الناظور غرب المتوسط الذي سيعزز من قدرة المنطقة التنافسية وسيسهم في خلق فرص الشغل وتنمية الاقتصاد الجهوي.
كما تحدث السيد والي الجهة عن المخطط الجهوي لإعداد التراب الذي أعدته الجهة ضمن ورش الجهوية المتقدمة، الذي حدد ثلاث ممرات ومحاور للتنمية :
- المحور المتوسطي: وجدة- بركان- الناظور- ويتميز بساحل طويل، مع أنشطة سياحية وصناعية وفلاحية مثل السعيدية، مارتشيكا، وقطب بركان الفلاحي، بالإضافة إلى بنية نقل متطورة.
- المحور الوسط: يشمل وجدة –تاوريرت-جرسيف ويجمع بين الفلاحة، الصناعة، السياحة واللوجستيك، مع بنية طرقية وسككية قوية، وميزات طبيعية وثقافية تساهم في التنمية.
- المحور الجنوبي: وجدة –جرادة-فجيج ويغطي مساحات شاسعة، ويتميز بالطبيعة المتنوعة (المراعي، الواحات) وموارد الطاقة (الحرارية والشمسية) بالإضافة إلى استغلال الغاز، مع بنية نقل متطورة، إذ تتكامل هذه المحاور من حيث الإمكانيات مما يزيد من جاذبية الجهة.
لقد أكد رئيس مجلس جهة الشرق في مداخلته عن التزام المجلس بمواصلة تحقيق التنمية المستدامة بجهة الشرق، وتعزيز الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار، والنهوض بالبنية التحتية، لتحقيق الرخاء والازدهار للمواطنين، مشددا على الانخراط الجماعي بكونه المفتاح لتحقيق هذه الأهداف، ودعا جميع الأطراف المعنية للانخراط في هذا الجهد، لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة لجهة الشرق.
وجاءت مداخلات السادة الوزراء الحاضرين، حيث شدّد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات على ضرورة استقطاب الاستثمارات وتعزيز مساهمة الجالية المغربية في تنمية جهة الشرق، مشيرًا إلى الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه هذه الاستثمارات في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل مستدامة، وأكد الوزير على أهمية التركيز على فئة غير حاملي الشهادات، من خلال إدماجهم في برامج التكوين المستمر، الذي يزوّدهم بالمهارات والخبرات اللازمة لولوج سوق الشغل بكفاءة، كما أبرز أهمية توجيه هذه التكوينات نحو القطاعات الواعدة، خاصة الصناعات التكنولوجية وصناعة السيارات، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للنهوض بالاقتصاد المحلي وتعزيز تنافسيته.
كما أبرز الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقارب وتقييم السياسات العامة المسؤولية المشتركة للتنمية، مستندًا لما تزخر به جهة الشرق من مؤهلات قوية تجعلها قادرة على المنافسة على المستويين الوطني والدولي وبيئة جاذبة للاستثمارات.
ومن جهته، أشاد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، إلى الأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها الموقع الجغرافي لجهة الشرق، والذي يجعلها نقطة محورية للتبادل التجاري والانفتاح على الأسواق الإقليمية والدولية. وأوضح أن هذه الميزة، إلى جانب المؤهلات الاقتصادية والبنية التحتية المتطورة تعزز قدرتها على استقطاب الاستثمارات وإحداث وحدات صناعية قادرة على المنافسة، موضحا الفرص الكبيرة المتاحة في قطاعات واعدة مثل الصناعات الغذائية، وصناعة النسيج، مما يشكل ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص شراكة مثمرة بين الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والدوليين.
وتطرق مدير الصندوق الوطني للإيداع والتدبير إلى أهمية تبسيط المساطر الإدارية للمستثمرين كعامل أساسي لتحفيز الاستثمار وتسريع تنفيذ المشاريع التنموية، وشدد على أن تسهيل الإجراءات القانونية والإدارية يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب.
وأوضح رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب لجهة الشرق في مداخلته أهمية تبني التكنولوجيا الحديثة وابتكار تطبيقات ذكية لتسهيل العمليات الاستثمارية، معتبراً أن الرقمنة أصبحت ركيزة أساسية لتعزيز مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمارات.
وتجدر الإشارة أنه من أبرز محطات اللقاء توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية أولها خصت القطاع الصناعي تمت بين وزارة الصناعة والتجارة و شركة Fränkische Industrial Pipes GmbH & Co. KG، حيث تنص الاتفاقية على استثمار بقيمة 10 ملايين يورو حتى عام 2032، مع توفير 150 منصب عمل مستقر بحلول 2028 في قطاع صناعة السيارات، وهو ما سيعزز من قدرات المنطقة في هذا القطاع الاستراتيجي، والاتفاقية الثانية كانت بين ولاية جهة الشرق والمركز الجهوي للاستثمار وشركة SII FLEXSHORE لتأسيس شركة تكنولوجية في Oujda Shore، والاتفاقية الأخيرة تخص القطاع السياحي تم توقيعها بين المجلس الإقليمي للسياحة و المركز الجهوي للاستثمار وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز الوجهات السياحية في المنطقة، من خلال استثمار 3 ملايين درهم على مدار ثلاث سنوات (2025-2027) في أنشطة تسويقية ومشاركة في المعارض الدولية.
وبعد ذلك، افتتح السيد محسن سمَّار، رئيس مجلس إدارة MEDZ سلسلة العروض بتقديم الفرص الاستثمارية المتاحة في تكنوبول وجدة، وأعلن عن التوسيع لهذه المنصة الصناعية والتكنولوجية التي ستصبح أكثر جذبًا للمستثمرين، وأكد أن هذا التوسيع سيعزز مكانة المنطقة كحاضنة للابتكار، ويجذب مستثمرين جدد، مما سيساهم في تطوير القطاعات الحديثة مثل التكنولوجيا الرقمية والطاقة المتجددة.
من جهته، قدم السيد رشيد الرامي، المدير بالنيابة للمركز الجهوي للاستثمار بجهة الشرق، عرضًا موسعًا تناول فيه الفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة والتي تشمل آليات الدعم التي توفرها السلطات الجهوية والوطنية لتسهيل إجراءات تأسيس الشركات، بما في ذلك تبسيط الإجراءات الإدارية ودعم المشاريع في كافة مراحلها، وأشار إلى نظام تحفيزي تم وضعه لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، والذي يشمل إعفاءات ضريبية ومساعدات مالية للمستثمرين في عدة قطاعات.
ومن ناحية أخرى، تناول السيد ياسين زاهلولي، رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، نقطة تأهيل الموارد البشرية، مؤكدا على أهمية تطوير الكفاءات في مجالات مختلفة مثل العلوم والتكنولوجيا ، كما تحدث عن التعاون الوثيق بين الجامعة ومختلف الشركات لتطوير برامج مهنية تواكب التطور الصناعي والتكنولوجي. وفي ذات السياق استعرض السيد الفضيل الحمداوي، المدير الجهوي لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل المشاريع المتعلقة بمدينة المهن والكفاءات في الناظور، والتي تهدف إلى توفير 2500 عرض تدريبي سنويً. أما السيد عبد الواحد الحريش، المدير الإقليمي لـ ANAPEC، فقد قدم عرضًا حول برامج الوكالة لدعم التوظيف والمساعدة في إدماج الشباب في سوق العمل. وفيما يخص الدعم المالي للمشاريع، عرض السيد محمد ناصت، المدير العام لصندوق الاستثمار في منطقة الشرق (FIRO)، الحلول التمويلية التي يوفرها الصندوق لدعم المشاريع الصناعية والمبتكرة في المنطقة، وأشار إلى أن الصندوق يوفر تمويلًا ميسرًا للمشاريع التي تتبنى التكنولوجيات الحديثة.
وبعد ذلك افتتح النقاش المستفيض بين المتدخلين الذين صبت تدخلاتهم وتساؤلاتهم حول دور المغاربة المقيمين في الخارج والمستثمرين الأجانب كمحركين رئيسيين للنمو الاقتصادي، وكان جواب الوزراء الحاضرون على أن الحكومة تقدم حوافز متنوعة مثل التسهيلات الضريبية والدعم المالي. كما شدد الوزراء على أهمية الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار كأولوية استراتيجية لدفع التنمية المستدامة، أما بالنسبة للمستثمرين الأجانب، فقد تم تسليط الضوء على الموقع الاستراتيجي للمغرب واتفاقياته التجارية التي تسهل الوصول إلى أسواق دولية. تم تقديم مزايا عديدة، مثل الإعفاءات الضريبية في المناطق الحرة، مع تبسيط الإجراءات الإدارية لتعزيز بيئة الاستثمار.
وفي هذا اللقاء تم عرض تجارب ناجحة لمستثمرين اختاروا جهة الشرق لتنمية أنشطتهم، مع تسليط الضوء على المزايا التي توفرها من بيئة أعمال ملائمة وآليات دعم فعالة.
اختتم السيد الوالي اللقاء بتوجيه شكره لجميع الفاعلين والمتدخلين الذين ساهموا في إنجاح هذا اللقاء، وأكد على الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها جهة الشرق، مشددًا على أنها تشكل بيئة خصبة ومناسبة للاستثمار، كما عبر السيد الوالي عن ترحيبه بجميع المستثمرين، داعيًا إياهم إلى تكثيف استثماراتهم في المنطقة والعمل على استكشاف الفرص الواعدة التي تتيحها في إطار تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.