
اشتكى رجال التعليم من سوء اوضاعهم ورفعوا مطالب مادية ومهنية ،وهذا شيء عادي،ودخلت الحكومة في حوار معهم تتبعنا مساره الطويل المتعثر:كلما اتفق على لائحة ،افشلت لخروج فصيل نقابي رافض عن الإجماع او تراجع النقابات عن وعودها او لرفع مطالب جديدة قبل حتى إتاحة الفرصة لتطبيق الاتفاق الاول.
المسلسل تحول إلى حوار عبثي ضيعت فيه النقابات على أبناءنا وبلادنا سنة دراسية بالكامل.
يجري الاتفاق مع النقابات فتخرج واحدة عن الصف او تظهر فصيلة جديدة تنزع المشروعية عن من سواها.
احيانا اخترع البعض كيانات جديدة سميت تنسيقيات أنكرت ما قامت به النقابات واتهمتها بالتواطؤ مع الدولة،
اختلط الحابل بالنابل وقضيتا عاما كاملا في (قالو-قلنا) وهريد الناب والأساتذة والتلاميذ في عطلة غير معلنة والأجور الباهظة تستنزف خزينة الأمة الممولة من جيوب المواطنين دون اي جدوى.
وما نكاد نفرح بإعلان اتفاق مع النقابات ينهي الإضراب حتى ترفع مطالب جديدة من طرف نفس النقابات او من جانب أطراف اخرى وما اكثرها اليوم فأصبح الأمر فعلا ابتزاز واضح للدولة ولي ولذراع الحكومة وتخويفها بسلاح الإضراب،الأمر الذي يغيظ الشعب ويتطلب موقفا حازما يقطع مع التسيب والفوضى والاستغلال المغرض للقوانين والحقوق.
بعد اكثر من سنة من الأخذ والرد وبعد ان منح المضربون امتيازات وحقوق اثقلت كاهل الميزانية على حساب أولويات اخرى ،ها نحن نرى الإضراب تلو الآخر بمناسبة وغير مناسبة،
بالأمس صادقت أغلبية البرلمانيين على قانون الإضراب الذي ضل يعرقل الاستثمار. ونظام الشغل منذ الاستقلال وعارضته المعارضة.وذلك بعد حوار طويل عريض مع النقابات وممثلي المجتمع ،وبعد مناقشات في اللجان والمجالس،قبل ان تدفع به. الحكومة إلى التصويت والاحتكام إلى الديموقراطية.
وكما هي العادة عندنا أعلنت عدة نقابات انها لا تريد إنهاء الحوار الذي دام اكثر من نصف قرن. وأنها تريد ان تقبل جميع تعديلاتها وان يستأنف النقاش ،ولم تتقبل تصديق الأغلبية.بحيث أننا اصبحنا نرى الديموقراطية؛ديموقراطيات،نختارها ونطبقها إذا تماهت مع مصلحتنا فقط.
العجيب في الإضراب الأخير انه اعلن للاحتجاج على قبول قانون تنظيم الإضراب نفسه لكننا رأينا ان المنادين للاحتجاج والمشاركين في الإضراب ،أطراف لا علاقة لها بالنقابة . :جمعيات وهيئات ومنظمات لحقوق الإنسان ومكافحة السيدا وحماية المستهلك والحق في الصحة وما اصبح يشكل جوقة الاحتجاج او أدوات الإضراب التي تحترف النضال والتي أضحت ديكور معتاد في كل تظاهرة.ومرجع يعرض خدماته المؤدى عنها لكل القنوات والدوائر المناهضة للدولة المغربية،تحت تغطيات مختلفة .
ما قيل عن التعليم وعن نقابات العمال يقال عن الصحة والكثير من القطاعات التي لم تعد تعتمد القانون والعقل والضمير في تعاملها مع الدولة،واضحت تمارس الابتزاز وكأن ما يهدر من وقت وإنتاج وشغل وأموال لا يخرج من كد وعرق وجيوب الشعب الذي يعيش في الضنك ويتحمل الحرمان ليعطي الأولوية لمن يفترض أنهم يخدمون مصالحه ويبنون مستقبله
انه واقع مؤسف ومحزن وحان الوقت ليتغير ويكون الاجر على قدر العمل والمحاسبة على قدر المسؤولية.