ضمن فعاليات اليوم الثاني من مهرجان بويا الموسيقي في دورته العاشرة، لفتت مشاركة المهندس المعماري محمد الشيخ الأنظار، حيث كانت إضافة نوعية أغنت الفضاء الثقافي للمهرجان وأعادت الاعتبار لقيمة التراث المعماري في مدينة الحسيمة. وفي سياق الزيارة الاستثنائية التي شهدها موقع “المزمة” التاريخي، أضاء المهندس الشيخ جوانب خفية من تاريخ هذا المعلم البارز، مقدماً تحليلاً معماريًا دقيقًا كشف عن عمق التأثيرات الحضارية التي شكلت هويته.
مساهمة علمية متميزة في قلب الحدث الثقافي
لم تكن مشاركة المهندس محمد الشيخ في فعاليات مهرجان “بويا” مجرد حضور عابر، بل كانت بمثابة مساهمة علمية رفيعة المستوى، حيث قاد جولة استكشافية في أرجاء “المزمة”، كاشفًا عن أسرار معمارها الفريد. وقام الشيخ بتفصيل خصائص الموقع المعماري المميزة، موضحًا كيف يميز هذا المعلم التاريخي عن غيره من المواقع في المنطقة.
وقد أثرت مداخلته النقاشات بشكل كبير، حيث قدم شروحات وافية عن تاريخ الموقع وتطوره عبر العصور، مسلطًا الضوء على التأثيرات الأمازيغية والعربية والإسبانية التي تجلت في بناياته، وهو ما يعكس التنوع الثقافي الذي شهدته المنطقة على مر العصور.
تحليل معماري دقيق ورؤية استشرافية للمستقبل
تجاوزت مداخلة المهندس الشيخ مجرد الوصف المعماري للموقع، لتشمل تحليلًا دقيقًا للأنماط المعمارية المتجسدة في “المزمة”. حيث أشار إلى التنوع الحضاري الذي انعكس في تفاصيل الموقع، مؤكداً على القيمة التاريخية والثقافية للموقع باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الهوية المحلية.
كما شدد على أهمية الحفاظ على هذا المعلم التراثي، مشيرًا إلى ضرورة صونه للأجيال القادمة. ولخص رؤيته في أنه يجب على المجتمع المحلي والمسؤولين أن يتحملوا مسؤولية مشتركة في الحفاظ على هذا التراث وإعادة الاعتبار له.
دعوة للمسؤولية المجتمعية واستلهام الإبداع
وفي إطار حديثه، لم يغفل المهندس الشيخ عن دعوته إلى استلهام قيم الأصالة والإبداع من “المزمة” في مسارات التنمية المستدامة للمنطقة. فقد شدد على ضرورة الاهتمام بالتراث الثقافي كركيزة أساسية لتعزيز الانتماء وإحياء الذاكرة الجماعية للمجتمع المحلي.
كما تحولت الزيارة، بفضل مساهمة المهندس الشيخ، إلى منصة للحوار والنقاش حول سبل الحفاظ على “المزمة” وتثمينها، بمشاركة فعاليات جمعوية وأكاديمية ومسؤولين محليين. وكان اللقاء فرصة لتبادل الأفكار حول كيفية تحويل هذا الموقع التاريخي إلى مشروع نموذجي يُسهم في التنمية الثقافية والسياحية بالمنطقة.
بين التراث والإبداع: رؤية متكاملة للمستقبل
تؤكد مشاركة المهندس محمد الشيخ في مهرجان “بويا” على أن الثقافة ليست مجرد ترفيه، بل هي عنصر أساسي في بناء مجتمع متماسك ومزدهر. من خلال هذه المساهمة العلمية، يبرز التراث المعماري كركيزة أساسية لبناء الهوية الوطنية، ويؤكد على أن التراث يمكن أن يكون مصدر إلهام للإبداع في مختلف المجالات.
لقد قدم المهندس الشيخ، من خلال مساهمته، نموذجًا للمثقف الملتزم بقضايا مجتمعه، الذي يسعى إلى توظيف خبرته وعلمه في خدمة التنمية المستدامة، ما يعزز قيمة الثقافة في حياة المجتمع ويؤكد على ضرورة الاهتمام المستمر بالتراث المعماري للمساهمة في بناء مستقبل مشرق.