بعد أكثر من سبعة أسابيع من جلسات الاستماع، قضت محكمة الجنايات الخاصة في باريس الجمعة، بالسجن بين 13 و16 عاما على المتهمين الثمانية المتورطين، بدرجات متفاوتة، في جريمة قتل أستاذ التاريخ صامويل باتي (47 عاما) في 16 أكتوبر 2020.

وأُدين نعيم بوداود (22 عاما) وعظيم إبسيرخانوف (23 عاما)، وهما صديقان للجهادي عبد الله أنزوروف الذي قتلته الشرطة يوم تنفيذه هجومه في 16 أكتوبر 2020، بالتواطؤ في القتل وحُكم عليهما بالسجن لمدة 16 عاما، وفق ما أصدرت المحكمة ليل الجمعة. وفي اليوم السابق للهجوم، ذهب الشبان الثلاثة إلى مدينة روان (غرب) لشراء سكين عثر عليها في مسرح الجريمة ولكنها لم تكن تلك التي استخدمها الجهادي في قطع رأس ضحيته.

وخلال محاكمتهما كرر بوداود وإبسيرخانوف التأكيد أن أنزوروف قال لهما إن هذه السكين هي “هدية” لجده. وبوداود هو الوحيد بين الشبان الثلاثة الذي يعرف كيفية قيادة السيارة، وقد أوصل القاتل في يوم الهجوم إلى متجر يبيع مسدسات تعمل بضغط الهواء، ثم أنزله بالقرب من المدرسة التي يدرّس فيها صامويل باتي.

واتهمت النيابة العامة الشابين بتقديم “الدعم اللوجستي الذي كان أنزوروف يحتاج إليه” لارتكاب جريمته، لكنها تخلت عن تهمة التآمر بعدما أقرت بعدم قدرتها على إثبات أنهما كانا على علم بنيته قتل الأستاذ. وأبقت النيابة العامة بالمقابل على تهمة تشكيل “عصبة مجرمين إرهابيين” التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 30 سنة.

أما بخصوص المتهمَين إبراهيم شنينة (52 عاما) والداعية عبد الحكيم صفريوي (65 عاما) اللذين يقفان خلف “حملة الكراهية” التي جعلت الأستاذ المدرسي “هدفا” للجريمة، فأدانتهما المحكمة بتهمة تشكيل “عصبة مجرمين إرهابيين” وحكمت عليهما بالسجن لـ13 سنة و15 سنة على التوالي.

وفور النطق بالحكم، صاح صفريوي متهما المحكمة بإصدار حُكم “سياسي” بحقه، لكن القاضي فرانك زينتارا قاطعه بحزم.

من جهتهم، أجهش أفراد عائلة شنينة الذين حضروا بأعداد كبيرة بالبكاء، وأطلق بعضهم العنان لصيحات الغضب. وسارع فنسان برينغارث، أحد محامي صفريوي، إلى القول إن موكله سيستأنف الحكم الصادر بحقه. بدوره، قال وديع الحماموشي، وهو محامي دفاع آخر عن الداعية، إن موكله أصبح بهذا الحُكم “سجينا سياسيا”. لكن برينغارث سارع إلى القول “أنا أنأى بنفسي عن هذه التعليقات”، لتظهر بذلك تباينات في فريق الدفاع عن الداعية الإسلامي. وإبراهيم شنينة هو والد التلميذة التي كذبت عندما اتهمت أستاذها صامويل باتي بممارسة تمييز بحق التلامذة المسلمين في فصله خلال درس حول حرية التعبير عرض فيه رسما كاريكاتوريا للنبي محمد. وإثر تلك الواقعة نشر والد التلميذة رسائل ومقاطع فيديو معادية للأستاذ اعتبارا من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

أما صفريوي، مؤسس جمعية “تجمع الشيخ ياسين” الموالية لحماس (المنحلة الآن) فاتهم باتي في مقطع فيديو بأنه “بلطجي”. لكن وكلاء الدفاع عن الداعية أكدوا ألّا دليل على أن أنزوروف شاهد مقطع الفيديو الذي نشره موكلهم، مضيفين أن الأخير لم يلتق أنزوروف أبدا.

كما اعتبر وكلاء الدفاع أن ذهاب شنينة وصفريوي سويا في 8 تشرين الأول/أكتوبر إلى المدرسة التي كان باتي يدرس فيها يبرئهما من تهمة تشكيل عصبة مجرمين إرهابيين. لكن القاضي رفض هذه الدفوع، وقال “لقد اعتبرت المحكمة أن (شنينة وصفريوي) هيآ الظروف لتنفيذ عمل إرهابي”.

وأعربت الأطراف المدنية في هذه القضية عن غضبها من طلبات المدعي العام “المتساهلة للغاية”، في حين طلب الدفاع بالمقابل تبرئة معظم المتهمين من خلال طعنه بـ”النية الإرهابية” للمتهمين. لكن المحكمة اختارت الشدة.

وطلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب أحكاما بالسجن تتراوح بين 18 شهرا مع وقف التنفيذ و16 عاما نافذة، بحق المتهمين الثمانية في هذه القضية والذين تتراوح أعمارهم بين 22 و65 عاما. وينتمي المتهمون الأربعة الباقون، ومن بينهم امرأة، إلى “الفضاء الجهادي” الذي كان على اتصال بعبد الله أنزوروف على شبكات التواصل الاجتماعي.

وحكمت المحكمة على بريسيلا مانغيل (36 عاما) بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التحريض على الإرهاب، وعلى يوسف سينار (22 عاما) بالسجن سنة واحدة بتهمة الترويج للإرهاب. أما إسماعيل جامعيف (22 عاما) وهو الوحيد من بين كل المتهمين الثمانية الذي اعترف بذنبه، فحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة خمس سنوات، بينها 30 شهرا مع وقف التنفيذ، بينما حكمت على لقمان إنغار بالسجن ثلاث سنوات اثنتان منها مع وقف التنفيذ.