لا يجادل احد في كون منصب والي جهة فاس-مكناس كان من ابرز وادق التعيينات التي بوشرت خلال الحركة الأخيرة ، وذاك لمكانة العاصمة التاريخية والعلمية وجهتها ، والوضع العام المتردي الذي أصبحت عليه الحالة العامة لفاس واهلها الذين باتوا يحسدون المدن الآخرى ،حتى الحديثة التي كانت حتى الأمس مجرد قرى على نهضتها وتوسعها وأمنها .
وللأسف لم يوفق المسؤولون الذين تعاقبوا على كرسي الولاية في السنين الأخيرة في تغيير الحالة المزرية التي باتت عليها المدينة العريقة التي ولدت الحضارة المغربية على ارضها وصنع أبناءها ثراتنا التليد بايديهم ، فأضحت فاس تعاني من التخلف في كل المجالات رغم توفرها على كل مقومات النمو والتطور.
الحديث عن مشاكل فاس البنيوية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية ملأ كل المحافل وضل الأمل في إصلاح شؤونها وأعادتها إلى المكانة التي تستحقها أمل معلق.
ويبدو ان هذا الأمر لم يعزب عن الإرادة السامية التي حملت مسؤولية هذا الورش الكبير لواحد من اقدر رجالات الدولة أرادة وأكثرهم خبرة بالاصلاح والتنمية .
الأمر يتعلق بالوالي معاذ الجامعي الذي ينتمي إلى أسرة من اعرق الأسر الفاسية التي اشتهرت بريادتها التاريخية في مجالات الفكر والسياسة والاقتصاد واعتبرت من أعمدة المخزن في ادق الفترات.
الوالي الجديد يقدم حصيلة حافلة من النجاحات في التنمية والتدبير المدني والاجتماعي حققها خلال مهماته في الدار البيضاء ككاتب عام ثم في الجديدة كعامل اقليم وبالأخص كوالي بجهة الشرق.
بالبيضاء ما زال السكان وكل هيئاتهم يذكرون إنجازات الرجل وآثار نشاطه ،وأما في الجديدة فان هناك اجماع بين كل مكونات المنطقة على ان تعيين الجامعي كان بداية لمرحلة انتقالية متميزة فى تاريخ الجديدة التي تركها بعد سبع سنوات حاضرة أخرى ليس لها ما تحسد عليه اكثر المدن رقيا وتقدما .
اما في الجهة الشرقية فان الأمر كان جد مختلف، والمهمة كانت اشبه بأشغال هرقل .فالجهة الشرقية كما يعلم الجميع ورثت التخلف والفقر والإهمال من المستعمر الذي كان ينقم عليها وطنيتها وتمسكها بمغربيتها في مواجهة المحاولات الأولى للاحتلال كما كان يطبق في حقها مقولة “المغرب غير النافع” فتركها قاعا صفصفا تواجه القحط والتصحر . وقد تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب الجفاف الذي دمر آخر الموارد وقضى على ثروات الرعي ، ثم جاء إغلاق الحدود ليراكم العزلة ويفاقم الأزمة.
ولقد شهدت الجهة مع الوالي الجامعي معركة حقيقية مع الركود واستطاع بالفعل ان يحافظ على السلم الاجتماعي و أن يخلق تعبئة شاملة لمقدرات المنطقة ومواردها وسواعد وإرادات أبنائها، والنتائج صارخة اليوم إذ لا تخفى سمات التطور المتجلية في الحركة التجارية والصناعية و السياحية والثقافية التي تميز وجدة والجهة الشرقية اليوم والتي ستتعزز بعشرات المشاريع التي تولدت عن الجهد الجبار الذي قاده الوالي معاذ قبل رحيله إلى مسقط رأسه حيث ينتظر منه ان يخوض معركة إصلاح كبيرة أخرى لإنقاذ مدينة العلم والحضارة وإعادة الوهج والرونق إلى شوارعها وحاراتها.
الأخبار الأولى القادمة من فاس تكشف عن انطلاق ورش كبير سيقوده الجامعي في كل المجالات وعلى سائر المستويات بعدما انكب مع الاطر والفعاليات المختلفة على حصر المشاكل والقضايا المطروحة والحلول المقترحة لها والأوراق التي ستخصص لتنفيذها.
الصحف ووسائل الإعلام بدأت منذ أيام تتحدث عن أولى عمليات تحرير الملك العمومي و تحريك الجرافات لهدم كل البنايات غير المرخصة وكذلك الإصلاح والتنظيم ، ولا شك ان بوادر التغيير ستبدأ في الظهور .
حظ طيب لجهة فاس واهلها الذين عليهم ان يشمروا على سواعد الجد ليدعموا عمل واليهم الجديد .
