أبت منظمة العفو الدولية كعادتها إلا ان تضحكنا مرة أخرى عندما أصدرت بداية الأسبوع ، تقريرها الطويل العريض المنتظر حول ما يجري في غزة ، حيث اكتشفت خروقات وتجاوزات عديدة للقوانين والاتفاقيات الدولية،ارتكبها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة في شهر ماي الماضي عند مهاجمته لرفح.
وثقت المنظمة المثيرة للجدل ، الكثير من هذه التجاوزات في حق سكان غزة ومنها : استخدام الأسلحة الواسعة التأثير ، والأسلحة غير الدقيقة التي تحدت خسائر وضحايا كثر ، وعدم اخطار المدنيين بنوع السلاح المتوقع ضربهم به، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال التي تخالف اتفاقية جنيف وبرتوكولات الحرب.
المدهش ان منظمة العفو مثل أخواتها من الهيئات الغربية المنصبة لحراسة حقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي لم تتحرك ازاء المذبحة الإنسانية الأكبر في التاريخ الجارية في فلسطين بين غزة والضفة الغربية والقدس إلا في مناسبات نادرة ولتنشر تقارير غريبة تثير الدهشة والاستغراب في الوقت الذي تنشغل فيه بمواضيع اقل أهمية وإلحاحا مثل حرب اوكرانياً حيث تتقابل قوتان عسكريتان تملكان أسلحة متكافئة وقدرات بشرية واقتصادية متناسبة وتحضيان معا بدعم دول حليفة .
في حرب أوكرانيا وروسيا تمر عدة أيام قبل ان تسجل خسارة ما . ولا يتجاوز الأمر غالبا إصابة او ضحية مدنية وتهدم بناية او جزء من عمارة . وهذا لان المتحاربان يتحاشيان المنشئات المدنية والمناطق الآهلة . وحتى الآن يقدر الضحايا المدنيون في هذه الحرب بالمآت لا اكثر.
من تم لا مجال لأية مقارنة مع ما يجري في غزة الشهيدة من وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا من إبادة للبشر والحجر والطبيعة والحيوان مما يستحيل وصفه
لم ينتبه مسؤولو العفو الدولية طيلة عشرة أشهر إلى ان الأمر في غزة ليس حربا على الإطلاق وإنما إبادة وإفناء لان الحرب تجري بين جيشين لدولتين كما هو الشأن في أوكرانيا وروسيا . امًا. في مذبحة غزة فان هناك واحداً من أقوى جيوش العالم يملك أمكانيات لا محدودة في كل المجالات تسنده امريكا وكل دول النيتو والغرب بلا حدود ، يجهز على مليوني فلسطيني مكدسين داخل ستمأة كيلومتر ومحاصرين ومقطوعين عن العالم منذ عقود ، ليس لهم وسيلة دفاع إلا تنظيمات شعبية مدنية للمقاومة لا تملك جيشا ولا ميزانية ولا سلاح مضاد للطائرات ولا دبابة او مدفع او طائرة او حتى مجرد شاحنة او ناقلة جند ولا حتى خوذة لوقاية الرأس . لذلك يخطيء العالم عندما يتحدث عن حرب في غزة بدل التعامل معها كابدة لم يقم بمثلها في الهمجية لا هولاكو ولا هتلر نفسه .
غريب ان تتحدث العفو الدولية عن عدم الدقة في التصويب وعن الأسلحة ذات الأثر الكبير .
الناس جميعا راو كيف تسقط قنبلة بزنة 2000. كيلو وتحدث هزة من النار تنسف مآت الإمتار من حولها وتحول احياءً كاملة إلى ركام يختلط فيه الحجر بالبشر وكل لك من اعلى طائرة ف 35 وليس هذا فحسب فجيش اسرائيل قتل من المدنيين ما لم يقتله جيش النازية خلال ألحرب العالمية : نحو 50.000 من الضحايا مع دك كل المستشفيات والمساجد والأسواق والمنشآت المدنية الحياتية وكل ما يقوم فوق الأرض او يخفى تحتها في حقد غير مسبوق في تاريخ البشرية
..
العفو تلوم في تقريرها جيش الاحتلال لأنه استخدم قنابل اكبر مما يجب ولم يسدد ضرباته جيدا كما انه لم يعلم ضحاياه بانه سيقصفهم . وطبعا لم تنتبه المنظمة إلا التجويع والتعطيش ومنع نجدة الأطفال والمرضى والعجزة وحجب الدواء والباقي طويل لا وقت لدى المنظمة لتتبعه. .
لقد ذكرنا تقرير منظمة العفو بالتصريحات المثيرة التي ضل رئيس الولايات المتحدة ومساعدوه يرددونها يوميا حول مطالبته لاسرائيل بالتقليل من عدد الضحايا المدنيين ،وايضاً بزيادة كمية الطعام المسموح بادخاله إلى غزة.
وقد مرت10اشهر دون ان تلبي اسرائيل الطلب لان بايدن وكيري نسيا ان يوضحا الأمر كأن يقولا :لا تقتلوا إلا 500او600في اليوم وزيدوا 10 او 20 شاحنة من الطعام. واستخدموا قنابل 500كيلو فقط وصواريخ متوسطة بمعدل واحد لكل عمارة وكذلك لا تقتلوا من الصحفيين والمسعفين والأطباء إلا اثنين او ثلاتة في المرة .
المهم ان العفو وهيومن رايتس واخواتها يرعون المغرب بكثير من العناية ويحصون انفاسه ولا تفوتهم كبيرة او صغيرة مما يحدث به. حتى لو كان مسا بحرية عصفور. .
العالم كله يرى اليوم حقيقة منظمات الابتزاز ولم تعد مساحيقها كافية لإخفاء وجهها البشع ولا دورها كواحد من أسلحة الغرب الحديثة للضغط والابتزاز والإبقاء على الهيمنة . لكن الغطاء انكشف وآن الأوان للغربيين ان يبتكروا شيئا آخر.