قد تكون الإشاعة صادقة وكاذبة في الوقت نفسه. وهذا له تفسير واحد وهو أن أحد المعطيات الواردة فيها قد تكون صحيحة، لكن باقي تفاصيلها فهي من نسج خيال مروجها. ومثل ذلك ما سجل في حادث رمي فتاة، تبلغ من العمر 35 من عمرها، نفسها، صباح اليوم الجمعة، من نافذة غرفة بالطابق الثالث لفندق مصنف تنزل به في أكادير.
فرغم صحة خبر محاولة انتحار المعنية بالأمر في ظروف ينتظر أن يميط التحقيق الأمني اللثام عن المزيد من ملابساتها، إلا أن سرد تفاصيله تضمن جانب ضئيل من الحقيقة، إذ أضيفت له معلومات كاذبة أو مشوهة، ومنها أن الكاتب العام لوزارة الصحة كان يتقاسم غرفة في الفندق مع المعنية بالأمر، وأنها أقدمت على محاولة إزهاق روحها بعد مغادرته.
إنتاج الإشاعة ليس بحكر على مجتمع معين وهي كانت وستظل دائما محط إعادة النقاش فيها كلما أذيع خبر يحظى باهتمام الرأي العام، لكن المثير في حكاية القاطنة في الدار البيضاء، التي خضعت لعملية جراحية في المستشفى الجهوي الحسن الثاني، وهو أنه، حتى مع الخروج الإعلامي لمصدر مقرب من الكاتب العام ليحكي حقيقة ما وقع بتأكيده أن المسؤول في وزارة الصحة لا علاقة له بالواقعة وأنه انتقل من غرفته ليحاول إنقاذ المعنية بالأمر من الموت بهذه الطريقة البشعة، إلا أن هناك من تشبث بتصديق القصة الأولى رغم صيغتها المشوهة.
وهذا يعني أنه لدينا أزمة من عدة جوانب، أولها، غياب الثقة، فلا أحد يصدق أي تصحيح أو نفي، وكأن هناك إصرارا على تصديق كل ما هو سيئ، وقد حذر كثيرون ومرارا من فقدان الثقة تدريجيا، وهذا ما يحصل اليوم. وهنا لابد من مبادرات جديدة، تعيد تصنيع الروح المعنوية للناس، وترفع من مستواها.