يحتفل المغرب، أسوة بالمجتمع الدولي، اليوم الاثنين باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، وهو مناسبة للتذكير بأهمية التدبير المستدام للأراضي، إحدى أهم الموارد للبشرية.
ويعادل تأثير ظاهرة التصحر تدهور مساحة أربعة ملاعب كرة قدم من الأراضي السليمة كل ثانية، أي ما يصل إلى 100 مليون هكتار من الأراضي سنويا.
وهكذا، يظل التصحر وتدهور الأراضي والجفاف من التحديات البيئية الأكثر إلحاحا في عصرنا الحالي، حيث وصلت نسبة الأراضي المتدهورة إلى 40 في المائة من مساحة الكوكب.
ويساهم اتساع نطاق هذه الظواهر بشكل ملموس في تراجع التنوع البيولوجي، مما يستدعي بذل المزيد من الجهود من أجل تدبير الأراضي على نحو مستدام وتنمية الموارد الغابوية.
ويركز اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لهذا العام، الذي اختير له موضوع “متحدون من أجل الأرض: إرثنا. مستقبلنا”، على مستقبل الإشراف على الأراضي ويسعى إلى تعبئة جميع شرائح المجتمع لدعم الإدارة المستدامة للأراضي.
كما يشكل الاحتفال بهذا اليوم مناسبة لتسليط الضوء على أهمية إشراك الأجيال الحالية والمستقبلية لوقف هذه الاتجاهات المقلقة وعكس مسارها والوفاء بالالتزامات العالمية باستعادة مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030.
وفي هذا الصدد، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو، إن “ما يصل إلى 40 في المائة من أراضي العالم متدهورة بالفعل، مما يؤثر على أكثر من نصف البشرية. ومع ذلك، فإن الحلول مطروحة على الطاولة”.
وأضاف أن “استصلاح الأراضي ينتشل الناس من الفقر ويبني القدرة على التكيف مع تغير المناخ”، مشددا على أن “الوقت قد حان للتكاتف من أجل الأرض وإظهار بطاقة حمراء لفقدان الأراضي وتدهورها في جميع أنحاء العالم”.
وفي المغرب، يؤثر التصحر، الذي تفاقم بسبب تغير المناخ، بشكل كبير على التنوع البيولوجي. وإدراكا منها لمخاطر هذه الظاهرة وتداعياتها البيئية والاجتماعية والاقتصادية، كانت المملكة من أوائل الموقعين على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، المصادق عليها عام 1996، واعتمدت برنامج العمل الوطني لمكافحة التصح ر عام 2001.
في هذا الصدد، أوضح الخبير في مجال التغيرات المناخية وإزالة الكربون، ياسين الزكزوتي، أن المغرب، على غرار باقي بلدان المنطقة المغاربية، يقع ضمن بيئة شبه جافة وجافة تقل فيها التساقطات المطرية، ما ينجم عنه طول فترات الجفاف.
وأشار في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذا الوضع يظهر جليا على عدة مستويات، لا سيما تراجع معدل ملئ السدود إلى أقل من 32 في المائة في أبريل من السنة الجارية، مما أثر بشكل مباشر على التزود بالمياه بالمناطق المسقية الكبرى، مبرزا أن التعامل مع ظاهرة الجفاف مسألة معقدة، بسبب عوامل خارجية كتغير المناخ والتوترات الجيوسياسية التي تفاقم هذه الظاهرة وتزيد من حدة تأثيراتها.
وتابع أنه على الرغم من هذه التحديات، إلا أن المغرب تمكن من التغلب على هذا الوضع المقلق الذي يهدد الأمن الغذائي للعديد من بلدان المنطقة.
ولفت الخبير، في هذا الصدد، إلى أنه على الرغم من الجفاف المستمر على مدى السنوات الست الماضية، نجح المغرب، بفضل القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في ضمان أمنه الغذائي، مذكرا بأن جلالة الملك وضع دائما الأمن الغذائي في صلب الأولويات الاستراتيجية للمملكة.
وبشأن الحلول التي يتعين اعتمادها، أكد السيد الزكزوتي أن المغرب، باعتباره فاعلا في المجتمع الدولي، اعتمد منذ مدة طويلة تدابير للتخفيف والتكيف للحد من آثار تغير المناخ، لا سيما ما يتعلق بالتصحر.
كما التزم المغرب بتنفيذ أهداف الأمم المتحدة 17 للتنمية المستدامة، والتي تتجلى أساسا في تدبير الجفاف.
ورأى الخبير أنه يتعين تنزيل هذه الاستراتيجيات والأهداف على المستويين المحلي والجهوي، وإدماجها في مخططات العمل الجماعية ومخططات التنمية للجهات، مضيفا أن هذا الإدماج سيفرز العديد من الاستراتيجيات والمشاريع الرامية إلى اتخاذ تدابير لمكافحة الجفاف، مثل ترشيد استهلاك الماء وتثمينه.
وأوضح أن تنزيل هذه الاستراتيجيات على الصعيد المحلي من شأنه أيضا تحسيس الفلاحين بالممارسات الفلاحية الجيدة التي يمكن أن تقلص من استهلاك الماء، من خلال إطلاعهم على تقنيات إعادة تدوير المياه وإعادة استخدامها، إضافة إلى أنواع الزراعات التي تتطلب كميات أقل من المياه وتلك التي يمكنها مقاومة الجفاف.
ويهدف الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا سنة 1994، إلى زيادة الوعي العام بالإشكالات المرتبطة بالتصحر، وتدهور الأراضي والجفاف، وتسليط الضوء على الحلول التي اعتمدها الإنسان للوقاية من التصحر وعكس توجهات تكثيف الجفاف، وتعزيز أجرأة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.