عيد الأضحى.. تمظهرات جديدة في أشكال الاحتفال للتكيف مع تحولات المجتمع

13 يونيو 2024آخر تحديث :
عيد الأضحى.. تمظهرات جديدة في أشكال الاحتفال للتكيف مع تحولات المجتمع
حسنى أفاين (و.م.ع)///

عيد الأضحى أو “العيد الكبير” كما يصطلح عليه بالمغرب، مناسبة سنوية راسخة في وجدان المغاربة بمقدار تعلقهم بإحياء السنة النبوية الشريفة. وقد أفرزت التحولات التي عرفها المجتمع المغربي تمظهرات جديدة في أشكال الاحتفال بهذا العيد تكيفا مع هذه التحولات.

ولعل من أبرز هذه التغيرات، ولوج المرأة لسوق الشغل، والتحولات التي طالت سلوك الأفراد في علاقتها بنمط العيش والسكن والتطور الحاصل في مناحي الحياة كلها، وما رافق ذلك من تغيرات في تصوراتهم للحياة والمجتمع والدين، مما انعكس على ممارساتهم للشعائر الدينية.

وإلى جانب هذه التحولات المجتمعية، تستأثر الإكراهات الاقتصادية بحظ وفير في جعل “العيد الكبير” هاجسا مقلقا للعديد من الأسر، لاسيما الهشة منها، في ظل الغلاء الناجم عن عوامل متعددة، ارتبط بعضها بتداعيات ما بعد جائحة كورونا والجفاف وغير ذلك. وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن العديد من المغاربة يواجهون إكراهات اجتماعية تلقي بهم في متاهات الاقتراض والتضييق على النفس من أجل توفير ثمن أضحية العيد، حيث يعتمد بعضهم على الدعم العائلي، أو على منحة المشغل، في حين يوفر آخرون المبلغ عبر القروض.

فهل تحول عيد الأضحى من طقس ديني إلى طقس اجتماعي؟ سؤال يطرح نفسه في سياق هذه التحولات، تجيب عنه الأخصائية في علم النفس الاجتماعي بشرى المرابطي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بكون عيد الأضحى كمناسبة دينية ل ب س بطقوس اجتماعية شأنه شأن كل الشعائر الدينية سواء في الدين الإسلامي أو في غيره من الديانات، حيث يخلق هذا اللبوس الاجتماعي أنماطا من السلوكات والتعاملات بأبعاد متعددة تمتد إلى ما هو اقتصادي، بما تحدثه من رواج في الأسواق تنتعش منه العديد من الأسر.

ولم يفت الأخصائية الإشارة إلى أن الاحتفال بعيد الأضحى في بعض المناطق، خاصة البوادي، يكشف عن طقوس واحتفالات متجذرة يتقاسمها المجتمع المغربي مع شعوب أخرى كالطواف بالأقنعة والموكب ووجود شخصية مركزية تدعى بوجلود أو هرمة أو بويلماون أو بوسليخن، حيث تختلف التسمية من منطقة جغرافية إلى أخرى، والتي بدأت تتوارى في المجتمع إلا من بعض المدن الصغرى أو البوادي.

كما أن “العطلة الكبرى” بالنسبة للحرفيين والصناع والتجار والموظفين في العديد من القطاعات، وفي المهجر أيضا، تتزامن مع فترة “العيد الكبير”، تضيف المرابطي، حيث تتعطل الحركة لأزيد من 15 يوما، وي حتفل بهذه المناسبة في تجمعات عائلية وبشكل جماعي.

وأضافت المتحدثة أنه إلى عهد قريب، كان عيد الأضحى محطة تتمظهر فيها تمثلات المجتمع لهذه المناسبة باعتبارها محطة لإثبات معاني الجود والإنفاق، إذ كلما كانت الذبيحة كبيرة ومتعددة، إلا ونعتت دار صاحبها بـ “الدار الكبيرة”.

كما أن المرأة، تتابع المتحدثة، كانت لها شروط ومواصفات محددة في الأضحية، وهو الأمر الذي بدأ يقل مع الزمن مع تطور المجتمع، مما جعل العديد من الفئات، بحكم التعليم والوعي الديني والثقافي، وبحكم إيقاع الحياة ونمط السكن وغيرها من العوامل، تعيد النظر في تعاملها مع عيد الأضحى وتتخذ أشكالا جديدة للاحتفال به.

وأشارت إلى أنه بالرغم من الجهود التي يبذلها العلماء في تعزيز الوعي الديني والتعريف بأحكام الشرع من هذه الشعيرة، يتعين بذل المزيد من الجهود من أجل تبيان الحكم الشرعي لهذه الشعيرة باعتبارها سنة مؤكدة مقرونة بالاستطاعة.

وبخصوص أشكال الاحتفال الجديدة بعيد الأضحى الآخذة في الاتساع رويدا رويدا في نسيج المجتمع، كإقامة الشعيرة في الفنادق التي تقدم لنزلائها هذه الخدمة، وبعض الفضاءات الأخرى كالضيعات وغيرها، تقرأ الأخصائية “بإيجابية كبيرة جدا هذا التحول بالنظر إلى التغيرات البنيوية التي وقعت في المجتمع المغربي والتي تدفع الإنسان لإحداث مجموعة من التغييرات في اختياراته، وهذا تطور طبيعي، كما هو الشأن في العديد من البلدان”.

وشددت على أن العديد من الناس يمارسون هذه الشعيرة الدينية بطريقة مختلفة لأسباب صحية أو لظروف خاصة، ويفضلون التصدق بأضحية العيد إلى المحتاجين مباشرة أو عبر جمعيات.

وأكدت الأخصائية، من جهة أخرى، على أن هناك إقبالا متزايدا على ذبح الأضاحي في مجازر البلدية، وهو الأمر الذي ينبغي تيسيره كما يجري به العمل في ديار المهجر بالنسبة لمسلمي العالم، لأنه يسمح بإقامة هذه الشعيرة وفق شروط صحية.

كما أن خيار الاحتفال بعيد الأضحى في الفنادق أو الضيعات يعد وسيلة لتخفيف العبء عن الأسرة وقضاء يوم العيد بأريحية كبيرة وخلق أجواء السعادة لجميع أفرادها مقارنة مع الذبيحة في البيت التي “تعتبر في الحقيقة متعبة، خاصة بالنسبة للنساء” تضيف المتحدثة.

بالرغم من التحولات التي طالت النسيج الاجتماعي المغربي، وما رافقها من أشكال مستجدة للاحتفال بعيد الأضحى، فإنه يظل مناسبة لصلة الرحم، وتوثيق الروابط العائلية وتعزيز قيم التضامن والحفاظ على التقاليد المغربية الأصيلة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق