أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأن “الحالة الجوية العامة تميزت خلال نهاية الأسبوع المنصرم، بانخفاض في درجات الحرارة بشمال البلاد، مرتفعات الأطلس والريف، مع تكون سحُب ركامية مصحوبة ببعض الزخات أحياناً رعدية، همت مرتفعات الأطلسَين الكبير والمتوسط والمنطقة الشرقية”.
وتستمر تقلبات الطقس، التي يبدو أن المغاربة تعايشوا معها خلال شهر ماي الجاري، وفق مسؤول التواصل بالمديرية التابعة لوزارة التجهيز والماء، الحسين يوعابد، تبعاً لـ”مرور منخفض جوي شمال شبه الجزيرة الإيبيرية وامتداد تأثيره إلى شمال غرب المغرب، مما ينتج عنه بعض الانخفاض في درجات الحرارة في المناطق الشمالية والشرقية وتكوّن السحب غير المستقرة بالمرتفعات وشرق البلاد”.
وشرح يوعابد أن “هذه الفترة هي فترة انتقال من فصل الربيع إلى فصل الصيف”، وهو ما يجعلها “عادة تتميز بتذبذب في الطقس بين البارد والحار مع تردد ظاهرة تشكّل السحُب غير المستقرة بالمرتفعات”.
وبقي الطقس طيلة الأيام القليلة الماضية “حارّاً نسبياً بالجنوب-الشرقي وبأقصى جنوب البلاد، مع تشكّل سحب منخفضة كثيفة خلال الصباح والليل بكل من السهول الشمالية والوسطى”.
وبحسب معطيات رسمية من مديرية الأرصاد الجوية، فقد بلغت مقاييس الأمطار المسجلة الأحد الماضي 8 مليمترات بميدلت، ومليمترا واحدا بالقنيطرة، فيما سجل أقل من مليمتر بالرباط وسلا، وبن سليمان والرشيدية.
ومن المنتظر، اليوم الثلاثاء، حسب توقعات الأرصاد، “تشكل سحب منخفضة مصحوبة بضباب محلي فوق السهول الشمالية والوسطى وشمال الأقاليم الجنوبية، وذلك خلال الصباح والليل”، و”سترتفع درجات الحرارة مع طقس حار نسبيا بكل من الجنوب-الشرقي للبلاد، داخل الأقاليم الجنوبية وبالمناطق الوسطى، مع تسجيل هبات رياح قوية نوعًا ما فوق السواحل الوسطى والأقاليم الجنوبية”، أما درجات الحرارة خلال النهار، “فستظل في ارتفاع” بوسط وشرق البلاد.
تفسيرات ممكنة
“بالنسبة للأحوال الجوية منذ بداية السنة، فإنها تميزت بعدم انتظام في التساقطات المطرية. ورغم هطولها في فترة مهمة بالنسبة لإغناء الفرشة المائية (مارس أساسا)، إلا أن هذه السنة عرفت نقصاً ملحوظاً”، يرصد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بمديرية الأرصاد الجوية المغربية.
واستحضر يوعابد، في تفسيرات لهسبريس، أن “شهر يناير الماضي كان من أكثر الشهور سخونة خلال الستين سنة الماضية بالمغرب”، قبل أن “نعيش فترة شتاء 2024 التي تميزت بالحرارة كذلك”. وزاد أن “الفترة الربيعية الحالية تميزت بتذبذب في الحالة الجوية رغم تساقطات في بدايتها، أعقبها ارتفاع درجات الحرارة في أبريل”.
وعزا المسؤول ذاته هذا التقلب إلى “تغير مصادر مراكز الضغط الجوي بين منخفضات ومرتفعات تزور أجواء المملكة وتكون لها امتدادات تبلغ المناطق الوسطى، وأحيانا شمال المغرب”.
“التغايُرية المناخية”
في تفسيرات علمية أكثر، قال محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن “عدم الاستقرار مكون ضمن المناخ بطبيعته وسماته الأساسية”، فما نعيشه من تقلبات يدخل ضمن ما يسمى “التغايُرية المناخية” (variabilité climatique).
وأضاف الخبير المناخي أن “الإحساس بالحرارة يختلف من منطقة لأخرى، وتحكمُه سياقات المنظومة الجوية التي تتضمن عوامل الحرارة والرطوبة والتساقطات والبرودة”، مسجلا أن “احتساب متوسط الحرارة يختلف عن الحرارة الحقيقية”.
وبعدما أشار إلى أن “عام 2023 مرّ استثنائياً من حيث الحرارة، قبل أن يتكرر الأمر مع درجات حرارة قياسية في يناير 2024 بشكل جعلها غير معتادة بين المغاربة”، شدد قروق على أن “باقي الأجواء الربيعية معتادة، بحكم أن الربيع يعدّ ثالثَ فصل من حيث التساقطات المطرية”، علما أن “متوسط التساقطات يجب أن يكون 400 ملمتر. وإذا ما سجلنا أقل، فهي سنة جافة”.
“الجفاف في المغرب شكّل دائما القاعدة وليس الاستثناء، إلا أن التحول المناخي والاحترار الأرضي عاملان ساهَما أكثر في جعله أكثر قساوة وفي تطرف الظواهر المناخية ووتيرة تغيرها”، يبرز أستاذ علم المناخ، لافتاً إلى “وجوب وضرورة التمييز بين السياسات والتفسير العلمي للظواهر”.
وختم قروق بأن “الإشكال الذي يعاني منه المغرب جراء تقلبات المناخ والطقس مطروح بحدة أكبر على مستوى تدبير المياه والموارد المتعلقة بها، خاصة في ظل تحوّل الندرة والإجهاد المائيين إلى ظواهر هيكلية استقرت في المنظومة المناخية مع توالي سنين الجفاف”.