في عالم افتراضي يتداخل فيه الزيف مع الحقيقة وتتعدد فيه المحتويات العنيفة أو غير الملائمة، تجد الأجيال الصاعدة نفسها غارقة وسط سيل من المعلومات التي تعج بها شبكات التواصل الاجتماعي.
والواقع أن هذه المنصات، بما تتضمنه من محتويات مختلفة، أصبحت أمرا لا محيد عنه، سيما بالنسبة لهذه الأجيال التي تدمن على البحث على المعلومة عبر “إنستغرام”، و”تويتر” باسمه الجديد (إكس)، و”فايسبوك” أو “لينكد إن”.
ويرى رئيس المركز المغربي للأبحاث متعددة التقنيات والابتكار يوسف بن الطالب أن “التمييز بين المعلومات الكاذبة أو المضللة، أو حتى المعلومة التي لا مضمون لها، يتطلب أقصى درجات الحذر، خاصة عندما نكون فاقدين للتكوين في مجال البحث عن المعلومة الموثوق بها”.
وأوضح ابن الطالب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من الضروري تمكين الأطفال وحتى اليافعين من معرفة المعلومة الحقة، وهي المستقاة من عدة مصادر يفترض أن تكون موثوقة كذلك، مضيفا أنه ” ليس من السهل في كل مرة التحقق من المعلومة من مصادر مختلفة، ولكن سلوك المستخدمين في هذا الصدد يجب أن يتغير “.
والأسوأ من ذلك هو أن العالم الرقمي يعامل الأطفال واليافعين على قدم المساواة مادام الجميع يمكنهم تجاوز القيود العمرية واستخدام حسابات مزيفة.
في الوقت الحاضر، لم يعد الصحفيون محتكرين لنقل المعلومات في سياق يتسم بالتصاعد القوي للشبكات الاجتماعية، مما يتطلب جهدا مستمرا في العمل المتمثل في التحقق من المعلومة، والذي انتشر في جميع أنحاء العالم بعدما كان قد بدأ في الولايات المتحدة.
وهذه التقنية امتدت بعد ذلك إلى عدة مجالات، أهمها التحقق من المعلومة المشكوك فيها المنقولة عبر الإنترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي خضم المعركة ضد الأخبار الكاذبة، يعد التعليم والتوعية ركيزتين أساسيتين، ذلك أن عصر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، المطبوع بانتشار المعلومة المضللة بسرعة فائقة، يستلزم بالضرورة تزويد الأجيال الشابة بمعرفة رقمية متينة.
وهكذا، يبدو من الملح إدماج البرامج التربوية لوحدات مخصصة للتحليل النقدي للمصادر والتحقق من الوقائع ورصد مكامن التحيز، مع تشجيع روح النقد إزاء المعلومات المقدمة.
ويلاحظ رئيس المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار أن “الأطفال فئة هشة. وهنا يجب أن تأخذ مكافحة ظواهر مثل العنف السيبراني في بيئاتهم هذا البعد في الاعتبار”، داعيا ، في هذا الصدد ، إلى اتباع نهج مقاربة تربوية وبيداغوجية ملائمة.
وقال “إن الأطفال يتأثرون بآبائهم ومدرسيهم وأقرانهم، وأيضا بأنشطة ومحتويات الشبكات الاجتماعية. ومكافحة العنف السيبراني ضد الأطفال والشباب يستوجب إذكاء الوعي وإشراك المحيط الذين يثقون فيه “.
لذلك، فإن المجال التربوي برمته معني، وفي مقدمته الآباء والمدارس وأيضا منصات الشبكات الاجتماعية التي يمكنها أن تقوم بدور أساسي في محاربة المحتويات العنيفة وفي زيادة وعي المستخدمين بمخاطر الإنترنت، لا سيما من خلال تحديد المتحرشين عبر الإنترنت.
ويبرز من بين هذه المخاطر التنمر الإلكتروني الذي يعتبره الخبراء أحد أخطر أشكال العنف الافتراضي، ويمثل تهديدا خطيرا للأمن يمكن أن يؤدي بالضحية، في بعض الحالات ، إلى الاكتئاب وحتى الانتحار.
ويتخذ العنف السيبراني عدة أشكال تتراوح بين الابتزاز عبر “الويبكام” إلى توزيع الصور أو مقاطع الفيديو الشخصية، مرورا بالتهديدات عبر الإنترنت. ويتعلق الأمر أيضا بانتحال الهوية الرقمية، ونشر معطيات شخصية دون استئذان، وكذلك اختراق حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي ونشر مقتطفات مهينة أو تحض على الكراهية.