بدأ بعض ما ينشر على أنه “تسريبات” أو “معطيات خاصة” يروج توفرها من مسار التحقيقات المنجزة في قضية “إسكوبار الصحراء”، والتي جر على إثرها شخصيات من ضمنها عبد النبي بعيوي (رئيس جهة الشرق) وسعيد الناصيري (رئيس الوداد البيضاوي)، تكتمل فيه أركان “الفعل الإجرامي المنظم” المستوجب للردع القانوني الحازم.
فأمام استغلال هذه النقطة المضيئة في طريق القطع مع الفساد بالمغرب، في إصدار “إعدامات إلكترونية” في حق عدد من الشخصيات من ضمنهم مسؤولين كبار في الدولة ومشاهير، وذلك عبر ذكر إسمها أو تلميح إليها وإلصاق تهم عديدة بها، في حملة تشهير مسعورة تبعث منها روائح “الانتقام والخدمة تحت الطلب لجهات معينة ومآرب شخصية”، لم يعد الاكتفاء بالتفرج على هكذا مشهد فوضوي مطلوبا الاستمرار فيه.
وأخذ الركوب على هذه القضية يتوسع ويأخذ منحى خطيرا في الأيام الأخيرة بـ “اصطناع قوائم لمتورطين جدد” واختلاق وقائع وأحداث وتطورات، ربط بها مسؤولين سامين وشخصيات سياسة نافذة، والتي وجدت نفسها “معزولة” عن أي حماية قانونية في مواجهة “ماكينة إشاعات” لا تتوقف عن الدوران وإنتاج منشورات جلها مخدوم بتقنية “الفوطوشوب” وتتغذى عليه تقارير إعلامية مجهولة وصفحات “فيسبوكية” غير رائجة.
طبعا، من حق المواطن أن توفر إليه المعلومة الصحيحة، كما من الحق أيضا انتقاد ومحاسبة الشخصيات العامة التي لها دور في خدمة المجتمع، لكن دون السقوط في مستنقع التشهير بهم.
فلا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات كما هو منصوص عليه في المادة 12 من ميثاق حقوق الإنسان.
وهي الحماية الواجب أن تحضر اليوم بشكل رادع أكثر وبتحرك عالي الصرامة في ما يعرف إعلاميا بقضية “المالي”، خصوصا أن قيادة حملات التشهير ضد بعض الشخصيات باتت تتشكل أدلة كونها مخدومة والغرض منها تشويه الحقائق، والتي تنكب التحقيقات الأمنية والقضائية على سبرها باقتدار كبير ونزاهة أكبر.
إن التزام الجمود وسط هذه الزوبعة المثارة لا يخدم صورة المملكة والتي يتربص الكثير من الأعداء بها في محاولة مستمرة للمس بسمعتها، والمطلوب في هكذا أوضاع الضرب بيد من حديد على كل من يركب على هذه الموجة خدمة لأهدف بعيدة تماما عن السعي لـ “فضح الفساد” ونشر الحقيقة.
وللتذكير مرة أخرى، فمستجدات الملف إلى اليوم هي كما جاء الإعلان عنها رسميا. فحاليا 21 شخصا، من ضمنهم بعيوي والناصيري يوجدون رهن الاعتقال الاحتياطي، بعدما تقرر إيداعهم سجن عكاشة. وهذا الأخير ينتظر أن يباشر معه قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الاستنطاق التفصيلي، في 25 يناير الجاري، علما أن الأربعة الآخرين الذين جرى تقديمهم ضمن هذه المجموعة أمام الوكيل العام، تقرر تعميق البحث معهم.