أظهرت مدينة مراكش، التي تعتبر إحدى الوجهات الأكثر شعبية على المستوى الدولي وعاصمة للسياحة الوطنية، مرونة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، في ظل انخراط متواصل في تعزيز الجاذبية المستدامة للقطاع السياحي.
وفي ظل الجهود التي تقوم بها السلطات العمومية والهيئات المنتخبة والمهنيبن، ضخت المدينة الحمراء كل طاقتها من أجل جذب عدد كبير من الزوار، إذ أنه على الرغم من تداعيات زلزال الحوز الذي ضرب عدة مناطق من المملكة، تمكنت هذه المدينة الرائعة من استقبال ضيوفها في أفضل الأحوال، ولا سيما من خلال احتضان تظاهرات عالمية كبرى، كما هو الحال بالنسبة للاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين.
ومن أجل ذلك، تتيح “مدينة سبعة رجال” لزوارها عرضا سياحيا متنوعا وجذابا، ومتوافقا مع انتظاراتهم، من خلال خدمات عالية الجودة ترضي جميع الأذواق، وفق المعايير العالمية الجاري بها العمل في هذا المجال.
وتتميز المدينة الحمراء بجوها المشمس مع درجات حرارة تتجاوز 20 درجة، وطاقة إيوائية هائلة توفرها القصور والرياضات والفنادق المصنفة وغيرها من المؤسسات الفندقية، كما تعرف بكرم سكانها وتمسكهم بالتقاليد والعادات، فضلا عن موقعها الجغرافي الاستثنائي الذي يحظى بميزة المواصلات البرية (من خلال شبكة السكك الحديدية والطرق السيارة)، والجوية من خلال الربط المباشر بعدد من المدن الأوروبية.
بالإضافة إلى ذلك تضم هذه المدينة الضاربة جذورها في التاريخ، العديد من المعالم والأسوار والحدائق التاريخية، والأسواق، والأزقة الملتوية ذات القيمة الحضارية الكبيرة. فزيارة هذه المواقع التي لها أيضا قيمة تراثية كبيرة، هي بمثابة انغماس حقيقي للزائر المطلع والفضولي في عظمة وسحر تاريخ المملكة العريق والمشع.
وغير بعيد عن المدينة العتيقة توجد سلسلة من الحدائق التاريخية، مثل عرصة مولاي عبد السلام، وعرصة البيلك، وحدائق أكدال، وغيرها من الساحات والمساحات الخضراء التي تشكل رئة المدينة، ومساحة ت قبل عليها الساكنة كما السياح من أجل الترفيه عن النفس واستنشاق الهواء النقي في قلب هذه المدينة التي تعج بالحياة.
كما تتمتع مراكش بجودتها كقبلة لتظاهرات عالمية كبرى بامتياز تتناول مجموعة من القضايا والقضايا العالمية، بالإضافة إلى المهرجانات الكبرى، مثل المهرجان الدولي للفيلم.
وتعود جاذبية المدينة الحمراء أيضا إلى مطارها الدولي الذي يضم محطتين مجهزتين بأحدث المرافق، بالإضافة إلى محطة VIP جديدة خصصها المكتب الوطني للمطارات لرجال الأعمال والطيران الخاص، منذ فبراير 2020.
وارتفعت حركة الملاحة الجوية إلى 43,320 رحلة خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من 2023، مقارنة بـ 41.325 رحلة خلال نفس الفترة من 2019، أي بنسبة تعافي 105 في المائة، فيما ارتفع عدد المسافرين من 5.354.057 خلال نفس الفترة من 2019 إلى 5.676.570 في 2023، أي بنسبة استرجاع 106 في المائة.
وبالنسبة للسياح الذين يقصدون الفنادق المصنفة، فقد وصل عددهم إلى 232.910 خلال شهر نونبر 2023 مقابل 228.726 سنة 2019، مما يمثل تقدما بنسبة +2 في المائة، بحسب الإحصائيات الرسمية، ليصل بذلك إجمالي الوافدين في نهاية شهر نونبر 2023، إلى 2.658.381 مقابل 2.482.028 خلال نفس الفترة من سنة 2019 (+ 7 في المائة).
أما بالنسبة ليالي المبيت فقد بلغت 716,159 خلال شهر نونبر 2023 مقارنة بـ 680.565 سنة 2019، أي بزيادة بلغت 5 في المائة، وارتفع العدد التراكمي في نهاية نونبر من 7.750.496 سنة 2019 إلى 8.299.756 سنة 2023 (+7 في المائة).
من جهة أخرى، أشارت الإحصائيات إلى أنه خلال الأشهر 11 الأولى من سنة 223، شهدت مراكش وتيرة تدشين مشاريع سياحية جديدة، بما في ذلك 45 مؤسسة سياحية بحجم استثمار بقيمة 1.094.685.000 درهم، وهو ما ساهم أيضا في تعزيز الطاقة الإيوائية بـ 1.154 سريرا، وخلق 574 منصب شغل مباشر.
وفي هذا الصدد أكد الكاتب العام للمجلس الجهوي للسياحة بمراكش-آسفي، مصطفى أماليك، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مراكش وحدها تستحوذ على 40 في المائة من النشاط السياحي الوطني، حيث أصبحت تمثل علامة سياحية دولية، وذلك راجع لتعدد المؤهلات التي تزخر بها، والخبرة الكبيرة المكتسبة في هذا المجال وعلى مستوى تنظيم الأحداث والتظاهرات الكبرى.
وتابع “إذا كان القطاع السياحي قد أظهر صمودا خلال أزمة كوفيد 19 رغم فرض قيود لمدة سنتين تقريبا، فقد تم بذل جهود كبيرة من قبل المكتب الوطني المغربي للسياحة والمجلس الجهوي للسياحة وعدد من المتدخلين والمهنيين في القطاع”.
ويرى السيد أماليك أنه في كل مرة تكون فيها أزمة، يتمتع قطاع السياحة بهذه الميزة الخاصة ليكتسب مزيدا من القوة، مشيرا إلى أن استراتيجية المكتب الجهوي للسياحة تروم أولا الحفاظ على صدارة وجهة مراكش في الأسواق التقليدية أكثر من غيرها، والتنافس على المزيد من الأسواق الأخرى المهمة، مثل أمريكا اللاتينية، وروسيا، والصين، واليابان. وخلص إلى أنه ينبغي إحداث قصر عروض خاص بمدينة مراكش.