قال رئيس شركة “سينسيو فارماتيك” (Sensyo Pharmatech)، عثمان بنجلون، إن الوحدة المتخصصة في تصنيع اللقاح المضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى، والتي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الخميس الماضي ببنسليمان، حفل إطلاق أشغال إنجازها، تندرج ضمن مبادرة أوسع تروم المضي بالمغرب نحو عهد جديد لعلوم الصحة.
وأوضح بنجلون، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن “هذه الوحدة المتطورة المتخصصة في تصنيع اللقاحات تعد جزءا من مبادرة أكبر بكثير تهدف إلى المضي بالمغرب نحو عهد جديد لعلوم الصحة يشمل إقامة منظومة صناعية جديدة وكذا مركز للتميز والابتكارات مخصص للصناعات الصيدلية والبيوتكنولوجية”.
وأوضح في هذا الصدد، أن مركز التميز والابتكارات سيضم كامل سلسلة القيمة المرتبطة بالصناعة الصيدلية، ما سيؤدي إلى الرقي بالمملكة إلى مصاف الفاعلين القاريين والدوليين.
وأشار إلى أنه من خلال البحث الصيدلاني والتطوير السريري والتصنيع المطابق لأعلى المعايير العالمية، وكذا تسويق المنتجات البيو صيدلية، سينجح المغرب في التحدي المتعلق بتزويد القارة الإفريقية والعالم بالأدوية الأساسية.
وأبرز أن طموح المغرب ليصبح مركزا إقليميا وعالميا لتصنيع وتوزيع اللقاحات من شأنه أن يشكل على المديين المتوسط والبعيد مصدر إلهام للعديد من البلدان الإفريقية، مضيفا “تواصل معنا مستثمرون قاريون من أجل تحديد فرص التعاون ونقل التكنولوجيا والاستثمار المشترك في وحدات إنتاجية محلية”.
وعن التأثير الذي من شأن هذه الوحدة الصناعية أن تحدثه لصالح السيادة اللقاحية للمملكة والقارة الإفريقية، أشار رئيس “سينسيو فارماتيك” إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ذكّر في خطابه إلى الأمة بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش، بأهمية السيادة الصحية، مضيفا في هذا السياق أن هذه الوحدة الجديدة لتصنيع اللقاحات والعلاجات البيولوجية تمثل نقطة الانطلاق من أجل تحقيق السيادة الدوائية والصحية للمملكة.
وتابع بنجلون أن هذا الأمر أصبح يكتسي أهمية بالغة، لا سيما وأن الأزمة الصحية الراهنة أظهرت أنه يجب على القارة الإفريقية أن تعتمد من الآن فصاعدا على وسائلها وبنياتها الصحية ومواردها البشرية الخاصة.
وبعدما أشار إلى أن تلقيح الشعوب الإفريقية ضد كوفيد-19 يعتمد في الوقت الراهن، بشكل أساسي، على هبات وصادرات الولايات المتحدة والصين وعدد من البلدان الأوروبية، أبرز السيد بنجلون أنه بفضل الطاقة الإنتاجية الضخمة للجرعات اللقاحية، ستساهم وحدة “سينسيو فارماتيك” في مبادرة تسريع وتيرة بلوغ الاكتفاء الذاتي لإفريقيا من اللقاحات المضادة لكورونا والمنتجات الصيدلية الأخرى التي تحتاجها القارة.
وأكد أن هذا المشروع الصناعي يندرج ضمن رؤية جلالة الملك من أجل إرساء “رائد قاري” بالمملكة في مجال الصناعات البيوتكنولوجية خلال السنوات الخمس القادمة.
وأوضح أن هذا المشروع يهم إحداث مصنع لتصنيع وتعبئة اللقاح (المضاد لكوفيد ولقاحات أخرى)، يحتوي على ثلاثة خطوط صناعية تبلغ قدرتها المشتركة للإنتاج حوالي 120 مليون وحدة في السنة، أي زهاء 500 مليون جرعة.
وستخصص هذه الخطوط لإنتاج محاقن معبأة مسبقا، وقارورات للسوائل وأخرى مجففة بالتجميد. ويتراوح الاستثمار المرتقب بين 230 إلى 250 مليون دولار أمريكي، فيما يرتقب إطلاق الإنتاج قبل متم سنة 2022.
وفيما يتعلق بمراحل تنفيذ المشروع، أشار السيد عثمان بنجلون إلى أن الخطوة الرئيسية الأولى قد تم تنفيذها في الربع الأخير من عام 2021 عبر الشراكة الاستراتيجية مع الشركة السويدية “ريسيفارم”، الرائدة على الصعيد العالمي في مجال صناعة الأدوية.
وأضاف “نعمل على بناء مصنع “Fill & Finish” ببنسليمان قبل متم السنة الجارية، وجعله موقعا لإنتاج لقاحات وعلاجات حيوية بمستوى جودة ومعايير تنظيمية معترف بها عالميا”، مشيرا إلى أنه اعتبارا من سنة 2024، تعتزم “سينسيو فارماتيك” ضمان الاكتفاء الذاتي للمملكة من اللقاحات والتموقع كمنتج رائد للعلاجات الحيوية على مستوى القارة الإفريقية والعالم.
وبخصوص تنفيذ المشروع في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، أبرز السيد بنجلون أن الأزمة الصحية الحالية كشفت، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن تطوير البنى التحتية السيادية يساهم حتى في مستقبل البلدان.
وقال إنه “في إطار مشروع (سينسيو فارماتيك)، توحد الشراكة بين القطاعين العام والخاص جهود السلطات العمومية، والتحالف الذي يضم فاعلين ماليين (بنك أوف أفريكا والتجاري وفا بنك والبنك الشعبي المركزي)، إضافة إلى مجموعة “ريسيفارم”، أحد الرواد العالميين في مجال المناولة الدوائية، المعروفين أيضا باسم (منظمات تطوير العقود والتصنيع)، والتي يتمثل عملها الأساسي في تصنيع وتعبئة اللقاحات والمنتجات الصيدلانية”.
وبحسب بنجلون، فإن كل شريك سيضع خبراته رهن إشارة هذا المشروع، وهو ما سيمكن من الاعتماد على خبرات نادرا ما تجتمع في مشاريع التطوير التقليدية.
وأضاف أن “الشركاء، في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يجدون أنفسهم حول مشروع مشترك مع مواصلة سعيهم لتحقيق أهدافهم الخاصة (..) ونأمل أن يشكل هذا النوع من الشراكة مرجعا لقطاعات أخرى ولمعالجة أولويات استراتيجية أخرى”.
كما لفت رئيس شركة “سينسيو فارماتيك” إلى أن اختيار بنسليمان لإقامة المشروع لم يكن من قبيل الصدفة، مبرزا أنه يندرج أولا وقبل كل شيء في إطار الإرادة الملكية الرامية لبروز منظومة صناعية جديدة بهذا الإقليم، وكذا مركز للتميز والابتكارات مخصص لصناعة الأدوية والبيوتكنولوجيا.
وقال في هذا الصدد، “إن مدينة بنسليمان تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي ( بين مدينتي الرباط والدار البيضاء). فقد تمكنت شركة “سينسيو فارماتيك” من الحصول على موقع يفسح المجال لتطوير وحدات صناعية جديدة (غرين فيلد) مع التوفر على وعاء عقاري كاف بالقرب من مطار بنسليمان. هذه ميزات مهمة للغاية بالنسبة لهذا النوع من المشاريع الكبرى”.
وأعرب عثمان بنجلون عن قناعته بأن هذا المشروع سيشكل بالنسبة لإقليم بنسليمان قاطرة تجعل منه، في نهاية المطاف، منطقة اقتصادية مرجعية وقطبا صناعيا جهويا سيتم تطعيمه بالعديد من مراكز الحياة.