عندما يتعلق الأمر بفيروس (كوفيد-19)، لا بد من أخذ العديد من العوامل في الاعتبار لحماية نفسك وغيرك من العدوى.
وتقول صحيفة “لوبس” (L’Obs) الفرنسية إن كثيرا من الأشخاص يتساءلون عن مخاطر الاختلاط بالناس في أماكن ضيقة مثل مقر العمل، ووسائل النقل العام، خاصة في ظل الانتشار السريع للمتحور (أوميكرون).
ناقلان لعدوى (كورونا)
تنتقل عدوى (كوفيد-19) بشكل أساسي عن طريق إفرازات الأنف أو الفم، التي تنتشر في الهواء عند التحدث أو السعال أو العطاس أو مع التنفس بشكل عام. وتتخذ هذه الإفرازات شكلين: أولهما قطرات الرذاذ التي يراوح حجمها من ميكرومتر إلى مليمتر وتحط على الأرض أو على أي سطح يعترضها في نطاق مسافة تقل عن مترين، وثانيهما الهباء الجوي وهو عبارة عن جزيئات دقيقة جدا يراوح حجمها بين بضعة آلاف من الميكرومتر إلى 100 ميكرومتر ويمكن أن تنتقل في الهواء مسافة تجاوز المترين.
وعلى عكس قطرات الرذاذ الكبيرة، يمكن لجزيئات الهباء الجوي أن تطفو في الهواء بضع دقائق، وقد تبقى عالقة به مدة تصل إلى عشرات الدقائق وإلى أكثر من ذلك في القطرات الدقيقة جدا بعد تبخرها في بيئة مغلقة هواؤها راكد.
4 قنوات انتقال
أشارت الصحيفة إلى أن قطرات الرذاذ والهباء الجوي الصادرة من شخص مريض هما أول ناقلين لعدوى (كوفيد-19).
وتنتقل العدوى من خلال قطرات الرذاذ التي تدخل مجرى التنفس أو عبر الفم أو العينين إذا كانت المسافة بين المصاب ومن يحيط به أقل من مترين، في حين يمكن أن يصل الهباء الجوي إلى الجهاز التنفسي حتى على بعد مسافة تزيد على مترين.
ويمكن أن تحدث العدوى أيضا من خلال الاتصال الجسدي بسطح ملوث بقطرات الرذاذ والهباء الجوي الذي يحمل جزيئات الفيروس.
ويمكن أن يكون الاتصال مباشرا، على سبيل المثال عندما يسعل شخص مصاب في يده أو ينفث من أنفه، ثم يصافح بعد ذلك شخصا آخر يلمس بعد ذلك وجهه بيديه.
وتكون العدوى غير مباشرة عن طريق لمس سطح ملوث، على سبيل المثال عندما يلمس المرء مقبض باب ملوث ثم يلمس مرة أخرى وجهه.
نقل العدوى دون اتصال مباشر أمر مؤكد
ذكرت الصحيفة أن احتمال نقل عدوى (كوفيد-19) دون اتصال مباشر مثل موضوعا للعديد من الدراسات والفرضيات التي راجعتها أخيرا الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية، وأظهرت أن هناك مجموعة قوية من الأدلة تثبت انتقال العدوى عن طريق الهباء الجوي المحمل بالجسيمات المعدية.
وأظهرت دراسة مخبرية أن فيروس “سارس كوف-2” (الاسم العلمي لفيروس كورونا) يمكن أن يعيش في قطرات الرذاذ، وهذا يعني أن نقل العدوى عبر الهواء ممكن أيضا.
وثبتت صحة هذه الفرضية بالإبلاغ عن حدوث حالات عدوى بين صفوف الأشخاص الذين عزلوا في غرف الفنادق المتاخمة لبعضها، حيث انتشر الفيروس بينهم عن طريق نظام تكييف الهواء. واكتُشف جينوم الفيروس في مرشحات وحدات مناولة الهواء وقنوات التهوية في المستشفيات التي استضافت مرضى (كوفيد-19).
كثافة الجزيئات الفيروسية ومدة التعرض تزيد خطر العدوى
لا يزال من المستحيل تحديد نسبة العدوى لكل طريقة ينتقل بها الفيروس، ولكن المؤكد أن جزيئات الفيروس في بيئة مغلقة وسيئة التهوية يوجد فيها شخص مصاب بـ (كوفيد-19) أو أكثر سوف تتراكم في الهواء حتى تصل إلى تركيزات كافية لنقل العدوى بين الآخرين، وكلما زادت كثافة جزيئات الفيروس في الهواء، وطالت مدة التعرض زاد خطر العدوى خاصة عند عدم ارتداء القناع الطبي.
يمكن أن يعيش فيروس “كوفيد-19” في الهواء مدة تصل إلى 3 ساعات، في حين يفقد نصف نشاطه بعد نحو ساعة خارج جسم المضيف في ظل ظروف تجريبية (رطوبة 65 في المائة وحرارة 21-23 درجة مئوية) وهو ما يتوافق مع بيئة داخلية شتوية. كما تبين أن درجات الحرارة المنخفضة والرطوبة النسبية الشديدة يمكن أن تسمح للفيروس بالبقاء على قيد الحياة مدة أطول.
الحد من انتشار الفيروس عبر الهواء
أشارت الصحيفة إلى أن مشكلة انتقال العدوى عبر الهواء تكون مطروحة بشكل خاص في البيئات الداخلية السيئة التهوية عند ارتفاع عدد الأشخاص الموجودين فيها، مع وجود أنشطة بدنية أو صوتية متواصلة، فضلا عن عدم ارتداء الأقنعة. وذلك ينطبق على الفصول الدراسية في المؤسسات التعليمية، والمطاعم والقاعات الرياضية وقاعات الحفلات الموسيقية والحمامات العامة.
ولمنع خطر العدوى، لا بد من الحرص على ارتداء قناع طبي وتهوية المكان الذي أنت فيه جيدا للتقليل من جزيئات الفيروس في الهواء.
ويعد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء مؤشرا جيدا لمعرفة وقت تهوية الغرفة، ويوصي المجلس الأعلى للصحة العامة بحد أدنى لثاني أكسيد الكربون في حدود 800 جزء في المليون، وإذا زاد على ذلك تكون التهوية حينئذ أمرا ضروريا.