يشهد العالم يوميا تعافي آلاف الحالات من فيروس (كورونا)، وهؤلاء المتعافون بحاجة إلى الاستمرار في اتباع الإجراءات الاحترازية وعدم التهاون، لأنهم ليسوا في مأمن من الإصابة مجددا بالفيروس، بحسب دراسات وحالات سجلت عالميا إصابتها بالفيروس للمرة الثانية، وكشفت عن أن الوقاية من الإصابة مجددا مطلب ضروري لنحمي المجتمع من مضاعفات المرض، وذلك عبر اتباع توجيهات الجهات الصحية والالتزام بكافة الإجراءات للتصدي للوباء.
وقدم أطباء رسالة للأشخاص الذين أصيبوا ب (كورونا) سابقا بأن لا يستهينوا بالإجراءات الاحترازية، وأن يحرصوا على أخذ اللقاح تحسبا للإصابة مرة أخرة وربما ينشر العدوى لغيره، وحتى بعد تلقي التطعيم، فإن الشخص لا يزال بحاجة إلى اتخاذ تدابير احترازية مثل وضع القناع، وغسيل اليدين، وتجنب الأماكن المزدحمة، والتباعد الجسدي، خاصة أن العالم لا يزال يتعامل مع مرض جديد، وفي مرحلة التعلم والاكتشاف حاليا.
وأكد د.عادل السجواني، أخصائي طب أسرة، أنه سجلت حالات في مختلف دول العالم لإصابة أشخاص مرتين بفيروس (كورونا)، وهذا يدل على عدة أمور، لكن من غير الواضح سبب الإصابة مرة أخرى، أو سبب الإصابة بنوبات (كورونا) مرتين، وهذا يدل على أن المناعة قد تقل بعد مناعة الإصابة الأولى ب (كورونا)، فهناك نوعان من المناعة في الجسم، فالشخص الذي يصاب ب (كورونا) ويتعافى تصبح لديه مناعة طبيعية، وهناك الشخص الذي لم يصب ب (كورونا) وحصل على اللقاح فاكتسب مناعة عبر اللقاح، وثمة دراسات أثبتت أن مناعة اللقاح أطول، وأن الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس وتعافوا لم تدم المناعة لفترة طويلة، بالتالي قد يكون تراجع المناعة وعدم وجود أجسام مضادة سبب الإصابة.
وأضاف “قد تكون هناك أسباب أخرى متعلقة بالمتحورات.. فالشخص الذي أصيب بمتحور ب (كورونا) ويصاب بعد أشهر بمتحور من نوع آخر، وأغلب الإصابات المرة ثانية بكورونا عالميا كانت معتدلة وبأعراض أقل من الإصابات الأولى، لكن توجد حالات سجلت عالميا كانت الإصابة الثانية أكثر شدة من الأولى، والجدير بالذكر أن اللقاحات إلى الآن تحمي من الإصابة الشديدة ودخول المستشفى وتقليل الوفيات مع مختلف المتحورات، ورسالتنا للأشخاص الذين أصيبوا بكورونا سابقا أن لا يستهينوا بالإجراءات الاحترازية، والحرص على أخذ اللقاح، لأنه قد يصاب مرة أخرة، وقد ينشر العدوى لغيره”.
التهاون لا ينفع
أكد د.سيف درويش أخصائي طب المجتمع، أن الشخص قد يصاب مرة ومرتين بفيروس (كورونا)، وأثبت ذلك عالميا بعد رصد عدد من الحالات، فالجسم بعد الإصابة الأولى أو بعد الحصول على اللقاح يحصل على المناعة وعلى أجسام مضادة، وتلك المناعة قد تقصر أو تطول، فالتهاون لا ينفع في مواجهة (كورونا)، والالتزام بالإجراءات الاحترازية ضرورة سواء أصيب الشخص بكورونا سابقاً أو لم يصب، خاصة أن الفيروس يتحور.
وأوضح أن اتباع توجيهات الجهات الصحية ضرورة، مع الحرص على ارتداء الكمامات وغسل اليدين والابتعاد عن التجمعات.
عدوى الاختراق
وترى الدكتورة سارلا كوماري، أخصائية السكري بالمستشفى الكندي التخصصي، أنه يمكن أن يصاب الشخص مرتين بالفيروس، فهذا يعتمد على قوة جهاز المناعة لديه، كما قد يصاب بسلالتين مختلفين من الفيروس على فترات متباعدة، خاصة أنه لدينا حاليا سلالات أخرى من الفيروس، لاسيما (دلتا) التي تعتبر من الأشد فتكا. ومن المهم هنا استبعاد احتمالية أن تكون الإصابة الثانية، مجرد امتداد للأولى، وقد تم التأكد بالدليل القاطع أن الشخص يمكن أن يصاب مرتين بسلالات مختلفة.
وقالت منظمة الصحة العالمية، إنه على الرغم من أن ذلك يعتبر نادرا، لكن الأبحاث تظهر أن الأشخاص الذين أصيبوا مرة ب (كورونا) يمكن أن يتعرضوا للإصابة بالفيروس مرة ثانية عندما تضعف استجابتهم المناعية.
وقالت “لا يوجد لقاح فعال بنسبة 100 في المائة، والأشخاص المطعمون يمكنهم التقاط الفيروس مجددا. ومثل هذه الحالات، المعروفة ب (عدوى الاختراق)، يمكنها أن تتسبب بأعراض شبيهة ب (كوفيد ـ19) أو قد لا تتسبب بأعراض أبدا. واللقاحات تعتبر فعالة في الوقاية من المضاعفات الخطِرة والمسببة للوفاة، لكنها لا تشكل حماية تامة من فيروس (كورونا).
وأوضحت أن البعض يعتقد بأن إصابته ب (كورونا) تحميه من الإصابة مرة ثانية، وقد يتهاون في اتباع الإجراءات ومن الأهمية بمكان هنا أنه حتى بعد تلقي التطعيم، فإن الشخص لا يزال بحاجة إلى اتخاذ تدابير احترازية مثل وضع القناع وغسيل اليدين وتجنب الأماكن المزدحمة والتباعد الجسدي. نحن لا نزال نتعامل مع مرض جديد، وفي مرحلة التعلم والاكتشاف حاليا، فالعام الماضي كانت لدينا سلالة ألفا والآن لدينا سلالة دلتا الخطِرة جدا. وبناء على ذلك يمكننا إدراك خطورة الوضع حاليا، وبالنسبة للقاحات، فإنه لدينا حاليا عدد من اللقاحات التي تختلف نسب فاعليتها، وليست لدينا معلومات كافية لمعرفة كم من الوقت ستوفر الحماية للمطعمين.
ونبهت الدكتورة سارلا كوماري، إلى أن الإصابة الثانية قد تكون بدون أعراض، وبالتالي يكون الشخص مصدرا لنقل العدوى لأقاربه، هذا الاحتمال وارد، قد يصاب الشخص بالفيروس مرة ثانية دون ظهور أعراض عليه أو قد تكون أعراض خفيفة جدا كالتعب والزكام الخفيف أو بدون أعراض أبدا، وهذا يعتمد على مناعتنا. ولكن حتى في هذه الحالات، فإن المصاب يمكن أن ينقل العدوى لأشخاص آخرين، ولهذا السبب بالتحديد يتعين علينا اتخاذ الإجراءات الاحترازية العامة لحماية الآخرين من الفيروس، وعلينا أيضا أخذ اللقاح لحماية أنفسنا من المضاعفات الخطرة للعدوى.
الالتزام بالإجراءات
وأكدت د. انجى اسكندر، أخصائي الطب الباطني في المستشفى الدولي الحديث بدبي، أنه فعليا ثمة أشخاص أصيبوا مرتين بفيروس (كورونا)، وهذا يستدعي الحرص على الالتزام بالإجراءات الاحترازية بشكل مستمر ودائم، والحرص على الحصول على اللقاح، مع اتباع توجيهات الجهات الصحية، والمناعة من التطعيم ليست 100 في المائة، وهناك احتمال حدوث عدوى ولا توجد مناعة الكاملة، لأن الفيروس يغير شكله ويجب دائما اتخاذ اللازم للوقاية من الفيروس، حيث يجب ارتداء الكمامات، وغسل وتطهير الأيدي بصورة منتظمة، والالتزام بالتباعد الجسدي.
ولفتت إلى أنه يمكن للفيروس، أن يصيب شخص بدون أعراض، فبالتالي يكون الشخص معدٍ من دون علمه، فالالتزام بالإجراءات واجب.
تجارب التحدي
نفذ علماء بريطانيون، تجربة تم خلالها تعريض أشخاص أصيبوا من قبل ب (كوفيد- 19)، لفيروس (كورونا) مرة أخرى لفحص الاستجابات المناعية ومعرفة ما إذا كان الناس سيصابون مرة أخرى.
وأصبحت بريطانيا، في فبراير الماضي، أول دولة في العالم تمنح الضوء الأخضر لما يسمى “بتجارب التحدي” على البشر والتي يتعرض فيها المتطوعون عمدا ل “كوفيد- 19” لتعزيز البحث في المرض الناجم عن فيروس (كورونا)، وذلك في محاولة لتعميق فهم المناعة بدلا من إصابة الناس للمرة الأولى.
وقالت هيلين ماكشين، أخصائية اللقاحات بجامعة أكسفورد وكبيرة الباحثين في الدراسة، “ستسمح لنا المعلومات التي نحصل عليها من هذا العمل بتصميم لقاحات وعلاجات أفضل وكذلك لفهم ما إذا كان الناس يصبحون محميين بعد الإصابة بفيروس (كورونا) وإلى متى”.
وأضافت أن العمل سيساعد على فهم ما الذي تحمي منه الاستجابات المناعية للحيلولة دون الإصابة مرة أخرى بالمرض.
الإصابة للمرة الثالثة
أكد كبير الأطباء في مركز «ليدر ميديسين» الطبي الروسي، يفغيني تيماكوف، أنه جرى تسجيل إصابات بفيروس (كورونا) للمرة الثالثة في مناطق متفرقة من العالم وكانت أكثر حدة.
وأوضح أن هذا يعني أن الفيروس يتجاوز الحواجز المناعية ويصيب بهدوء للمرة الثانية أو الثالثة، وغالبا ما تكون المرة الثالثة أقوى من المرتين السابقتين.
وأشار إلى خصوصية طفرة “دلتا الهندية” المرتبطة بالموجة الثالثة من المرض في البلاد، وأنه في اليوم السابع إلى الثامن بعد الإصابة، قد تسوء حالة المصاب لدرجة الحاجة إلى العلاج في المستشفى.