أثار تفشي حالات الإصابة المتصاعدة بمتحور “دلتا” من فيروس (كورونا)، قلقا في العالم، حتى في الصين التي أثبتت نجاعة فائقة في التصدي للوباء، إذ رصدت ما يزيد على 300 حالة إصابة بمتحور “دلتا” في 10 أيام، الأمر الذي دفع إلى توسيع الفحوص الطبية لتشمل الملايين، وفرض قيود على سفر المواطنين في عدد من المقاطعات.
هل متحور دلتا أشد خطورة؟
خلص تقرير نشره موقع شبكة “بي. بي. سي” البريطانية إلى أنه لا يوجد دليل على أن متحور “دلتا”، أو أي من المتحورات الأخرى، يسبب مرضا أشد خطورة للغالبية العظمى من الأشخاص. وكما هو الحال مع الفيروس الأصلي، تظل نسبة الخطر أعلى في فئة كبار السن أو الذين يعانون أمراضا مزمنة.
ولكن على الرغم من ذلك، إذا كان المتحور أشد عدوى، فقد يؤدي الأمر إلى تسجيل مزيد من حالات الوفاة بين الأشخاص غير الحاصلين على اللقاح. وتوفر اللقاحات حماية عالية من الأمراض الشديدة المصاحبة لـ”كورونا”، بما في ذلك العدوى التي تسببها المتحورات مثيرة القلق، كما تقلل اللقاحات من خطر الإصابة، بيد أنها ليست مثالية ولا تقضي تماما على جميع الأخطار.
وتظل النصيحة الأساسية لتفادي الإصابة بالعدوى كما هي بالنسبة لجميع المتحورات: اغسل يديك، وحافظ على مسافة بينك وبين الآخرين، وضع كمامة على وجهك واحرص على التهوية.
عمل المتحورات
توجد الآف الأنواع، أو المتحورات، المختلفة لفيروس (كورونا) في شتى أرجاء العالم. ويبدو أن أحدها، والمعروف باسم متحور “دلتا” الذي ينتشر بسرعة في العديد من الدول، ومن بينها بريطانيا، أصبح المتحور السائد المتسبب بمعظم الإصابات الحالية. الفيروسات تتحور باستمرار، وتبدو معظم التحورات غير منطقية، حتى إن بعضها يؤذي الفيروس نفسه، بيد أن تحورات أخرى تجعل المرض أشد عدوى أو تهديدا، بل تميل بعض التحورات إلى أن تصبح نماذج مهيمنة.
وخضعت جميع المتحورات المثيرة للقلق لتغييرات في البروتين الشوكي (البروتين الذي يشكل أكليل الأشواك أو النتوءات المحيطة بالفيروس)، وهو جزء من الفيروس يخترق الخلايا البشرية.
ويحتوي متحور “دلتا” على بعض العناصر المهمة المحتملة التي قد تجعله ينتشر بسهولة أكبر. ويقول مسؤولون في بريطانيا إنه لا يوجد دليل يشير إلى أنه يسبب مرضا أشد خطورة أو قد يجعل اللقاحات الحالية أقل فعالية. ويبدو أن تحورا واحدا، يعرف باسم (N501Y)، تشترك فيه متحورات “ألفا” و”غاما” و”بيتا”، يجعل من السهل على الفيروس إصابة الخلايا والانتشار.
طفرة وراثية
وفقا لتقرير «بي بي سي»، يحتوي المتحوران “بيتا” و”غاما” على طفرة وراثية رئيسة أو تحور يعرف باسم (E484K)، قد يساعد الفيروس على تجنب بعض دفاعات الجسم المناعية. كما رصد الخبراء عدداً صغيرا من حالات إصابة بمتحور ألفا تحتوي على هذا التحور.
هل تظل اللقاحات فعالة للحماية من المتحورات؟
يقول الخبراء إن اللقاحات لا تزال فعالة للغاية في حماية البشر والحد من خطر الإصابة الشديدة. ووفقا لتقرير «بي بي سي»، أظهر تحليل أجرته هيئة الصحة العامة في بريطانيا أن اللقاح من جرعتين يوفر فعالية بنسبة تزيد على 90 في المائة تجعل الأشخاص لا يلجأون إلى المستشفى نتيجة الإصابة بمتحور “دلتا”.
وعلى الرغم من ذلك، كانت جرعة واحدة أقل فعالية من ناحية الوقاية من الإصابة بمتحور دلتا، مقارنة بمدى فعاليتها ضد متحور ألفا.
ويقول الأطباء إنه من الضروري أن يحصل المرء على جرعتين من اللقاح لتوفير أعلى قدر من الحماية ضد المتحورات الحالية والناشئة.
واعتمادا على كيفية استمرار تطور متحورات الفيروس، يمكن أن توفر جرعات لقاح معززة على الأرجح حماية لكبار السن أو الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة إكلينيكيا في وقت لاحق من العام.