قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أمس الجمعة بتطوان، إن بحث ترشيد معضلة الاعتقال الاحتياطي ظل، ولا يزال، الانشغال الأهم لمنظومة القضاء.
وأضاف عبد النباوي، في كلمة تلاها نيابة عنه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف مصطفى لغزال بمناسبة انعقاد يوم دراسي حول الاعتقال الاحتياطي بالمغرب، أن هذا الاعتقال هو تدبير استثنائي، تتحقق معه مصلحة المجتمع في حمايته من مخاطر الجرائم، لكنه يتماس مع “قرينة البراءة” التي أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما كرستها دساتير الدول الديمقراطية، ومن بينها دستور المغرب.
وأبرز أن المشرع المغربي حرص على تنظيم هذا الاعتقال بما يضمن التوفيق بين الحق في الحرية وضرورات حسن سير العدالة وحماية المجتمع من الجريمة”.
وبعد أن سجل أن الاعتقال الاحتياطي كان وما يزال من بين أكبر انشغالات السياسة الجنائية بالمغرب بسبب صلته باكتظاظ السجون، أشار إلى أن تتبع الموضوع يؤكد أن العلاقة بين الموضوعين ليست دائما مؤشرا على ذلك، حيث إن 2 في المائة فقط من المعتقلين الاحتياطيين يحكمون بالبراءة، وحوالي 90 في المائة تمت إدانتهم بعقوبات سالبة للحرية.
وذكر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بأن قرارات الاعتقال الاحتياطي تتأثر أحيانا بالضغط الاجتماعي، فضلا عن عدم وجود بدائل كافية للاعتقال الاحتياطي تتيح تدبير قضايا المعتقلين بما يحقق التوازن بين حماية حرية المشتبه فيهم والمتهمين وحماية الأمن العام، مستعرضا الإجراءات المتخذة لتصفية القضايا في آجال معقولة وترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.
وبهذا الخصوص، حث على ضرورة الاطلاع القبلي على ملفات المعتقلين ومباشرة الإجراءات في إبانها، وتحرير الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة في قضايا المعتقلين في أجل معقول، وتوجيه القضايا المطعون فيها بالسرعة المطلوبة، والتعجيل بتنفيذ الإنابات القضائية، والتحسيس بأهمية تفعيل بدائل الاعتقال الممكنة، وتكوين خلايا موضوعاتية لتصفية قضايا المعتقلين الاحتياطيين.
ولتعزيز النتائج الإيجابية المحققة في السنوات الأخيرة على مستوى تقليص نسبة المعتقلين الاحتياطيين، ذكر عبد النباوي أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية حث الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية على التنسيق مع المسؤولين القضائيين بالنيابات العامة لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لتصريف قضايا المعتقلين الاحتياطيين، مستعرضا سلسلة الدوريات الصادرة في هذا الصدد.
وخلص إلى أنه لازالت هناك إكراهات، خارجة عن اختصاص القضاء، تحول دون النزول إلى المعدلات والنسب المئوية للاعتقال المعتمدة دوليا وتحد من المجهودات المبذولة لترشيد الاعتقال الاحتياطي، مشيرا في هذا الصدد أساسا إلى المفهوم الواسع للمعتقل الاحتياطي في التشريع المغربي مقارنة مع باقي القوانين المقارنة، وتزايد الظاهرة الإجرامية مع ما صاحبه من تزايد في عدد قضايا المعتقلين، وتأخر سن خيارات تشريعية جديدة أو بديلة لعدد من الإجراءات بما يتلاءم مع صيانة الحقوق والحريات.
وقد جرى هذا اليوم الدراسي بحضور، على الخصوص، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، ونقيب هيئة المحامين بتطوان، ورئيس المرصد المغربي للسجون، وعدد من المسؤولين القضائيين والمحامين وممثلي المهن المساعدة للعدالة.